اتفاقية أوسلو لا أرض ولا سلام
عند مراجعة الاتفاقية والتي تنصّ على التسليم المرحلي لبعض أراضي الضفة الغربية وقطاع غزّة، يتّضح أن الفخّ الأول الذي وقع فيه المُفاوِض الفلسطيني هو قبوله بأرضٍ غير متواصلة جغرافياً، وبالتالي لا تصلح لبناء كيان لدولة ذات وحدة ترابية، والواضح أن المُفاوِض الإسرائيلي يُدرك جيّداً، أن هذا هو مقتل حلم الدولة الفلسطينية وبداية لبذرة الانقسام لخلق فلسطين الشرقية وفلسطين الغربية، بالإضافة إلى ذلك حصلت إسرائيل، على احتلال من دون تكلفة. أيضاً أرشيف المفاوضات وبعض الخرائط المنشورة تشير لاحتفاظ الكيان الصهيوني بالسيطرة على جميع الموارد الاستراتيجية في الضفة الغربية وأهمها مصادر المياه.
تمر هذه الأيام الذكرى الـ25 لاتفاقية أوسلو الموقّعة بين منظمّة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني، اتفاقية غلّفت بمفهوم الأرض مقابل السلام، فهل حقّقت أوسلو أمال الشعب الفلسطيني في بناء دولة مستقلّة وتحقيق السلام، الاتفاقية مبنية على تخلّي الفلسطينيين عن 78% من الأراضي الفلسطينية لتحقيق سلام هُلامي المفاهيم، أولاً مَن يمنح الأرض ومَن يحصد السلام. هل الكيان الصهيوني يمنح الفلسطينيين 22 % من فلسطين التاريخية مقابل أن يسمح له بالعيش بسلام على ما تم الاستيلاء عليه في السابق، أم أن يمنح الفلسطينيون 78% من أراضيهم لإسرائيل حتى يعيشوا في سلام، وما طبيعة هذا السلام إذا كان الصهيوني هو الذي يمنح الأرض؟ فهل فعلاً حصل الفلسطينيون على أرضٍ صالحةٍ للحياة، حتى يعيشوا بسلامٍ مع هذا الكيان؟
عند مراجعة الاتفاقية والتي تنصّ على التسليم المرحلي لبعض أراضي الضفة الغربية وقطاع غزّة، يتّضح أن الفخّ الأول الذي وقع فيه المُفاوِض الفلسطيني هو قبوله بأرضٍ غير متواصلة جغرافياً، وبالتالي لا تصلح لبناء كيان لدولة ذات وحدة ترابية، والواضح أن المُفاوِض الإسرائيلي يُدرك جيّداً، أن هذا هو مقتل حلم الدولة الفلسطينية وبداية لبذرة الانقسام لخلق فلسطين الشرقية وفلسطين الغربية، بالإضافة إلى ذلك حصلت إسرائيل، على احتلال من دون تكلفة. أيضاً أرشيف المفاوضات وبعض الخرائط المنشورة تشير لاحتفاظ الكيان الصهيوني بالسيطرة على جميع الموارد الاستراتيجية في الضفة الغربية وأهمها مصادر المياه.
كما سمحت اتفاقية أوسلو للكيان الصهيوني بالحصول على الوقت الكافي لإحكام السيطرة على أراضي الضفة الغربية ونشر المستوطنات كالغدَد السرطانية رغم جميع الاعتراضات سواء من الجانب الفلسطيني أو الدول الكبرى التي دفعت باتجاه السلام. بالإضافة إلى بناء المستوطنات أمعن الكيان الصهيوني في السيطرة على أراضي الضفة الغربية، عبر إنشاء الجدار العازِل، الذي سمح لها بالاستيلاء على المزيد من الأراضي وتنغيص حياة السكان في أراضٍ يُفترض أن تكون تحت سيطرة السلطة الفلسطينية. ناهيك عن ملف القدس الذي تُرِك لمفاوضات الوضع النهائي. الواقع أن الاتفاقية مهّدت لزيادة تهويد المدينة المُقدّسة. بالنسبة إلى القرى البدوية من العراقيب إلى الخان الأحمر، فمن الواضح، أن الكيان الصهيوني لا يترك أيّ شبر من الأرض، من دون أن يحاول أن يطمس معالمه، ويجعله موطئ قدم لتجمّعات استيطانية جديدة. أما في قطاع غزّة، فجليّة جداً إرادة العدو لبناء سلام حقيقي، مع الفلسطينيين عبر الحِصار المفروض على القطاع، والحروب المُتكرّرة والتحكّم في قوت الناس براً وبحراً، فخلال سنوات الحِصار المستمر، تعرّضت البنية التحية والمشاريع التنموية للعديد من الإضرار، ما ترتّب عليه العديد من الخسائر على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
فوفق تقرير منظمة الأغذية والزراعة الفاو، فإن إنشاء المنطقة الأمنية العازِلة في 2009 أدّى إلى تعذّر الوصول إلى 46% من الأراضي الزراعية في قطاع غزّة، والتي أصبحت مُهمَلة في أعقاب الدمار الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي على طول الحدود الشمالية والشرقية مع الكيان الصهيوني، حيث تشكّل المنطقة داخل المنطقة العازِلة حوالى 29% من أراضي غزّة الصالحة للزراعة.
الحقيقة هي، أن الفلسطينيين لم يحصلوا على أرض أو سلام، لكن هذا الوقت كان فرصة للكيان الصهيوني للحصول على مزيدٍ من الأراضي، وزيادة التمكين لدولةٍ عنصريةٍ يهوديةِ القومية.
وفي النهاية فإن سياسات الكيان الصهيوني من القدس إلى الضفة إلى النقب، تتم وفق برنامج استيطاني يهدف إلى تغيير وتزييف الواقع على الأرض يوماً بعد يوم ما يُطيل من عُمر هذا الكيان.
وعليه فالحاجة مُلحّة لمشروع وطني يرقى إلى مستوى الصِراع وإلى مستوى تطلّعات الشعب الفلسطيني وتضحياته في الداخل والخارج، فغياب الهدف والرؤية ليس في صالحنا، ولتكن الوحدة الوطنية والمقاومة خيارنا نحو تحقيق الهدف.