تجربة البرازيل الاقتصادية هل تفيدنا في بلادنا؟
يُعتبر الاقتصاد البرازيلي حالياً واحداً من أقوى الاقتصاديات وأسرعها نمواً في العالم، ويصنّف ضمن المركز 7 عالمياً كواحدٍ من أهم الاقتصاديات الليبرالية والتي تعكس مدى التطوّر الاقتصادي والمالي والمصرفي الكبير الذي بلغه هذا البلد، الذي ظلّ منذ سنة 1930، إلى سنة 1975.
يُعتبر الاقتصاد البرازيلي حالياً واحداً من أقوى الاقتصاديات وأسرعها نمواً في العالم، ويصنّف ضمن المركز 7 عالمياً كواحدٍ من أهم الاقتصاديات الليبرالية والتي تعكس مدى التطوّر الاقتصادي والمالي والمصرفي الكبير الذي بلغه هذا البلد، الذي ظلّ منذ سنة 1930م، إلى سنة 1975م، يرزح تحت حُكم عسكري جائِر وشهد فترة حرب أهلية دامت 10 سنوات كاملة أي ما بين سنوات 1975-1985م، قُتِل فيها عشرات الآلاف من البرازيليين، ثم سرعان ما تعاقبت على حُكم البلاد من سنة 1985م إلى سنة 2003م، مجموعة من الحكّام الديمقراطيين الليبراليين الذين عجزوا عن ضبط الاقتصاد البرازيلي أو الانخفاض الحاد في قيمة العملة، أو الحد من الارتفاع الجنوني للدّين الوطني العام الذي بلغ مستويات قياسية وغير مسبوقة ومهولة تجاوزت 900 بالمائة، وفي تلك الفترة العصيبة جداً من تاريخ البرازيل رفض حتى البنك الدولي إقراض السّلطات السياسية مبلغ 2 مليار دولار، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه حتى تم انتخاب الرئيس البرازيلي اليساري الاشتراكي لولا دا سيلفا، الذي كان حلم البرازيليين، ومنقذهم بالرغم من أنه كان محل شك وريبة كبيرين من طرف كل الفئات الاجتماعية فيها، بما فيها طبقة الفقراء ورجال المال والأعمال.
فالرجل اتّخذ مجموعة من الخطوات والإجراءات لإعادة الثقة بين أفراد الشعب البرازيلي وبين حكومته الفتية، فقام بإعادة تمويل الاقتصاد البرازيلي، عن طريق تدعيم تسهيلات مالية استثمارية كبيرة لرجال الأعمال، تشمل تقديم قروض وتسهيلات بنكيّة بنِسَب وفوائد منخفضة، في مقابل فرض رسوم وضرائب على الجميع، ورفع الدعم على السلع والخدمات، باستثناء الأسر الفقيرة والمعوزة، والتي تمثل نسبة 33 بالمائة من المجتمع البرازيلي، أي حوالى 11 مليون مواطن، فهؤلاء قد استفادوا من مِنَحٍ شهرية دائمة تعطيها لهم الدولة، كل شهر بلغت في المتوسّط 734 دولاراً للأسرة الواحدة، وفتح المجال الاستثماري أمام القطاع العام والخاص وحتى الأفراد والمستثمرين الأجانب، وقدّم لهم تسهيلات كبيرة، فاستقطب بسياسته تلك أكثر من 1.5 مليون برازيلي مهاجر وعادوا إلى وطنهم الأمّ، بالإضافة إلى جلب رؤوس استثمارية أجنبية بقيمة 200 مليار دولار تمثّلت في مشاريع استثمارية أقيمت فوق أرض بلاد السامبا سنة 2011م، وبالتالي استثمر الجميع في إعادة تأهيل ورسكلة البنى التحية للاقتصاد البرازيلي، وكذلك قام لولا دا سيلفا بشراء المنتجات الفلاحية والزراعية والمواد الخام من الفلاحين والشركات الخاصة بأسعار السوق المحلية، ومنع على هؤلاء بيعها إلا للشركات العمومية التابعة للدولة، في مقابل دعمهم مادياً ومعنوياً لتوسيع أنشطتهم الفلاحية والزراعية والتجارية، بينما عملت الدولة البرازيلية على إعادة تصدير تلك المنتجات الفلاحية والمواد الخام للدول الصناعية الكبرى بأسعار السُّوق الدولية.
وقامت بإعادة استثمار تلك الأموال الناتجة من التصدير في إقامة منظومات اقتصادية قامت ببناء صناعة تعتمد على الصناعات الخفيفة والمتوسّطة، ثم انتقلت البرازيل في ظرف ال 5 سنوات الأولى من فترة حكم الرجل إلى بناء اقتصاد يقوم على الاستثمار في الصناعات الثقيلة والإستراتيجية ، وانتقلت من صناعة السيارات إلى الصناعات التحويلية والعسكرية، إلى صناعات الطائرات المدنية، حيث أن شركة أمبرايز البرازيلية تستحوذ على ما قيمته 37 بالمائة من الأسطول الإقليمي الجوي لأكبر دولة في العالم، وهي الولايات المتحدة الأميركية، لدرجة أن البنك الدولي أصبح مديناً للبرازيل التي رفض تمويلها في بداية الألفية الحالية بحوالى 14 مليار دولار.
فلماذا لا تقوم حكومة أحمد أويحيى التي قامت باتباع مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الكارثية، التي رفعت من حجم التضخّم، وأدّت إلى انهيار قيمة العملة الوطنية، وفشلت سياساته الاقتصادية في إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية الخانقة، بدراسة تلك التجربة السياسية والاقتصادية الفذّة والاستفادة منها لأقصى درجة، من أجل إنقاذ الاقتصاد الوطني المُتهالِك، والذي ينخره الفساد والبيروقراطية والتهرّب الجبائي الضريبي لحدِّ النخاع يا ترى؟