أقلام وفتاوى خليجية محبة باليهود
حملة شرسة ومُمنهجة وغير مسبوقة في الآونة الأخيرة تُعبّر عن حقد أسود دفين، وتدنٍ وانحطاط على المستوى الأخلاقي والإنساني، وحالة انعدام ضمير، وتمادٍ لدرجة الوقاحة وتفاخُر بالتطبيع مع العدو.
منذ فترة غير وجيزة نُطالع عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر الفضائيات الناطقة بالعربية، هجمة غير مسبوقة، تهاجم المقاومة وتروِّج للتطبيع مع العدو الصهيوني، فكثرت المقالات المسمومة والفتاوى الدينية الوهّابية، والتغريدات المتنوّعة، على أن الكيان الصهيوني هو كيان شرعي بحُكم الأمر الواقع واعتراف الأمم المتحدة به، وأن (إسرائيل) وردت في القرآن الكريم، ولم يرد إسم فلسطين في القرآن، وهناك فتاوى تُحرِّم قِتال اليهود وتُحرِّم حتى التظاهرات للشعب الفلسطيني تارة بحجّة الاختلاط وطوراً بحجّة الخروج عن طاعة وليّ الأمر الواقع، وأحياناً بحجّة أنه لا يجوز الاعتداء على اليهود طالما أنهم لم يعتدوا. وكأن فلسطين هي أرضهم التاريخية وليسوا مُحتلّين ومُغتصبين لها. لذا فأي عمل مقاوِم هو اعتداء عليهم، كما أن هناك حملات أخرى ضد الشعب الفلسطيني، وكيْل الاتهامات له، ووصف مقاومته بالإرهاب، وأحياناً بنُكران الجميل، وبيع أرضه لليهود، وما شابه ذلك من اتهامات.
هناك علاقات تطبيعية، بل وأكثر من ذلك بين العديد من الأنظمة العربية والخليجية خاصة مع العدو الصهيوني، سواء بالسرّ كما كان سابقاً أو بالعلن كما يحدث الآن. وأن بعض الأنظمة التي أوجدها المُستعمِر قايضت وجودها بالتنازُل عن فلسطين (للمساكين اليهود)، وهناك مَن رحَّب بهم وتمنّى لهم استقبالاً جيّداً على أرض فلسطين، وتمنّى لهم التقدّم والازدهار منذ مطلع القرن الماضي، ونعرف أيضاً أنه عبر إعلام هذه الأنظمة وتعليمها وثقافتها، قد غيَّبت الحق الفلسطيني عن مناهجها وإعلامها، كي تُبرّر تصرّفاتها، وتحول دون تعاطف شعوبها مع الحق الفلسطيني، ولكن نلاحظ أن هناك حملة شرسة ومُمنهجة وغير مسبوقة في الآونة الأخيرة تُعبّر عن حقد أسود دفين، وتدنٍ وانحطاط على المستوى الأخلاقي والإنساني، وحالة انعدام ضمير، وتمادٍ لدرجة الوقاحة وتفاخُر بالتطبيع مع العدو، والغَزَل به، بل وحثّه وتحريضه علناً على ضرب المقاومة سواء في فلسطين أو في لبنان أو في غيرهما من بلاد العرب، والتماهي مع العدو بوصف المقاومة إرهاباً، بينما أصبح هذا العدو المُغتصِب والمُجرِم ديمقراطياً وإنسانياً وحضارياً.
إن من نالوا شرعيّتهم بالوجود من خلال المُستعمِر ومنظماته الدولية، يحلو لهم تمجيد وشرعنة وجود هذا الكيان الصهيوني المُغتصِب والمحتل لفلسطين، فمَن لا تاريخ لهم يتماهون مع أندادهم، ويحلو لهم التناسي كما العدو أن فلسطين الكنعانية لها شعب ضارِب بجذوره في عُمق التاريخ، وأشاد أقدم مدن العالم (أريحا) وغيرها، وما زال ممتداً ومتجذِّرا على أرضها منذ آلاف السنين، فهو ليس بحاجة إلى شرعية زائِفة ومُصطنَعة من مُستعمِر دخيل، وليس بحاجة أن يثبت ألاّ وجود لأثر يهودي واحد على أرض فلسطين رغم كل التنقيبات والحفريات التي قام بها العدو على مرّ عقود.
ومراهقو الفكر والسياسة لم يتّعظوا من دروس التاريخ، ولا من الوقائع الساطِعة سطوع الشمس، ولم يدركوا بعد أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، فمنذ مطلع هذا القرن ولّى زمن الهزائم التي ساهموا بها، وبات هذا الكيان يعاني من مُعضلة وجودية، بل وباتت هزيمته النهائية مسألة وقت، فعلامَ يراهنون؟ فهذا العدو للوطن والدين والإنسانية، لم يجرؤ على اقتحام غزّة من فلسطين، وهي بقعة جغرافية صغيرة، ولكنها كبيرة بشعبها ومقاوميها، بل وأكبر من دويلات كرتونية. كما أن هذا العدو لم يصمد أمام المقاومة في الجنوب اللبناني الأشمّ، بل وبات مهزوزاً ومُتصدّعاً من تصريحات يلقيها السيّد حسن نصر الله، هذه التصريحات التي باتت تقضّ عروشاَ أيضاً مُتهاوِية، كما تهاوت دولة (الخرافة) التي أغدق عليها بكل سخاء من أموال حق للشعوب.