نتنياهو لا تجذبه نكهة المبادرة الفرنسية
خططت باريس مع شركائها في أوروبا والولايات المتحدة وبعض دول الخليج لضرب النظام في سوريا وسال لعابها حين بدا لها أن الخلاص من هذه الدولة مسألة أشهر. ها هي الحرب على سوريا تدخل عامها الخامس فيما يلوح في الأفق فشل مُعتبر لما خططت له الدول الغربية، وأهمه تغيير النظام السوري وإسقاط البلاد برمتها في السلة الأمنية الإقتصادية الغربية.
مهمة فالس وقبله وزير الخارجية الفرنسي في إسرائيل ليست سهلة
وضعت فرنسا في أجندتها إيجاد موطئ قدم إستراتيجياً
في ليبيا فساهمت بفعالية في إسقاط النظام الليبي، لكن المستعمرة الإيطالية السابقة
أفلتت من يد باريس وحلفائها الآخرين وتحولت إلى كتلة من اللهب لا تهدد المصالح
الفرنسية في المغرب العربي فقط، بل وضعت العديد من دول أوروبا في مرمى الإرهاب بكل
أشكاله.
خططت باريس مع شركائها في أوروبا والولايات المتحدة
وبعض دول الخليج لضرب النظام في سوريا وسال لعابها حين بدا لها أن الخلاص من هذه
الدولة مسألة أشهر. ها هي الحرب على سوريا تدخل عامها الخامس فيما يلوح في الأفق
فشل مُعتبر لما خططت له الدول الغربية، وأهمه تغيير النظام السوري وإسقاط البلاد
برمتها في السلة الأمنية الإقتصادية الغربية.
ما الذي بقي لباريس ومن يماشيها في مشاريعها في
المنطقة؟ العودة إلى الصراع العربي الإسرائيلي من بوابة مشروع السلام الإسرائيلي
الفلسطيني الذي دخل في مرحلة موت سريري منذ العام ألفين وأربعة عشر مقابل علو كعب
كفاح الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية. ترى فرنسا أنه يمكن التعويض عن تراجع
الأهداف في ليبيا وسوريا والعراق أيضا عبر تحقيق إنجاز ما في المكان الأشد لهباً
أي القضية الفلسطينية.
لذا ليس مفاجئاً أن تعمل إدارة الرئيس الفرنسي
فرنسوا هولاند بكامل طاقاتها الديبلوماسية والإعلامية والدعائية، لدفع ما إصطلح
على تسميتها مبادرة فرنسية لإستعادة عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
مهمة رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس وقبله وزير
الخارجية جان مارك ايرولت في إسرائيل ليست سهلة بحسب توصيف الصحف الفرنسية.
إسرائيل قالت لا بطرق مباشرة وغير مباشرة . منذ اللحظة الأولى لطرح فكرة المبادرة،
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يتورع عن رفضها بحضور فالس مقترحاً
بدلاً من ذلك لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في باريس، أي المزيد من
تسويف الوقت والمماطلة. هذا يعني برأي متابعين للمبادرة الفرنسية إن إسرائيل ليست
مستعدة الآن لمشروع بنكهة فرنسية، لا سيما أن الحكومة الإسرائيلية مُقدمة على
تغيير وزاري جوهري، إذا ما ضُم أفيغدور ليبرمان إليها سيكون بمثابة مفاعل تصعيدي
خطير بالرغم من تطمينات نتنياهو.
الفرنسيون يسعون إلى إلتقاط إدارة مسرح السلام
الإسرائيلي الفلسطيني بما يتوافر لهم من وسائل، لكن وبحسب باحثين في قضايا
الشرق الأوسط فإن ما يعتبره الأليزيه فرصة لن تتكرر لن يشكل ضغطاً بالرغم من
تهديدات الأليزيه بالإعتراف بدولة فلسطينية في مرحلة مقبلة. فالحكومة الإسرائيلية
يتفق الجميع على أنها في أفضل وضع سياسي. ها هو نتنياهو يرسل وفداً ديبلوماسياً
إلى القاهرة إستبقته صحيفة "يديعوت احرونوت" بالحديث عن وجود اتصالات
دبلوماسية تقودها مصر لعقد لقاء ثلاثي في القاهرة يضم الأخير ورئيس السلطة
الفلسطينية والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وسائل إعلام إسرائيلية تروج بقوة
لإستعداد دول عربية لمناقشة إسرائيل حول تغييرات محتملة في مبادرة السلام العربية.
الاتصالات الإسرائيلية الخليجية غير المسبوقة في مستوها ونبرتها تمهد المناخ
السياسي لزيادة التصلب الإسرائيلي.
بناء على ما تقدم فإن عقد الاجتماع الدولي الذي
أعلنت عنه فرنسا في الثالث من الشهر المقبل، ربما لا يشكل مفتاح العبور إلى مبادرتها،
خصوصاً أن واشنطن ليست مستهدة في المرحلة الإنتقالية الحالية أن تسلم باريس ومعها
الدول الأوربية الحاضنة ملف تسوية إسرائيلية – فلسطينية.
هل سمع الرئيس هولاند جيداً ما أبلغه نتنياهو لنظيره
الفرنسي بدون مواربة: لا يمكن الوصول الى السلام في مؤتمرات دولية؟