أثر تحسين الصين سياساتها ضد كوفيد-19 في الاقتصاد والسياحة داخلياً وعالمياً
تحسين الصين سياساتها ضد كوفيد-19 من شأنه إنعاش الاقتصاد الصيني بعد عودة الحياة إلى طبيعتها وفتح المصانع والشركات وتعافي الاستهلاك وزيادة الإنتاج.
أعطى إعلان الصين رفع قيود فيروس كورونا المستجد جرعة أمل للاقتصاد الصيني والاقتصاد العالمي على حد سواء. جاء ذلك مع تحسين تدابيرها لخفض استجابتها لكوفيد-19 ورفع قيود السفر وإلغاء الحجر الصحي المفروض على الوافدين إليها.
إنَّ تحسين الصين سياساتها ضد كوفيد-19 من شأنه إنعاش الاقتصاد الصيني بعد عودة الحياة إلى طبيعتها وفتح المصانع والشركات وتعافي الاستهلاك وزيادة الإنتاج. وفي بداية عام 2023، كشف العديد من المدن الصينية الكبرى أهداف الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023، التي تتراوح بين 5.5 و7%.
وأصدرت الأمم المتحدة تقريراً عن "الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه لعام 2023" يوم 25 كانون الثاني/يناير الجاري، توقع أنَّ الاقتصاد العالمي سيشهد تباطؤاً في النمو عام 2023 بنسبة 1.9%، كما يتوقع تسارع النمو الاقتصادي في الصين إلى 4.8% في عام 2023 مع تعديل الحكومة الصينية سياستها بشأن كوفيد-19.
إن عملية نمو الاقتصاد الصيني لن تتحقق بين ليلة وضحاها، إذ تشير التقارير الاقتصادية إلى أنَّ مرحلة النهوض الاقتصادي ستبدأ في الربع الثاني من العام الجاري لسببين؛ الأول عطلة عيد الربيع التي يعود فيها الصينييون إلى مسقط رأسهم ويلتم شملهم، وهي تستمر 40 يوماً، والسبب الآخر هو تعافي المصابين بكورونا، والذي قد يستمر كحد أقصى حتى نهاية الربع الأول من هذا العام.
وفي هذا الإطار، قال نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو خه في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أن معظم الناس عادوا الآن إلى حياتهم الطبيعية بعد فترة من انتشار العدوى، وأضاف أن الوباء وصل إلى ذروته بسرعة نسبية، كما أن العودة إلى الحياة الطبيعية حدثت بسرعة، وهو ما فاق التوقعات إلى حد ما.
إن تحسين الصين سياساتها للوقاية من كوفيد-19 من شأنه أن ينعش الاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد وحركة التجارة الدولية وأسعار الطاقة، بما أن الاقتصاد الصيني هو ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والصين هي مصنع العالم، بحيث باتت أكبر شريك تجاري لأكثر من 120 دولة.
وخلال عطلة عيد الربيع، من المتوقع أن تشهد الصين ما معدله أكثر من 600 ألف مسافر مغادر وقادم كلّ يوم. وأعربت العديد من دول العالم عن ترحيبها بالسياح الصينيين، واتخذت إجراءات لجذبهم واستقبالهم بعد غيابهم 3 سنوات منذ تفشي كوفيد-19.
ومع عطلة عيد الربيع وتخفيف إجراءات السفر، شهدت السياحة الداخلية في الصين انتعاشاً كبيراً، فوفقاً لوكالة السفر عبر الإنترنت "Trip.com"، تجاوز الطلب على الفنادق وتذاكر زيارة الأماكن السياحية في بداية عطلة عيد الربيع أرقاماً مماثلة لما كانت عليه في عام 2019.
ووفقاً لبيانات وزارة النقل الصينية، يتوقّع أن يتم القيام بنحو 2,095 مليار رحلة خلال عيد الربيع، بزيادة قدرها 99.5% عن الفترة نفسها من العام 2022، وبزيادة قدرها 70.3% عن الفترة نفسها من عام 2019. مثلاً، زار نحو 34400 سائح جبال هوانغشان في آنهوي يوم 24 كانون الثاني/يناير الجاري، وهو أعلى رقم يومي خلال العام الصيني الجديد منذ عام 2018.
كما أنَّ حديقة الغابات الوطنية في مقاطعة هونان استقبلت أكثر من 60 ألف زائر، وهو رقم قياسي. وشهدت ماكاو ازدهاراً سياحياً في عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، إذ ارتفع عدد الزائرين إلى أكثر من 300% عن العام الماضي. وتتّخذ إدارة النقل الصينية تدابير متعددة لضمان خدمات النقل في العيد لتحسين الخدمات وتعزيز إدارة السلامة.
ويشير العديد من التقارير إلى تزايد رحلات الطيران من الصين وإليها. ووفقاً لبيانات منصة الأسفار الصينية "Trip.com"، فقد ارتفعت طلبات السفر إلى الخارج أثناء عيد الربيع بنسبة 540% مقارنة بالعام الماضي، ورحبت العديد من دول العالم بالسياح الصينيين.
مثلاً، نشرت السفارات ومكاتب السياحة في فرنسا وتايلاند وكندا وأستراليا ونيوزيلندا ودول أخرى في صفحاتها في موقع التواصل الصيني "ويبو" تدوينات للترحيب بالسياح الصينيين، وتلقى الزوار الصينييون أثناء وصولهم إلى مطارات بعض الدول، في أول رحلة مباشرة بينها وبين الصين، ترحيباً حاراً، ففي تايلاند مثلاً، استقبل نائب رئيس وزراء البلاد السياح الصينيين، وقدم لهم أساور زهرة الأوركيد.
وبدءاً من 6 شباط/فبراير، ستُستأنف خدمات السفر الجماعي للخارج إلى 20 دولة، منها تايلاند والإمارات العربية ومصر وجنوب أفريقيا وروسيا.
وفي السياق نفسه، أعلن رئيس شركة مصر للطيران يحيى زكريا أنَّ عدد الرحلات بين مصر والصين سيزيد بدءاً من آذار/مارس القادم إلى 13 رحلة، وكشف أيضاً أن الشركة المصرية للطيران تلقَّت أكثر من 1200 طلب من شركات سياحية صينية لتنظيم رحلات سياحية إلى مصر خلال عام 2023.
بعد رفع الصين قيود السفر، يتوقع حدوث طفرة كبيرة في قطاع السياحة، سواء في الصين أو في العالم، إذ بلغ عدد السياح الصينيين إلى الخارج 155 مليون سائح في عام 2019. وفي الدول التي يعتمد اقتصادها على السياحة، فإن إنفاق السياح الصينيين الكثيف سيساهم في إنعاش هذا القطاع، وبالتالي تعزيز التنمية الاقتصادية فيها.
سيكون إنعاش الاقتصاد الصيني في قمة اهتمامات الصين في عام 2023، وستعمل على التعاون مع الدول الأخرى من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والتنمية في العالم لبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية.