فرنسا تفاءلت بحضور ظريف "بيياريتس".. ماذا عن ترامب؟

لم يصدر عن ترامب سوى بعض التشجيع لماكرون من أجل مواصلة مبادرته، مبدياً احترامه "لحقيقة أن ظريف جاء الى فرنسا"، لكنه رفض التعليق على تخفيض مستوى العقوبات.

ماكرون وترامب في قمة "بياريتس" (أ ف ب)

في فرنسا، يعتبر البعض أن مجرد حضور وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف الى مدينة "بيياريتس" حيث انعقدت قمة الدول السبع، هو اختراق نوعي للمبادرة الفرنسية من أجل خفض التوتر في الصراع بين ايران والولايات المتحدة ولا يغيّر هذا الأمر كثيراً إذا لم تخرج عن الأطراف المعنية الثلاثة، ايران والولايات المتحدة وفرنسا، اشارة تترجم هذا الاعتقاد، سوى ما قاله ظريف في تغريدة له بعد لقائه الرئيس الفرنسي وفريق عمله "إن الطريق صعب لكنه يستحق المحاولة"، علما أن الأليزيه كان قد أعلن قبل وصول ظريف وبعد نقاش دام ساعتين بين ماكرون وترامب، أن "وجهات النظر بين الرئيسين لا تزال بعيدة".

أمام تعنت الرئيس الأميركي حيال المبادرة الفرنسية التي تنص بداية على رفع العقوبات الاميركية الجزئية التي تطال الاسثناءات لثماني دول، واصلت استيراد النفط من ايران بعد فرض العقوبات مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مقابل عودة ايران عن اجراءات تقليص التزامها بالاتفاق النووي، فقدم الرئيس الفرنسي اقتراحا بديلا أكثر تواضعا، يقضي برفع جزئي ومحدود بفترة زمنية محددة لقاء عودة ايران لروحية الاتفاق، ولم يُعلم على الفور اذا كان ترامب قد ارسل إشارات ايجابية بشأن هذا المقترح الجديد.

لكن تسلسل الاحداث بعد لقاء ماكرون – ترامب يوحي بأن الفرنسيين بدأوا يتصرفون وكأنهم مخولين للعب دور الوسيط، فكان لقاء الساعات الثلاث بين ظريف ووزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، الذي تتوج باجتماع موسع بحضور الرئيس الفرنسي، والأهم لقاء ظريف بوزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، إذ تقول الأوساط الفرنسية أن اللقاء مع هذا الأخير كان له جوانب تقنية تخص تفاصيل المبادرة الفرنسية.

ولاحقاً نقلت قناة فرانس 24 الفرنسية عن مسؤول في الأليزيه قوله إن الفرنسيين طرحوا فكرة أن تعفي واشنطن إيران من العقوبات التي تستهدف صادراتها النفطية إلى كل من الهند والصين، وحجم هذه الصادرات، قبل دخول العقوبات الاميركية حيز التطبيق، كان 800 ألف برميل يومياً، في حين نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين إيرانين بان طهران ردت على المبادرة الفرنسية و"كبادرة حسن نية فإننا نريد تصدير 700 ألف برميل يوميا على أن نحصل على الأموال نقدا، وهذه مجرد بداية، اذ يجب ان يصل مستوى التصدير الى 1,5 مليون برميل يوميا اذا اراد الغرب أن يتفاوض مع طهران لانقاذ الاتفاق النووي".

تسعى باريس للتوصل إلى تفاهم الحد الأدنى بين الاميركيين والايرانيين قبل السابع من ايلول/ سبتمبر المقبل، موعد دخول المرحلة الثالثة من الاجراءات الايرانية لتقليص الالتزام باتفاق فيينا، ولفترة زمنية غير واضحة المعالم، على أن تكثف فرنسا في هذا الوقت جهود وساطتها من أجل اقناع الايرانيين الدخول في نقاش حول المسائل الخلافية مع واشنطن، أي دور ايران في الشرق الاوسط ومنظومتها الصاروخية وتعديل بعض بنود الاتفاق النووي.

ما هي حظوظ المبادرة الجديدة لباريس؟

الجانب الايراني، المنفتح على المبادرة الفرنسية منذ عرضها قبل شهرين، لم يحسم الموقف نهائيا، وربما ينتظر موقفا أميركيا حاسما ليبني عليه، ولوحظ ان الرئيس الايراني حسن روحاني حافظ على الموقف المعتاد، إذ قال بعد عودة ظريف من "بيياريتس" الى طهران، انه "في الوقت الذي نقاوم الحظر ونرد بالمثل ونخفض تعهداتنا (في إطار الاتفاق النووي) لكننا نبقي الفرصة متاحة للتفاوض والدبلوماسية، بحيث نجعل الطريق مفتوحا لفترة شهرين بين مرحلة واخرى من خفض التعهدات من أجل حل المشاكل عن طريق الدبلوماسية".

بالمقابل، لم يصدر عن ترامب سوى بعض التشجيع لماكرون من أجل مواصلة مبادرته، مبدياً احترامه "لحقيقة أن ظريف جاء الى فرنسا"، لكنه رفض التعليق على تخفيض مستوى العقوبات، وقال قبيل اختتام قمة "بيياريتس": "ما نريده بسيط للغاية، على إيران ألا تكون نووية، سنتحدث عن الصواريخ الباليستية، وعن التوقيت، لكن عليهم أن يوقفوا الإرهاب، أعتقد أن لديهم فرصة كي يتغيروا"، وكرر موقفه السابق، بأنه لا يريد "رؤية إيران قوية ولا نسعى لتغيير النظام في طهران"، مضيفا أن الطريقة التي يُجبر الإيرانيون على العيش بها غير مقبولة.

أوساط الأليزيه، والاعلام الفرنسي بشكل عام، عبروا خلال الأيام الماضية عن فخرهم ب"حنكة" ماكرون ونجاحه في فرض الملف الايراني ملفا اساسيا على طاولة "السبعة الكبار"، واعتبروا ذلك ضوءا أخضراً اميركيا لاستكمال المباردة. لكن ترامب كان صريحاً للغاية بأن لا أحد مخول التحدث عن الولايات المتحدة بالملف الايراني، اذ قال عندما سأله احد الصحافيين عن معلومات كان الاليزيه قد سربها في وقت سابق حول منح قمة السبع ماكرون تفويضا للحديث مع الايرانيين: "لا علم لي بهذا التفويض" وأضاف أن للرئيس الفرنسي ولرئيس الوزراء الياباني (شينز آبي) الحرية في الحديث مع طهران، "أما نحن فسنجري اتصالاتنا الخاصة".