أموال تونس وليبيا المُجمّدة عُرضة للضياع في الدول الغربية
قبل أشهر من اللآن تشكّلت كتلة جديدة في البرلمان التونسي، سمّيت بكتلة الائتلاف الوطني، تأسّست هذه الكتلة حسب ناطقها الرسمي لإيجاد حزام سياسي لتمكين الحكومة التونسية من العمل في ظروف مريحة . تشكيل الكتلة كان بمثابة البذرة الأولى لتجسيد طموحات رئيس الحكومة السياسية فقبل أيام عقدت بعض الوجوه المعروفة بمساندتها لرئيس الحكومة يوسف الشاهد ندوة للتعريف بأهداف المشروع السياسي الجديد و المتمثّل في حزب سياسي جديد بخلفية دستورية و يحمل فكراً حداثياً.
في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 بعث وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي بأمر من رئيس الحكومة برسالة للاتحاد الأوروبي يطالبه فيها برفع التجميد عن أموال مروان بن مبروك صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. ولاتزال أملاك المبروك تحت الائتمان العدلي منذ الحكم الاستعجالي المؤرّخ في 28 فيفري 2011. وقد تم إقرار هذا الائتمان نهائياً وذلك لحفظ مكاسبه من التبديد باعتبار شموله بالمصادرة بعد ورود إسمه بالنقطة 10 من القائمة الملحقة بمرسوم المصادرة وباعتباره محل قضايا وأبحاث جزائية جارية، متابعون اعتبروا هذه الخطوة شرعنة للفساد. من جانب آخر طفت على السطح فضيحة نهب الأموال الليبية في بلجيكا حيث كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة إختفاء أكثر من 2 مليار أورو من الأرصدة المجمّدة و التي يبلغ حجمها أكثر من 14 مليار أورو ، وحسب التحقيقات فإن الأموال المختفية ذهبت لتمويل الميليشيات المسلحة و تجّار البشر و السلاح.
قبل أشهر من اللآن تشكّلت كتلة جديدة في البرلمان التونسي، سمّيت بكتلة الائتلاف الوطني، تأسّست هذه الكتلة حسب ناطقها الرسمي لإيجاد حزام سياسي لتمكين الحكومة التونسية من العمل في ظروف مريحة . تشكيل الكتلة كان بمثابة البذرة الأولى لتجسيد طموحات رئيس الحكومة السياسية فقبل أيام عقدت بعض الوجوه المعروفة بمساندتها لرئيس الحكومة يوسف الشاهد ندوة للتعريف بأهداف المشروع السياسي الجديد و المتمثّل في حزب سياسي جديد بخلفية دستورية و يحمل فكراً حداثياً. يقول متابعون إن المشهد بات واضحاً اليوم فالشاهد ليس مرشّح النهضة و إنما مرشّح الحزب الجديد خاصة بعد تصريح العضوة بحركة النهضة اليوم يمينة الزغلامي بأن الغنوشي هو مرشّح الحركة للانتخابات الرئاسية. طموحات ربطها مراقبون للمشهد السياسي بالمراسَلة التي أرسلها وزير الخارجية التونسي بأمر من رئيس الحكومة التونسية إلى الاتحاد الأوروبي لرفع التجميد عن أموال مروان مبروك . و بن مبروك هو أحد أصهار الرئيس الأسبق التي طالت أملاكهم المصادرة. و قد تم تجميد أملاك بن مبروك منذ سنة 2011 في إطار القضايا التحقيقة المفتوحة في الخارج في تبييض أموال و رشوة أجانب خاصة في ما يتعلق بشركة أورونح و فرعها في تونس ، ووقد قدرت لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة و الفساد الأضرار التي لحقت تونس من جراء عمليات الفساد ب97 مليون دينار. و قد صدر ضد مروان بن مبروك أكثر من 14 حكماً قضائياً. لكن و رغم جميع القضايا المرفوعة ضد المعني بالأمر و إدانته من قبل القضاء التونسي إلا أن رئيس الحكومة أصر ّعلى مراسلة الاتحاد الأوروبي مرتين متتاليتين، مراسَلة أولى عدد FC n° 5109 و مراسَلة ثانية عدد FC n°5123 لرفع التجميد عن أموال بن مبروك، ما يطرح أكثر من سؤال حول جدية الحكومة التونسية في محاربتها للفساد.
