رسالة الإرهاب في نيس.. لم نستقبلها
واضحة هي رسالة الإرهاب! قاسية وفعالة وسيلته الجديدة! لكننا في العالم العربي والإسلامي مصرون على عدم استقبال الرسالة، وعلى تبني نفس ردود الفعل التي نتبناها بعد كل جريمة إرهابية في الغرب اليورو-أمريكي! حتى صارت ردود فعل يمكن حصرها سلفا وتعدادها مقدما!
-
-
المصدر: الميادين نت
- 16 تموز 2016 15:05
في العالم العربي والإسلامي مصرون على عدم استقبال الرسالة، وعلى تبني نفس ردود الفعل التي نتبناها بعد كل جريمة إرهابية في الغرب اليورو-أمريكي
واضحة هي رسالة
الإرهاب التكفيري الجديدة في نيس! مهما مددت حالة الطوارئ ومهما
أحكمت الرقابة الأمنية، سيظل الفكر التكفيري قادرا على الوصول لشاب محبط ضعيف
العقل ليحوله إلى مجرم إرهابي فاقد لأدنى قيم الإنسانية! مهما شددت
السيطرة على الأسلحة والكيماويات والمواد الخطرة، جرثومة الإرهاب تحول الكائن
البشري نفسه إلى مادة خطرة عندما تسري في دمائه فتلغمها! مهما
نشرت أجهزة الكشف عن المعادن والمتفجرات فهي لا تكشف عن تلك الجرثومة المتفجرة! ومهما خلعنا الأحذية
في المطارات! فخطر الإرهابي لن ينتهي إلا لو خلع رأسه! واضحة هي رسالة
الإرهاب! قاسية وفعالة وسيلته الجديدة! لكننا في العالم العربي والإسلامي مصرون
على عدم استقبال الرسالة، وعلى تبني نفس ردود الفعل التي نتبناها بعد كل جريمة
إرهابية في الغرب اليورو-أمريكي! حتى صارت ردود فعل يمكن حصرها سلفا وتعدادها
مقدما!
رد الفعل الإنكاري؛ من قال أنه إرهاب؟
سرعان ما تسمع
في عالمنا العربي والإسلامي من يقول؛ "ولكن من قال أن
المجرم محمد بوهليل إرهابي وتكفيري؟ لماذا لا يكون مختل عقليا؟ لماذا لا يكون
محبطا من فشل زواجه؟ لماذا لا يكون ناقما على عنصرية المجتمع الفرنسي ضده؟".كل هذا الجدل
المعتاد الذي يروج خلال فترة الضبابية التي تعقب كل حادث، وحتى تثبت علاقة الجاني
بالإرهاب التكفيري! بالنسبة لي فإثبات "داعشية" هذا الرجل مسألة
وقت لا أكثر، لعدة أسباب:(١)
توقيت الجريمة بعد يوم واحد من مقتل المقبور "أبو عمر الشيشاني" الملقب
بوزير الحرب في داعش، والذي أعلن مقتله في الموصل يوم
الأربعاء ١٣ يوليو/تموز الجاري! (٢)
ما نشرته صحيفة الجارديان عن وجود كميات كبيرة من المتفجرات بالشاحنة وهو ما يؤكد
أن خطة مداهمة الأبرياء وقتلهم تحت عجلات الشاحنة كانت "الخطة باء"،
ويضع علامة استفهام عن مصدر تلك المتفجرات وكيف حصل عليها الجاني! (٣)
عدم وجود تاريخ إرهابي للجاني لا يعني شيئا ولا ينفي شيئا! فالانتماء لداعش لا
يعني بالضرورة وجود روابط تنظيمية! فإرهاب ما بعد القاعدة تميز بغياب الهيكل
الهرمي، وبوجود خلايا تعمل مستقلة عن التنظيم المركزي! أو بتواصل طفيف معه.(٤)
اكتراء الشاحنة قبل الحادث بيومين يعني وجود نية مبيتة ويبعد تماما فكرة المجنون
الذي راودته فكرة دامية فاقترفها، ويؤكد نفس دلالة وجود المتفجرات.
رد الفعل المتشفي؛ ألم نقل لكم؟
لم
يكن "هولاند" وأقرانه ممن توفوا تحت عجلات الجاني لنقول إن هذه هي مغبة
دعمهم للإرهاب التكفيري في العراق وسوريا! لم يمت لجورج بوش ابن أو ابنة! ضابط
المخابرات المركزية الذي بعث الفكر الإرهابي من بطون الكتب الصفراء ليحارب به
السوفيات في أفغانستان لم يهدر دمه فوق الأسفلت لنتشفى فيه! الضحايا أبرياء يا
سادتنا تماما كضحايا الإرهاب في مصر وسوريا والعراق! أفهم ألمكم من دعم الغرب
للإرهاب ولكن هؤلاء ضحايا مثلنا ومثلكم تماما! ومن أكلت النيران كبده مثلنا لا
يشمت بحريق!
رد الفعل الدفاعي؛ الإرهاب في كل الأديان!!
"هناك
إرهابيون من كل الأديان"! نعم! و"هناك تاريخ إرهابي للفاتيكان"!
حقيقي، ولكن من قال غير هذا يا سيدنا؟ ولكن ألا يمكنك أن ترى أن داعش وأخواتها
صارت اليوم هما عالميا وتهديدا عالميا للإنسانية كلها؟ فما موقع كلامك هذا من
الإعراب؟ أنت تدافع - برأيك - عن الإسلام، ولا يرقى أحد من الأصل لأن يتهم
الإسلام إلا متطرف داعشي الطباع مثل "دونالد ترامب"! فدفاعك هذا في غير
موقعه لأنه لا يوجد متهم يحتاج له بالأساس!
هكذا
كانت كل ردود الفعل في غير موضعها أو بالأقل لا ترقى لمستوى الجريمة! وهكذا لم
نتلق الرسالة الواضحة للإرهاب التكفيري! فقط عندما يقر قادة وساسة الغرب
اليورو-أمريكي بأنهم ارتكبوا جريمة ضد الإنسانية في العراق وسوريا، وفقط عندما
نعترف في عالمنا العربي والإسلامي بأن جرثومة مريضة ظهرت بيننا واستشرت منذ
السبعينيات، فقط عندها نكون قد صرنا جميعا بمستوى المعركة التي تواجهها البشرية اليوم!