عندما تنتصر مطرقة الجنوب على "درع الشمال"
الهجوم المعاكس القوي الذي شنّه السيّد نصر الله قلب المعادلة وأجبر "نتنياهو" على الردّ حسب التوقيت المقاوم، وبالتالي أتى ردّه هزيلاً وغير مُقنع عندما قال "إن نصر الله يشعر بالإحراج الشديد إزاء نجاح عملية درع الشمال" ولسوء حظ نتنياهو أن معظم المحلّليين السياسيين في إسرائيل كانوا يؤكّدون عبر الشاشات والمواقع الإلكترونية أن نصر الله بدا قوياً وواثقاً ومُقنعاً.
لن نكون هنا بصدد تحليل المقابلة التي أجرتها قناة الميادين مؤخّراً مع قائد المقاومة السيّد حسن نصر الله، ولكنّنا سنحاول الإضاءة على جانب واحد فيها وهو كيف استطاع السيّد نصر الله سحب معظم الأوراق من يد رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو"، بل إنه قلب سحرها على "نتنياهو" الذي كان يراهن عليها في الانتخابات الإسرائيلية القادمة.
- لعلّ الورقة الإسرائيلية الأولى التي أحرقها السيّد نصر الله هي ورقة توقيت الظهور، فلقد عملت الآلة الإعلامية الإسرائيلية منذ بدء الحديث عمّا سُمّي "عملية درع الشمال" على القول بأنّ السيّد نصر الله بحال صحيّة ُمترديّة وذلك لإجباره على الظهور حسب التوقيت الإسرائيلي، وبالتأكيد لو ظهر السيّد نصر الله في ذلك الوقت كان سيتكلّم عن الأنفاق، وهذا ما سيُعطي العملية الاسرائيلية زخماً إعلامياً يستثمره "نتنياهو" في دعايته الانتخابية.
- وفي نفس سياق عملية درع الشمال قال السيّد نصر الله بأنّها تأخّرت أكثر من عشر سنوات، وتعجّب من عدم قدرة إسرائيل على اكتشاف هذه الأنفاق طيلة السنوات الماضية، وبالتالي فهذه فضيحة عسكرية واستخباراتية كبيرة.
- خبر الانتهاء من عملية الأنفاق وما تسبّب ذلك من ارتياح وسط الشارع الإسرائيلي، نسفه السيّد نصر الله حين غمز بأنّه من الممكن أن تكون هناك أنفاق لم يتمّ اكتشافها وتدميرها، وأن العقول المقاوِمة قد أعدّت كلّ ما يلزم من طُرق وأساليب ومعدات تساعد المقاومين في الوصول إلى الجليل وربّما لما هو أبعد من ذلك، حتى من دون هذه الأنفاق.
- الهجوم المعاكس القوي الذي شنّه السيّد نصر الله قلب المعادلة وأجبر "نتنياهو" على الردّ حسب التوقيت المقاوم، وبالتالي أتى ردّه هزيلاً وغير مُقنع عندما قال "إن نصر الله يشعر بالإحراج الشديد إزاء نجاح عملية درع الشمال" ولسوء حظ نتنياهو أن معظم المحلّليين السياسيين في إسرائيل كانوا يؤكّدون عبر الشاشات والمواقع الإلكترونية أن نصر الله بدا قوياً وواثقاً ومُقنعاً، وهنا يُسجّل لفريق قناة الميادين الذكاء والحرفية في اختيار يوم العطلة اليهودية موعداً للمقابلة، كما الذكاء في اختيار العنوان والدعاية التي سبقتها.
- قال"نتنياهو" إنّ الغارات المتكررة لسلاح الطيران والصواريخ الإسرائيلية ضمن الأراضي السورية، هي على أهداف إيرانية أو على أهداف تخصّ حزب الله، وأن كل هذه الأهداف هي إما مصانع صواريخ أو شحنات صواريخ دقيقة في طريقها إلى الأراضي اللبنانية، وقال إنّ الغارات الإسرائيلية منعت هذه الصواريخ من الوصول إلى مخازن حزب الله. وهنا يأتي تأكيد السيّد نصر الله بأنّ المهمة قد أُنجزت بالكامل، وأنّ كلّ ما يلزم الحزب من أسلحة قد أصبح بحوزته، ولا يشكّ متابع بأنّ الجمهور الإسرائيلي يثق بكلام السيّد نصر الله أكثر بكثير من ثقته بكلام القادة الإسرائيليين، والدليل على ذلك هو العدد الكبير من الإسرائيليين الذين كانوا بانتظار حديث السيّد نصر الله، كما تسابقت مواقعهم وشاشاتهم في نقل فقرات من الحديث وتحليلها.
- نقطة في غاية الأهمية مرّت ضمن المقابلة ولكنها لم تحظَ بالإضاءة الكافية، وهي تأكيد السيّد نصر الله أن سوريا ستعيد تحت سيطرتها كلّ ما تبقّى من الجغرافيا السورية، ولكنها ليست على عَجَلة من أمرها، وهنا قد يكون قصده أن سوريا أصبح لديها القدرة كي تُبقي عناصر المجموعات المسلحة مُحاصرين في مناطق سيطرتهم، ولن يكون لهم تأثير يعرقل أو يُربك القيادة السورية عندما تقرّر رفد جبهة الجولان بما يكفي من الجنود والعتاد لخوض معركة هناك إذا فُرضت عليها.
- الشيء الأخير هو تأكيد السيّد نصر الله أنّ محور المقاومة مُجتمعاً قد وضع على طاولته كلّ الخيارات، وهذا تهديد صريح باسم المحور بكامله، ولا شكّ بأنّ هذا الإعلان قد أخذ صداً واسعاً في إسرائيل.