الزيارات الرسمية العراقية بين المواقف والحاجات
زيارة رئيس الجمهورية العراقية الأخيرة إلى دولٍ خليجيةٍ عدّة ٍينقسم الشارع العراقي إلى قسمين بين مَن يؤيّدها ويدعم تكرارها في المستقبل، وقسم آخر غير مُتفائِل ومُتشائِم منها إلى درجةٍ كبيرة، بسبب أنها لم تحقّق للبلد أية مردودات تُذكَر ولأسبابٍ منطقية.
العراق لديه مشاكل لا تُعدّ ولا تُحصى مع دول الخليج، وملفات شائِكة ومُعقَّدة، وهذه المشاكل ليست وليدة اليوم أو الأمس، بل تمتد جذورها منذ سنواتٍ طويلةٍ مع كل الحكومات السابقة، وبعد المُتغيِّرات والتحوّلات الكبيرة التي شهدها البلد ما بعد 2003 قد تكون الأكثر مشاكل وتعقيداً من المراحل السابقة.
مواقف هذه الدول اتّجاه البلد بمعنى أدّق مواقف هذه الدول ما بعد 2003 كانت جداً سلبية ومؤثّرة على وضع البلد الجديد، ومنها دعمت جهات سياسياً وإعلامياً ومادياً تسبَّبت بمشاكل في الوضع العام العراقي، وتدخّلها في الشأن الداخلي لا يحتاج إلى دليلٍ ليومنا هذا من جانب.
أسباب استمرار المواقف السلبية لبعض دول الخليج تّجاه البلد مُرتبطة بأسبابٍ عدّة منها وجود ملفات مُعقَّدة معها من النظام البائِد، ومنها مُرتبط بثلاث نقاط أولاً تخوّف هذه الدول من التجربة العراقية الديمقراطية الجديدة، ومدى انعكاسها على أوضاعها الداخلية لأنها دول حُكم مَلَكي، وثانياً بصريح العبارة تتعامل هذه الدول مع العراق مع النظام تعاملاً طائفياً بامتياز حُكم الشيعة الذي أقصى السنّة، وهذه القضية جداً حسّاسة حكم هذه الدول سنّي، والحَذَر من المدّ الشيعي، والمُطالبة بحقوقهم وبتغيير نظام الحُكم في بعض الدول، وما أنتج ما يُعرَف بالربيع العربي من مُتغيِّراتٍ في العديد من الدول، وهذه الدول تخشى تكرار نفس التجربة في بلدانها.
وثالثاً وهو الأهم وبصراحة السياسة الخارجية العراقية ما زالت مُقيَّدة بقيودٍ تُدخّل الآخرين، ولم تُمارِس سياستها على أنها سياسة دولة مُستقلّة تماماً تعمل على بناء علاقاتٍ جيّدةٍ مع الدول الأخرى، وتسعى نحو المزيد من فتح آفاق التعاون المُستقبلي، وبعيدة عن الصِراعات القائمة في وقتنا الحاضر لا مع الشرق ولا مع الغرب، وهذه المسألة أثَّرت سلباً على مستوى علاقتنا مع معظم الدول ومنها الخليجية.
شهدت العلاقات مع دول الخليج تحسّناً في مستوى التعاون والتواصل في فترة حكومة السيّد العبادي، وأفضل من الفترة السابقة ولعدّة أسباب، وغيَّرت الكثير من هذه الدول مواقفها وسياستها اتّجاه العراق، وتمّ حل بعض الملفات، لكن ما زالت هناك أخرى قائمة إلى يومنا هذا.
حاجة البلد اليوم إلى دعم الآخرين مطلب الكل لأننا نمرّ في مرحلةٍ حَرِجةٍ وحسّاسةٍ بين مشاكل الوضع الداخلي، وتأثيرات الصراعات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، لذا علينا من باب الحِكمة والمنطق وحاجة البلد المزيد من الزيارات الرسمية لإجراء مُحادثات مُستمرّة، وبذل المزيد من الجهد والعمل لإيجاد حلولٍ مُمكنة مع هذه الدول لحلِ هذه الملفات التي تصبّ في مصلحة البلاد، وبعيداً عن تدخّل وحسابات الآخرين.