وكان بن مبروك قد رفع قضايا ضد الدولة التونسية في سنوات 2015 و 2016 و 2017 لرفع التجميد عن أمواله في أوروبا بتعلة طول فترة الإجراءات لكن الاتحاد الأوروبي رفضها كلها. و قد شرع الاتحاد الأوروبي في إجراءات إمكانية رفع التجميد عن أموال بن مبروك على خلفية مراسلات رئيس الحكومة ، ويقع البتّ في الطلب في ثلاث هيئات مختلفة: أولاً اللجنة المشرفة على السياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي "Mashreq/Maghreb Working Party: Mama"، ثم مجموعة المستشارين للعلاقات الخارجية RELEX" " ومجلس الاتحاد الأوروبي. مع العِلم أن اللجنة الأولى قد وافقت على طلب الحكومة التونسية برفع التجميد.
طلب رئيس الحكومة يوسف الشاهد دفع بمنظمة أنا يقظ برفع قضية ضده من أجل استغلال صفته لاستخلاص فائدة لغيره من دون وجه حق مستعينة في ذلك بالفصل 96.
من جانب آخر و في ما يتعلق بأموال ليبيا المجمّدة بالخارج يبدو أن عمليات النهب تجري على قدم وساق، فقد كشفت لجنة مجلس الأمن المشكّلة بالقرار 1970 سنة 2011 بشأن ليبيا أن بلجيكا عملت على التصرّف بفوائد أموال الليبيين المجمّدة بالخارج متذرّعة بكون التجميد لا يشمل الفوائد ، بينما استغلّت كل من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا جزءاً من تلك الأموال استناداً إلى ثغرة قانونية أخرى تتعلّق بالسماح باستخدام هذه الأموال لأغراض إنسانية.
وأشارت اللجنة إلى أن هذا يُخالف توصيات لجنة مجلس الأمن الدولي المنشأة بالقرار رقم 1970 لسنة 2011 بشأن ليبيا، والمتعلّقة بتجميد الأموال الليبية في الخارج.
و تصل قيمة الأموال المجمّدة في بلجيكا عقب الإطاحة بالزعيم الليبي معمّر القذافي أكثر من 14 مليار أورو وبموجب القرار الأممي، جرى تجميد 12.8 مليار يورو في بنك "يوروكلير" (Euroclear)، و869 مليون يورو في بنك "كاي بي سي" (KBC)، و376 مليون يورو في بنك "آي إن جي" (ING)، و43 مليون يورو في بنك "بي أن بي" (BNP Paribas Fortis) في بلجيكا عام 2011. و حسب التقديرات فقد بلغت فوائد هذه المبالغ أكثر من 4 مليارات يورو فيما اختفت عملياً من الحسابات المجمّدة مبالغ تتراوح بين 2 و 5 مليار ات يورو وبحسب تحقيق للتلفزيون البلجيكي أر تي بي إف فإن بلجيكا ساهمت في تمويل الميليشيات المسلحة و إذكاء الحرب الأهلية. ما يضع وزير المالية السابق ووزير الشؤون الخارجية الحالي ديدييه رايندرز في مأزق كبير.
على صعيد آخر تحاول بعض الأصوات في بريطانيا ستغلال الأموال الليبية المجمّدة حيث دعا النائب ريج إمبي، خلال جلسة لمجلس العموم البريطاني، باستخدام نحو 9.5 مليارات جنيه إسترليني، من هذه الأموال من أجل تعويض ضحايا هجمات «الجيش الجمهوري الآيرلندي». الغريب في الأمر أن ملف ضحايا هجمات الجيش الآيرلندي و ملف لوكربي قد أغلقا قضائياً كما إعتداء على أموال الليبيين في بريطانيا يعتبر أعتداء على دولة عضوة في الأمم المتحدة ومن حقها اللجوء لكل الطرق القانونية والدبلوماسية، من أجل حماية أموالها وأصولها المجمّدة،
حسب منظمة الشفافية الدولية تبلغ أموال بن علي و عائلته المجمّدة بالخارج ما يقارب 13 مليار دولار ، فيما تصل قيمة الأموال الليبية المجمّدة إلى قرابة 67 مليار دولار ، و تواجه هذه الأموال خطر النهب في كل يوم ، خطر داخلي يتمثل في لوبيات فساد تحاول من خلال هذه الأموال السيطرة على المشهد السياسي و العسكري في البلدين و خطر خارجي من طرف الدول المجمّدة للأموال و التي ذهبت أكثر من تعقيد إجراءات إسترجاع الأموال إلى نهبنها مثلما حدث مع الأموال الليبية المجمّدة في بلجيكا.