جناحا النسر.. سليماني والمهندس

سلامٌ أيها المحاربان وأنتما توقدان نار الله في ليلنا الطويل، فيمرّ هذا الليل كغيره، وينحسر عن بيوت الناس والمآذن والأجراس.

  • سلام عليكما في أيام العسرة من عام الرماد.
    سلام عليكما في أيام العسرة من عام الرماد.

سلام سادة الندى ورائحة الأرض والشهادة شهيداً شهيداً.

سلام وقد أثقلتكما ردة القبائل، وسيوف الخشب، والقانطون من رحمة الله، والهاربون من الفج العميق، كما المنبت، لا ظهراً أبقى، ولا أرضاً قطع.

لا زرافاتٍ ولا وحداناً، والإنسان من يومه أوّاه منيب.

سلام عليكما، فلم تقعدا عن نفير الله، وأوجاع الناس، ودبيب الأرض تحت المحتلين والتكفيريين والطغاة.

سلام عليكما في أيام العسرة من عام الرماد.

لم تجزعا من عراف الضّلالات والأكاذيب، والتأويل المريب لآية السيف وصناعة الإرهاب في عاصمة الضباب: أصوليات عمياء، دواعش تجوب الأنحاء بين العواصم والمطارات بلا رقيب أو حسيب، مصاصو دماء، ونحر وتكبير، معاذ الله وتعالى عمّا يؤفكون.

وإذ سادوا ومادوا وعادوا إلى عاد، يجوبون الصخر في الواد، وشردوا وعذبوا ونكلوا وأرهبوا ونهبوا وخربوا وعاثوا في البلاد، كنتما لهم بالمرصاد سيفاً مسلولاً وقتيلاً فقتيلاً.

لا كلام على هواه أو لغو ثقيل، بل أقل ما يقال ولا سواه، ليوم كريهة وسداد ثغر.

مقاومون باسم الله دون الحمى المستباح، ودم على بئر بغداد، يأخذه الصالح بالنجدين، ويحفظ وصاياه.

لا صلح حتى بالقصاص، كما قال الجنوبي أمل دنقل في أقصى الصعيد، فعين الغريب حين تكون عين الموساد والأطلسي والتكفيري والرجعي ليست كعين أخينا.

ذاك ما كان وما يكون، إلى أن يشخب الدم من سواد العراق إلى فلسطين، كما الإمام الغائب المغيّب، وقد حجبها اليهود في السرداب.

فما خلع المحاربان، المهندس وسليمان، صاحبهما حقناً لدماء ضيَّعها النفاق في أعلى الرماح، من أذرح إلى يومنا هذا.

ما عقرا رئيمة إلى قبر صاحبها، ولا استبدلا طائر الثأر في أول الخيل بماء تعافه الكلاب.

وما كانت خيلهما إلا موريات قدحاً ونقعاً، وما كان سيفهما إلا أصدق أنباء من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب.

سلامٌ أيها المحاربان وأنتما توقدان نار الله في ليلنا الطويل، فيمرّ هذا الليل كغيره، وينحسر عن بيوت الناس والمآذن والأجراس، فيما بيوت الزجاج، من المحيط إلى الخليج، تنام مذعورة من أدنى شجار في الجوار أو ضجيج.

سلام جنود الله، وقد استحضروا سدرة المنتهى ببيعة الرضوان، فتية آمنوا بربهم وزادهم هدى، وكانوا على الموعد المضروب مع الشهداء: عياش والشقاقي وقنطار والحاج عماد، يصدعون بالأمر، ويصفعون بالناصية، ويمضون على طريق الحسين، من شهيد إلى شهيد، ومن مظلوم إلى مظلوم، ومن كربلاء إلى أخرى، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولا يبقى فيها ظالم أو يزيد.

حسب المجرمين والمنافقين والمجاهدين المزيّفين أكاذيبهم وخرط القتاد وما اقترفت أياديهم، وحسبكما الله ونعم الوكيل، ودم، كما الصراط المستقيم، يبعث الحياة في الشام والرافدين، ويجعل فلسطين قاب قوسين.