وشهد شاهد من أهله.. "اليهود خطر على أميركا"
"اليهود أنانيون إلى أبعد الحدود، وعندما يصبحون أقوياء يصبحون أكثر خطراً من هتلر وموسوليني. ولا يفكّر اليهود إلا بأنفسهم ولا يهمهم كم قتل من الشعوب الأخرى، لأنّ ما يهمّهم هو أن يتحدّث الجميع عن معاناتهم هم فقط ودون الآخرين".
قبل وبعد سقوط دولة الأندلس الإسلامية في إسبانيا عام 1492 حيث تمّ طرد اليهود منها، وقام السلطان بيازيد بنقل البعض منهم إلى أراضي الدولة العثمانية، لجأ آخرون منهم إلى هولندا. وبعد اكتشاف القارة الأميركية من قبل كولومبس وإنشاء مستعمرة راسيف الهولندية في البرازيل الحالية انتقلت بعض العائلات اليهودية للعيش في هذه المستعمرة. وعندما استولى البرتغاليون عام 1654 على مستعمرة راسيف هرب اليهود إلى المستعمرات الهولندية في جزر الكاريبي، فيما قامت بعض سفن القراصنة بنقل 23 يهودياً إلى ميناء نيو أمستردام التي أصبح اسمها لاحقاً نيويورك.
وفي البداية اعترض محافظ المدينة على إسكان اليهود بعد أن وصفهم بأنّهم "أبناء الدين المزوّر" ورفض الاعتراف لهم بأي حقوق مدنية. وعندما استولى الإنكليز على المدينة عام 1744 تنفّس اليهود الصعداء بعد أن اعترف الحاكم البريطاني لهم بالحقوق كافة بما في ذلك بناء دور العبادة وفتح المحال التجارية. وفي عام 1820 وصل عدد اليهود في أميركا إلى أربعة آلاف وفي عام 1840 إلى 15 ألفاً، وفي العام 1861 إلى 150 ألفاً 40 ألفاً منهم في نيويورك. وفي الفترة 1881 ـــــ 1924 هاجر نحو مليوني يهوديّ من روسيا ودول أوروبية متعددة إلى أميركا.
وكان الرئيس بنيامين فرانكلين أوّل من تنبّأ بخطر اليهود على أميركا كما كانوا خطراً على روسيا، حيث ألقى كلمته الشهيرة في المؤتمر التأسيسي للدستور الأميركي في فلاديلفيا عام 1787 وقام بنقل نصّها عضو المؤتمر تشارلز كوتسورث بينكني Charles Cotesworth Pinckney الذي رشّح نفسه لاحقاً مرتين في الانتخابات الرئاسية عام 1804 و1808 إلا أنّه لم يفز.
ومع أنّ البعض شكّك في حقيقة هذا النص إلا أن اليهود لاحقاً شنّواً هجوماً لاذعاً ضد الرئيس فرانكلين وعدّوه من أشدّ المعادين للسامية، خاصة بعد أن تطرّق وليام دادلي بيلي لهذا النص في كتابه الذي نشره عام 1934، حيث تضمّن النص كلاماً أزعج اليهود وكلّ منظّماتهم وهيئاتهم التي باتت تسيطر على عدد كبير من القطاعات السياسية والاقتصادية والمالية والإعلامية والاجتماعية، وهو ما كان يؤيّد قناعات فرانكلين بحقّ اليهود.
حيث قال في خطابه المذكور لدى مناقشة بنود الدستور: "هناك خطر عظيم يهدّد الولايات المتحدة الأميركية ومصدر هذا الخطر هو اليهود. أيها السادة انظروا إلى الدول التي يعيش فيها اليهود.. فهم يستهدفون القيم المعنوية للشعوب ويدمّرونها ويفسدون العلاقات التجارية المبنية على الثقة، وهم دائماً منعزلون ولا يندمجون مع غيرهم في المجتمعات التي يعيشون فيها، وعندما يتعرّضون لأي ضغوط أو اضطهاد يعملون على خنق الشعوب والدول مالياً كما فعلوا ذلك في البرتغال وإسبانيا. وهم يتحججون دائماً بطردهم من الأراضي المقدّسة بالنسبة إليهم، ويستغلون المشاعر العاطفية للناس وكأنهم مضطهدون".
وأضاف "إنني أحذّركم مرة أخرى لأنّ العالم المتحضّر إذا أعطى فلسطين بالكامل لهم فسوف يختلقون الحجج حتى لا يذهبوا إلى هناك ويبقوا هنا. وإذا لم نبعد هؤلاء عن بلادنا بنص الدستور فإنهم سيتدفّقون كالسيل إلى الولايات المتحدة في غضون مئة سنة، هذا إلى درجة أنهم سيحكمون شعبنا ويدمّرونه ويغيّرون شكل الحكم الذي بذلنا في سبيله دماءنا وضحّينا لأجله بأرواحنا وممتلكاتنا وحرياتنا الفردية. ولن تمضي مئتا سنة حتى يكون مصير أحفادنا أن يعملوا كالعبيد في الحقول لإطعام اليهود الذين يجلسون في بيوتهم وهم يفركون أياديهم مغتبطين".
