العرب في عين العاصفة.. مرة أخرى

رغم قناعة كل المتابعين, أن حرباً حقيقية بالمعنى الشمولي التقليدي بين أميركا وإيران إحتمال شبه منعدم، لكن حروباً بشكل آخر، كضربات محدودة مباشرة أو " لوكلاء الطرفين" تأديباً وترهيباً لبعضهما، ربما تحصل.. وهي أمور "يمكن إبتلاعها عند الحاجة" من كليهما.. مقابل ما يرومان تحقيقه إقليمياً وربما عالمياً.

الصورة من القمة العربية في مكة المكرمة 2019 (أ ف ب)

يبدو أن العرب كُتِبَ عليهم أن يقضوا حياتهم يخرجون من مشكلة، ليدخلوا أخرى أسوأ منها وأشد.. والأسوأ من ذلك ، أن كثيراً من تلك العواصف يكونون فيها أداة لنبش النار أو ساحة لمعاركها لا أكثر، فهم لا ناقة لهم فيها ولا جَمَل!

كثير من تلك المُعضلات، يدخلون فيها بملء إرادتهم ميلاً لجانب أحد المُتحاربين أو تبعية لمحور أو دولة عُظمى.. طمعاً في مكاسب وهمية لن تتحقّق ، أو حفاظاً على كرسي حُكم كان ثمنه الدم.. ولكن إنْ تراجعوا التاريخ لتروا تنقّلنا من حضن لآخر في حروب لا تخصّنا  ، إلا بمقدار تسديدنا لتكاليفها ، دماً ومالاً!

رغم قناعة كل المتابعين, أن حرباً حقيقية بالمعنى الشمولي التقليدي بين أميركا وإيران إحتمال شبه منعدم، لكن حروباً بشكل آخر، كضربات محدودة مباشرة أو " لوكلاء الطرفين" تأديباً وترهيباً لبعضهما، ربما تحصل.. وهي أمور "يمكن إبتلاعها عند الحاجة" من كليهما.. مقابل ما يرومان تحقيقه إقليمياً وربما عالمياً.

أميركا  تريد أن تحافظ على دورها "كبلطجي" للعالم، والذي يفرض قوانينه على الجميع ومَن يخالف فالويل له، ومَن يمتلك المال يجب أن يدفعه حتى لا تطاله نار تلك الحرب ، رغم بُعده عنها، أو في الأقل عليه أن يصمت ويبتلع لسانه، لكن المُستهدَف الرئيسي المُعلَن، إيران مع حلفائها في المنطقة.. والهدف الأبعد، سيطرة إقتصادية وسطوة مالية عالمية..

إيران من جانبها تريد أن تستعيد دورها كرجل الشرق والخليج القوي الذي يريد أن تكون له كلمة في كل شؤون الإقليم وحسب رؤيا وخطط تخصّه.. وهي  لا تريد الحرب مع أميركا لأنها تعرف ثمنها، وأن شرارتها إن انطلقت لن تتوقّف و تأتي على كل شيء أخضره ويابسه!

هناك اللاعبون الصغار حول هذين العملاقين المتصارعين.. الذين منهم من يريد من أن يؤجّج النار ويزيدها إشتعالاً  كإسرائيل التي تحلم باليوم الذي تضرب أميركا فيه إيران ولو بالنووي.. وهناك بعض الدول التي دفعت دفعاً وهي مضطرة لأن تسدّد ثمن حماية من تهديدات وهمية تمّ إصطناعها ليكون الدفع مبرّراً!

هناك أيضاً دول أخرى كالكويت وعُمان.. رغم صغرها الجغرافي وربما تراجع دورها الإقليمي ظاهرياً ، لكنها دوماً كانت اللاعب الأنجح في نزع فتيل الأزمات والتحرّك الهادئ الذي يجنّب المنطقة الوقوع في الكارثة ، ويبدو أن العراق يحاول أن يشارك في هذه اللعبة ، بحثاً عن دور فقده مضطراً لظروفه ، ودفعاً للعبة خطرة يحاول كثيرون جعله ساحة لها.

من الواضح أن الحرب الكبيرة لن تحصل لكن هذا لا يمنع حصول حدث خارج الحسبان يسبّب حصول الكارثة.. والتفاوض الذي ينهي المسألة ويحلّها ليس مطروحاً حالياً ، لأن أميركا لا تريده حقاً.. فهي تريد مَن تبتزّهم أن يستمروا بالدفع.

عاصفة كبرى من الأحداث المُتشعّبة المُترابِطة المُتناقِضة.. تضرب بالمنطقة وكل يحاول أن يحقّق منافعه ومصالحه منها ، إلا العرب.. فهم دوماً في عينها يدفعون فاتورتها فقط.