قمة "داكار 2" من أجل السيادة الغذائية في أفريقيا

828 مليون شخص يعانون الجوع على الصعيد العالمي، ثلث هذا العدد من الأفارقة تقريباً، في الوقت الذي تمتلك القارة الأفريقية 65% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم.

  • قمة
    قمة "داكار 2" من أجل السيادة الغذائية في أفريقيا

تستضيف السنغال بين 25 و27 كانون الثاني/يناير 2023 مؤتمر القمة الأفريقي للأغذية الذي تنظمه مجموعة البنك الأفريقي للتنمية وحكومة السنغال ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بمشاركة رؤساء دول وحكومات ولفيف من الخبراء ورجال المال والأعمال تحت شعار "إطعام أفريقيا: السيادة الغذائية والقدرة على الصمود".

تهدف القمة إلى تعبئة الموارد الحكومية وشركاء التنمية والقطاع الخاص من أجل تسخير إمكانيات أفريقيا الزراعية والغذائية، وتحويل جهود المناصرة إلى إجراءات ملموسة، كما تهدف إلى الجمع بين الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات المتعددة الأطراف والمنظمات غير الحكومية والعلماء لمواجهة التحدي المتزايد للأمن الغذائي في أفريقيا.

ويتضمن برنامج القمة موائد مستديرة وجلسات عامة رفيعة المستوى ومناقشات لتطوير "اتفاقيات الإمدادات الغذائية والزراعية" لكل بلد. وستدرس القمة التقدم المحرز في تنفيذ إستراتيجية التحول الزراعي في أفريقيا (2016-2025) التي أجازتها القمة الأولى التي عُقدت في داكار عام 2015، والتي حددت معالم إستراتيجية الغذاء في أفريقيا.

وبحسب بنك التنمية الأفريقي، فإنّ 828 مليون شخص يعانون الجوع على الصعيد العالمي، ثلثهم من الأفارقة تقريباً، في الوقت الذي تمتلك القارة الأفريقية 65% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم. وبمقدور هذه القارة إطعام 9 مليارات شخص بحلول 2050، إذا زادت من رقعة أراضيها الزراعية البالغة 400 مليون هكتار، تزرع منها حالياً 40 مليون هكتار فقط.

ووفقاً لبيانات البنك الأفريقي، فإنّ حجم الإنتاج الزراعي الأفريقي بمقدوره الارتفاع من 280 مليار دولار سنوياً إلى ترليونٍ عام 2050، إذا أُزيلت الحواجز التي تعترض التنمية الزراعية، ودخلت استثمارات زراعية جديدة، وتمت زيادة الإنتاجية الزراعية، ودعمت البنية التحتية. وفي حال صاحب ذلك كلّه التوسع في استخدام النظم الزراعية الذكية، مع مضاعفة استثمارات القطاع الخاص في جميع مراحل سلسلة القيمة الغذائية، فإنه يكفل تحويل أفريقيا إلى سلة غذاء العالم.

في افتتاح المؤتمر، دعا الرئيس السنغالي رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي ماكي سال في كلمته إلى اعتماد الحلول الأفريقية لضمان السيادة الغذائية للقارة، وقال أكينوومي أديسينا رئيس مجموعة البنك الأفريقي للتنمية: "من غير المبرر أن تعاني قارة فيها 65% من أكثر الأراضي الصالحة للزراعة في العالم وموارد مائية وفيرة نقصاً في الأمن الغذائي".

وأضاف: "لدينا التقنيات والمنصات والموارد لتغيير الوضع الحالي من خلال تنشيط القطاع الخاص، وزيادة إنتاج الغذاء لملايين المزارعين الأفارقة، وإطلاق العنان لتمويل المزارعين والشركات الزراعية الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتمويل الزراعة وسلاسل القيمة الغذائية".

وأكّد أن أفريقيا مطالبة بإيجاد حلول لحالة نقص الأمن الغذائي التي تواجهها، حتى تتمكَّن من إطعام نفسها وتساهم في إطعام العالم، وأنَّ مسألة السيادة الغذائية "أضحت ضرورة ملحّة، في الوقت الذي تتحمل الدول الأفريقية العبء الأكبر للآثار السلبية الناتجة من تغير المناخ والوباء والحرب الكبرى" الدائرة في أوكرانيا.

ودعا أديسينا إلى تضافر الجهود عالمياً في جميع أنحاء أفريقيا لإطلاق إمكانياتها الزراعية الهائلة، حتى تصبح وجهة عالمية لمواجهة النقص المتزايد في الإمدادات الغذائية في العالم.

المتابع للجلسة الافتتاحية يقف أمام وعي أفريقي جديد بأهمية الأمن الغذائي في أفريقيا. يتجلى ذلك في شعار القمة الذي أبرز القيمة الحقيقية للأمن الغذائي حين رُبط بالسيادة في تعبير اصطلاحي غاية في الدقة والإفصاح، إذ لا سيادة لمن يتسول غذاءه أو دواءه أو سلاحه. 

ويتجلَّى ذلك أيضاً في الدعوة إلى اعتماد الحلول الأفريقية، لا الحلول المستوردة، لضمان السيادة الغذائية للقارة. هذا الوعي يتّضح في التشخيص الدقيق للإمكانيات الزراعية الأفريقية ومواطن النقص والحاجة والتخطيط للمستقبل بالاستفادة من خلاصات هذا التحليل، غير أن توفر الإرادة المستقلة لدى القادة الأفارقة يبقى محلّ سؤال، على الرغم من تجديد المجتمعات الأفريقية روح الثورة فيها، التي تجلت في الفعاليات الشعبية المنادية باستكمال مسيرة الاستقلال والتحرر الوطني والمطالبات الملحة بخروج قوات المستعمر الأوروبي من أراضيها، ولا سيما في دول غرب أفريقيا وشرقها.