حكام العرب والمسلمين.. اتفقوا على أن يختلفوا

تلتقي أهداف السعودية والإمارات مع أهداف الكيان الصهيوني في اليمن ولاحقاً ضدّ إيران والعداء لها لسبب حقيقي واحد ألا وهو تبنّيها للقضية الفلسطينية منذ ثورة الإمام الخميني عام 1979.

0:00
  • هل تلتقي أهداف السعودية والإمارات مع أهداف الكيان الصهيوني في اليمن؟
    هل تلتقي أهداف السعودية والإمارات مع أهداف الكيان الصهيوني في اليمن؟

أولى الإعلام التركي الحكومي والخاصّ المرئي منه والمكتوب اهتماماً بالغاً بقمّة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي التي عقدت في 18 كانون الأول/ديسمبر في القاهرة بمشاركة رؤساء الدول الأعضاء وهي مصر وتركيا وإيران ونيجيريا وباكستان وبنغلاديش وإندونيسيا وماليزيا، وذلك في محاولة منه لتسويق فكرة "الانتصار التركي في سوريا"، والذي تحدّث عنه الرئيس التركي أكثر من مرة مفتخراً بذلك بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث اعترف وزير الخارجية هاكان فيدان وقبل أن يزور دمشق (الأحد) ويلتقي أحمد الشرع (الجولاني) بالعلاقة المتينة التي تربط تركيا بهيئة تحرير الشام طيلة السنوات الماضية.

وأشار الإعلام المذكور إلى "الاستقبال الحافل" الذي قوبل به إردوغان من قبل الزعماء المشاركين في القمّة، وقد شارك فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي كضيوف خلال مناقشة الوضع في لبنان وفلسطين.

ومن دون أن يتطرّق هذا الإعلام الموالي إلى المضمون السياسي والاقتصادي للقمّة التي انعقدت في القاهرة بعد 27 عاماً من القمّة الأولى للمنظّمة في إسطنبول في 15 حزيران/يونيو 1997 بدعوة من رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان.

حيث رفض الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك المشاركة في هذه القمّة استنكاراً لعدم دعوة السعودية إليها عندما كانت العلاقة بين أنقرة والرياض فاترة. 

ومن دون أن تكون كلّ السنوات الماضية كافية لتحقيق المصالحة النهائية بين أنقرة وكلّ من الرياض والقاهرة، حيث شهدت العلاقات معها العديد من حالات الفتور والتوتر لأسباب مباشرة وغير مباشرة.

وآخر مثال على ذلك هو ما قاله الرئيس إردوغان عن الرئيس السيسي بعد إطاحته بالرئيس الإخواني محمد مرسي في تموز/يوليو 2013 حيث احتضنت تركيا بعد ذلك كلّ أشكال المعارضة المصرية في إسطنبول وقدّمت لها كلّ أنواع الدعم المالي والسياسي والإعلامي.

ولم تتأخّر تركيا في إرسال جيشها إلى قطر لحماية آل ثاني في مواجهة التهديدات السعودية والإماراتية المدعومة من مصر في حزيران/يونيو 2017 بعد اتهام الرياض وأبو ظبي ومعها القاهرة للدوحة بدعم الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية المتطرّفة. ومن دون أن يمنع ذلك الرئيس إردوغان من مصالحة السيسي في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 بوساطة من الشيخ تميم آل ثاني، الحليف الاستراتيجي للرئيس إردوغان.

وفاجأ الرئيس السيسي الجميع عندما صالح الرئيس إردوغان، وهو الذي رفع من جديد شعار "رابعة" عندما كان في طريقه إلى القاهرة الأربعاء الفائت. وهو ما أبرزه الإعلام الموالي في محاولة منه لرفع معنويات أنصار إردوغان ليس فقط في الداخل التركي بل في الخارج عموماً.

ومن دون أن يهتمّ أحد بما تمّ بحثه في قمّة الثماني التي شهدت لقاءً ثنائياً بين إردوغان وبزشكيان مع استمرار أحاديث الإعلام التركي والدولي عن الفتور الذي يخيّم على العلاقات التركية – الإيرانية، والذي يتزامن مع تهديدات نتنياهو وأحمد الشرع (الجولاني) لإيران مع استمرار توغّل "الجيش" الإسرائيلي داخل الأراضي السورية بعد أن دمّر البنية العسكرية السورية برمّتها.

وهو الموضوع الذي لم يبالِ به مجلس التعاون الخليجي ومن ثم الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي سابقاً) الذي عقد العديد من القمم بعد العدوان الصهيوني على غزة ثم لبنان ومن دون أن يتخذ أيّ موقف عملي لمواجهة هذا العدوان الذي لم يبالِ به العديد من الحكّام العرب مع تضامن البعض منهم مع الكيان العبري بشكل مباشر أو غير مباشر.

كما لم يتخذ مجلس التعاون الإسلامي أيّ موقف عملي حيال أيّ قضية إسلامية، وفي مقدّمتها القدس والمسجد الأقصى، القبلة الأولى للمسلمين، والذي تعرّض أكثر من مرّة لتدنيس الصهاينة وما زالوا.

مع التذكير أن هذه المنظّمة قد تأسست في قمّة الرباط في 22 أيلول/سبتمبر 1969 بعد أن قام يهوديّ متطرّف بحرق المسجد الأقصى.

وتشكّلت من أجله لجنة القدس التابعة للمنظّمة وترّأسها العاهل المغربي الذي كان دائماً وما زال حليفاً للكيان الصهيوني الذي قام بما قام به في القدس والمسجد الأقصى وفلسطين عموماً وأمام أنظار حكّام الدول الأعضاء في مجلس التعاون الإسلامي أو مجموعة الثماني للتنمية بل وحتى الجامعة العربية.

حيث تآمر العديد من أعضائها منذ تأسيسها عام 1945 ضدّ بعضها البعض، وآخر مثال على ذلك أحداث "الربيع العربي" الدموي وما لحق به من الأحداث كالتآمر على سوريا والعدوان السعودي - الإماراتي على اليمن والصهيوني على فلسطين ولبنان، وأخيراً الاجتياح الإسرائيلي للجنوب السوري.

ومن دون أيّ ردّ فعل من الجامعة العربية والعديد من دولها المتواطئة مع الكيان العبري والتقت أهدافه مع أهداف حكّام دمشق الجدد ليس فقط فيما يتعلق بسوريا بل لبنان ولاحقاً فلسطين عموماً.

ومن دون أن يكون واضحاً مصير الصومال وليبيا التي تشهد خلافات بل وحتى منافسات سياسية وعسكرية بين كل من مصر حليفة الإمارات، وتركيا غير العربية المدعومة من قطر.

في الوقت الذي تلتقي فيه أهداف السعودية والإمارات مع أهداف الكيان الصهيوني في اليمن ولاحقاً ضدّ إيران والعداء لها لسبب حقيقي واحد ألا وهو تبنّيها للقضية الفلسطينية منذ ثورة الإمام الخميني عام 1979.

وضّحت طهران من أجلها بالكثير الذي لم يعجب أنظمة التواطؤ العربية والإسلامية، وهي جميعاً في خدمة الكيان الصهيوني بشكل مباشر أو غير مباشر، وتارة بعلم وتارة أخرى من دون علم طالما هي أدوات في مشاريع ومخطّطات الآخرين من الأعداء للعرب والمسلمين وهم في واد وحكّامهم في واد آخر وما زال فيه الملايين من المناضلين المخلصين لأوطانهم وأمّتهم.