وأردف "إنني أحذركم أيها السادة، من أنكم إن لم تبعدوا اليهود نهائياً فلسوف يلعنكم أبناؤكم وأحفادكم في قبوركم لأنّ اليهود لا ولن يلتزموا بمثلنا العليا ولو عاشوا بيننا عشرة أجيال. إن اليهود خطر على هذه البلاد إذا ما سمح لهم بحرية الدخول، إنهم سيقضون على مؤسساتنا، وعلى ذلك لا بدّ من أن يستبعدوا بنص الدستور الذي يجب أن يتضمّن مادة تساعدنا لطردهم من أراضينا".
عندما ألقى فرانكلين خطابه هذا كان عدد اليهود في أميركا نحو ألفين، وعدّهم فرانكلين آنذاك وحتى بهذا التعداد خطراً على دولته الناشئة التي تحوّلت إلى مستعمرة يهودية خلال مئتي عام وفقاً لنبوءة فرانكلين، الذي أكد صحة أقواله الرئيس ترومان بعد 160 عاماً من ذلك، فقد كشف الأرشيف الخاص بالرئيس ترومان الذي تمّ رفع السرية عنه عام 2003 عن وثيقة كتبها بخط يده في 21 تموز/يوليو1947 أي قبل قرار التقسيم بأربعة أشهر يقول:
"إن اليهود أنانيون إلى أبعد الحدود، وعندما يصبحون أقوياء سياسياً ومالياً يصبحون أكثر خطراً من هتلر وموسوليني. ولا يفكّر اليهود إلا بأنفسهم ولا يهمهم كم قتل من الشعوب الأخرى، فلا يهمهم أبداً المعاملة السيئة التي تعرّض لها مواطنو إستونيا وليتوانيا وفنلندا وبولندا واليونان ويوغسلافيا خلال الحرب العالمية وكم قتل منهم، لأنّ ما يهمّهم هو أن يتحدّث الجميع عن معاناتهم هم فقط ودون الآخرين".
كلام الرئيس ترومان هذا لم يمنعه من دعم اليهود ومنظّماتهم المختلفة التي كانت تسيطر على قطاعات واسعة من الحياة السياسية والاقتصادية والمالية والإعلامية في أميركا، وهو ما كان كافياً لاستنفار كل إمكانياته لاستصدار قرار التقسيم في الأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947.
فقد أجرى اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع رؤساء العديد من دول أميركا اللاتينية وآسيا (ليبريا، الفلبين، تايلاند، هايتي، غواتيمالا، السلفادور وغيره) لإقناعها أو إجبارها بعد التهديد على التصويت لصالح قرار التقسيم الذي فشل في الحصول على أغلبية الثلثين في التصويت الأول. وكان الدافع الأهم في موقف ترومان المؤيد لليهود، رغماً من قناعاته الشخصية، هو حاجته لدعم اليهود له في انتخابات الرئاسة بعد أن تولى منصب الرئيس بالوكالة بعد وفاة الرئيس روزفلت والذي لم يكن مختلفاً عن ترمان في قناعاته الشخصية تجاه اليهود إلا أنه لم يتردّد في دعمهم هو الآخر.
فقد علّق على الزيارات المتكررة لقيادات اللوبي اليهودي التي سئم منها وقال في إحدى لقاءاته مع ستيفان وايز وآبّا سيلفر وهما من هذه القيادات الصهيونية "غريب جداً أن يأتيني رجلان يتحدثان باسم القيم العليا والأهداف الدينية ويطلبان مني أن أوافقهما على قتل الملايين من الفلسطينيين في سبيل هذه الأهداف الدينية". وكما فعلت مع روزفلت فقد أوصت وزارة الخارجية ترومان بانتهاج سياسات متوازنة بين اليهود والعرب الذين يملكون البترول، فقال لهم ترومان "قولوا لي كم عدد الناخبين العرب في أميركا طالما أنّ البترول لنا في نهاية المطاف".
وكأنّ ترومان كان يعرف أنه ليس للعرب أي وزن في مجمل السياسات العالمية، كما هو يعرف مضمون لقاء روزفلت مع الملك السعودي عبد العزيز الذي سخّر كل إمكانيات مملكته من البترول والدين والمذهب خدمة للمستعمر الجديد أميركا، وهو ما فعلته أنظمة الخليج الأخرى لاحقاً وهي ما زالت كذلك حتى يومنا هذا.
ويفسّر ذلك وقوف واشنطن إلى جانب الكيان الصهيوني الذي يسيطر وعبر المنظّمات اليهودية المختلفة والمتشعّبة على مراكز القرار الأميركية السياسية منها والاقتصادية والمالية والإعلامية، بعد أن وصل عدد اليهود إلى ستة ملايين وكانوا السبب في تصفيق أعضاء الكونغرس الأميركي للمجرم نتنياهو 54 مرة في ستين دقيقة. ومن دون أن تكون هذه القوة كافية لإلحاق الهزيمة بالعديد من دول وشعوب العالم والتي لقّنت أميركا ومن معها ما يكفيها من دروس النضال والإباء والصمود الأسطوري، وكان آخرها في غزة رغم كيد المتآمرين والمتواطئين والعملاء!