وقفة الشعب الجزائري

وإذا ركب "المعني" رأسه وعين نفسه  رأساً للدولة بطريقة هيأ لها (كما ذكرنا سالفاً) فليقرأ الفاتحة على السلم الاجتماعي وليخرج بنادقه لينفذ أكبر مجزرة في تاريخ الجزائر، ومع ذلك لن يستطيع وقف الشعب عن زحفه المبارك الهادف هذه المرة إدخال العسكر للثكنات كموقع طبيعي وموقف يضع حداً لفرعنة فساد حفنة من الجنرالات لم يشبعوا بعد فحان موعد ترسيخ قاعدة الجزائر للجزائريين وليس لقلة من المحظوظين.

حان موعد ترسيخ قاعدة الجزائر للجزائريين وليس لقلة من المحظوظين

في قاعة أحمد باي الكائنة في مدينة الجسور المعلقة "قسنطينة" عاصمة الشرق الجزائري، جلست مستحضراً عمق ذكريات ماض تارك بصمات على صفحات من كتاب حياتي ألفته احتراماً لجزائر الأبطال، التاركين في مثل كبريات المدن ما به استطاعت أن تظل واقفة على أسسها المتينة، لا تقدر رياح الظروف العاتية زحزحتها عما سخر وجودها القدر لتكون المقام الأكثر حضوراً حينما يتم الحديث الجدي عن الشرف والكرامة والمبادئ، المحافظة على إنسانية الإنسان المتحدية أي هجوم على أصالة مساحة امتزج في ريها دم الشهداء بعرق سلف السلف الواصل رسمهما لخلف الخلف في تناسق مبارك سمته الاستمرارية، على نفس التربية، وعنوانه البقاء على العهود المتنامية، ومستقبله جزائر حرة أبية.

الحاكم ليس الدولة إن كان شبيهاً بعبد العزيز بوتفليقة، بل هي الأم التي ما تمنت أن يكون أحد أبنائها عاقاً مساهماً في احتضان سوس الأدغال المتوحشة ينهش صناديقها المالية لتشرف على الإفلاس، لولا وقفة الشعب ليرحل وتغتسل أرجاؤها الطاهرة من بقايا رائحته، لذا الجزائر ليست بوتفليقة الذي تنحي، الجزائر هي الشعب المدافع الحقيقي عن مصالحها، المحافظ الأمين على وصايا الشهداء، المقْبل على اختيار حكامه بشجاعة تظهر لمن استعان بحكام دول أجنبية أن حلمه لن يتحقق، واستمراره على رأس نفس النظام البائد لن يحصل على الإطلاق، وليتنبه للمرة الأخيرة أن الاعتماد على ذكاء "أبوظبي" كالاعتماد على حرباء مكْرها مفضوح مع الألوان المرتدية جلدها بانفعالات كيماوية تفرزها للتمويه لتنجي بنفسها من مخاطر لحظة الحقيقة، أما ذكاء الشعب الجزائري في مثل الوضعية فيدفع بالالتفاف الدائري حول منبع الضرر لاستئصاله بتضييق الخناق المباشر على مساحته ليضيق ويضيق حتى تطمس عليه كل فجوة تمكنه من توليد أية طاقة للتمدد. 

وإذا ركب "المعني" رأسه وعين نفسه  رأساً للدولة بطريقة هيأ لها (كما ذكرنا سالفاً) فليقرأ الفاتحة على السلم الاجتماعي وليخرج بنادقه لينفذ أكبر مجزرة في تاريخ الجزائر، ومع ذلك لن يستطيع وقف الشعب عن زحفه المبارك الهادف هذه المرة إدخال العسكر للثكنات كموقع طبيعي وموقف يضع حداً لفرعنة فساد حفنة من الجنرالات لم يشبعوا بعد فحان موعد ترسيخ قاعدة الجزائر للجزائريين وليس لقلة من المحظوظين.

البرلمان بغرفتيه وقف على "ويل للمصلين" متجاهلاً ما نص عليه الدستور صراحة أن الشعب سيد القرار، وإذا كان الأخير عبر عن إرادته بتوقيف كل رموز النظام البائد عند حدهم فالأمر محسوم وعلى عبد القادر صالح احترام هذه الإرادة إن بقيت في مخيخه ذرة تعقل إنقاذاً لما تبقى إنقاذه حفاظاً على الانتقال السلس السلمي للسلطة ليتحمل الشعب مسؤولياته التي خرج لعموم الشوارع الجزائرية ثائراً ليتحملها بنفسه من دون رضوخ لأي كان.

استعراض القوة كما جري هذا اليوم مع تظاهرة سلمية خاضها الطلبة رفضاً لقرار البرلمان بغرفتيه تنصيب عبد القادر رئيساً للجمهورية ولو لثلاثة أشهر بسبب انتمائه لجماعة بوتفليقة التي أوصلت الجزائر لمستوى لا تحسد عليه، استعراض أبان بوضوح أن القوى الأمنية من شرطة ودرك منحت الضوء الأخضر لتدشين المرحلة الدموية من لدن هؤلاء المندسين خلف الستائر كعادتهم قبل الانقضاض لإرغام الشعب، المطالب بحق التغيير الكلي، على الركوع وبالتالي الانبطاح البشع المهين.