من هو ماكرون؟
تكفّل الإعلام بتقديم خدمات لإيمانويل ماكرون لنشر أوهامه في حين يصرّ اليمين الفرنسي على لعب دور الفزّاعة.
وسائل الإعلام قدموا له الخدمات في الوقت التي رغبت الجبهة الوطنية بلعب دور الفزّاعة
خلال الحملة، تكفل
الإعلام بصناعة موهبة إيمانويل ماكرون وحظوته بكافة القدرات. من تملّق بوردان إلى
أكاذيب الـ "موند" مروراً بخنوع المثقفين بعد عودة "بي أف أم تي
في"، برر الجسم الصحفي أعماله بتلميع صورة كاتب الأوليغارشية. مدعوماً من
السماء الكاثوليكية – المتعصبة دينيّاً. المصرفي الشاب المنهك في الركض وراء التسويق
باع حلمه، مقترحاً على الساذجين، مثلاً، تحويل فرنسا إلى "أمّة ناشئة"
حيث يستطيع عندها كل فرنسي أن يطوّر منشأته الشابة.
يصل الساحر بصفته أنه
مرشح "تقدّمي"، في حين يتهرّب من 85 ملياراً من الضرائب، مع رغبة بقطع
تمويل برنامج التأمين ضد البطالة من أجل التوفير. هذه الخدعة نجحت بجعل الموظفين
يصدقون بأنه بفضل جرعته السحرية، سيصبحون كوادر، وسيصبح الكوادر زعماء. قالها
ماكرون. حين نكون قد وُلدنا منذ الصغر مع ملعقة فضة في الفم، لن نعض اليد التي
تطعمنا.
صلة الوصل هذا بين
الاقتصاد وتفكك قانون العمل، هو المدافع عن السوق بلا حدود وعن العولمة
الرأسمالية، يفوز بفارق ضئيل في 23 نيسان/ أبريل،
ليتأهل للدورة الثانية. لكن إذا كان قد هزم منافسيه، فهذا بسبب الترويج الذي تمت
ممارسته على الناخبين. يبقى ماكرون كتيار هوائي، مؤيد للتفكير السحري، حاضر كونه
داعية، يصنع حلزونات بيديه ويعد بالغد الأفضل. ماكرون، هو عارض مرضيّ، دليلٌ على
الابتعاد عن السياسة وعن الثقافة إلى مجتمع مغلّف بشرنقة الليبرالية، مجوّفة من
خلال هذه الكارثة التي يمثلها اليورو ومفككة من خلال الفردية المصنوعة في الولايات
المتحدة الأميركية.
مستخدماً مظهره
الجميل، استثمر الشاب المعجزة فضاء وسائل الإعلام لتفريغ أوهامه. أعاد تدوير أقمار
الليبرالية القديمة، ووسائل الإعلام قدموا له الخدمات في الوقت التي رغبت الجبهة الوطنية
بلعب دور الفزّاعة. ولا ننسى أنّ مارين لوبان التي تثير الإحباط هي التي تلفت إلى الضحك
على ماكرون. الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، في الـ 7 من أيار/ مايو، هي
إنتاج مشترك بين ماكرون ولوبان، يهدف إلى توصيل الأوّل إلى قصر الإيليزيه من خلال
خنق أي بديل جدي. والأسوء، هو أنّ هذا التحايل جرى تدبيره وتنفيذه أمام أعين
الجميع، كما لو كان أمراً مقدّراً.
متحذلق الطبقة
الوسطى البرجوازية، لن تكون مهمته سهلة. من المتفرض بعد الانتخابات الرئاسية أن لا
يحصل على غالبية مريحة في الانتخابات التشريعية، وعندها سيواجه معارضة من ثلاثة
رؤوس، لن تقدم له الهدايا. الجبهة الوطنية، بالطبع، يضمن لها هكذا رئيس منبراً
دوريّاً. اليمين، سيستيعد قواه بعد استبعاد فيون. كما سيفعل أيضاً الحزب الاشتراكي
الذي غيّر وجهه. عندما يسقط التبرّج، يبرز فراغ البرنامج في النهاية. الزواج بين
سمكة الشبوط والأرنب سيترك أثره بسرعة. هذا الشاب الذي يصرخ من أجل استمرار
اللعبة، ربما يقع تحت خط الفشل الكبير.
ترجمة: رأفت حرب