11 تشرين الأول... اليوم العالمي للـ "الجنس الآخر"؟
ماذا يعني الجنس الآخر؟ ولماذا هناك جنسُ آخر اساساً؟ وإذا كان هناك جنس آخر فعلاً فمن هو الجنس الأساسي الذي يستحق أن يقال عن كل ما سواه إنه آخر؟ وعلى أي مبدأ ومن منظور من يُحدَّد الجنس بأنه آخر؟ من هو الجنس الآخر إذاً؟ وكم قارئ وقارئة همسوا في سرّهم الأن: إنها الأنثى؟ّ
من الطبيعي والمؤكد بل من الصحي والسليم أن يُطلق على كل من يختلف عني أنه الآخر. طالما هو ليس أنا فهذا يعني بالضرورة أنه آخر. لكنّ الموضوع ليس بهذه البساطة، هناك جنس بأكمله يطلق عليه الجنس الآخر لأسباب مختلفة، البعض يقول "آخر" لأنه تابع، والبعض يسميه "آخر" لأنه الضعيف المحكوم دوماً برزمة من القوانين التي لا تطبّق إلا عليه حصراً فيصبح آخرا.
أقرت الولايات المتحدة يوم الحادي عشر من شهر أيلول يوماً عالمياً للطفلة، للتذكير بحقوقها والتحديات الفريدة التي تواجهها في كل أنحاء العالم. يخص هذا اليوم الفتيات دون سن الـ 18. أي قبل بلوغهن سن الرشد. لم يأت هذا اليوم ليقرّ عبثاً، فكثيرات هن الفتيات اللواتي يضطدهن من المجتمع والأهل ولاحقاً من الزوج.
ولمّا كانت طبيعة القبائل فيما سلف من الأيام، طبيعة قاسية تستمد وجودها من القضاء على الآخر للبقاء، عانت الفتيات من انعكاس هذه القسوة على نظام حياتهن المحكوم أصلاً بإرادة "الآخر الأقوى"، فدفنت حقوقهن كما كنّ يدفنّ وهنّ على قيد الحياة في الجاهلية لإبعاد عار ما قد تجلبه مسيرة حياتهن.
ومع تطور الثقافات والأزمنة تلاشت هذه الظاهرة اللا إنسانية، لكنّ الفتاة لم تحصل على حقوقها كافة حتى يومنا هذا. لا زالت هناك فتيات لا يحق لهن أن يتعلّمن، واخريات لا يحق لهن اختيار شريك الحياة، هذا عدا عن حقها في إثبات نفسها في مجتمعها كإنسانة تملك نفس حقوق الرجل، والأمثلة هنا تعد ولا تحصى.
الأمر ليس سيّان في المجتمعات كافة، لذلك تحصل الفتاة في بعض المجتمعات على غالبية حقوقها كإنسان بالدرجة الأولى، وتعيش في كنف عائلة تمد لها يد العون منذ الصغر، وتحدد هي لاحقاً مصيرها مع التوجيه الملازم لمراحل حياتها. ويبقى لها الخيار في أن تصبح سيدة بيتها أو مجتمعها أو اختيار أي طبيعة حياة تراها مناسبة لها.
أما في مجتمعات اخرى، فتؤسس العائلة والمجتمع مفهوماً ملتبساً لدى الفتاة، يرسم في ذهنها قاعدة أنها متأثرة لا مؤثرة، فتنمو الفتاة في دائرة حكمت عليها سلفاً أنها "الآخر" التابع، وهذا ما يفسر ظاهرة أن الكثير من الفتيات لا يعترفن بحقوقهن وربما يجهلنها. فتقفن بالتالي موقف المتفرج من العالم الذي لا تملكن حياله سوى التصفيق له أو ذمّه.
ينقص الفتاة غالباً الوسائل التي تسمح لها التعبير عن نفسها، ولذلك فأن المشكلة تبدأ منذ الطفولة، منذ أن قيل لها أن المصير الوحيد الذي تنتظره الزوج والبيت. هذا لا يعني قطعاً أن الزواج ينتقص من حقها، على العكس، فالمرأة التي تبني أسرة في بيتها وتكد في عملها خارجه لتكون فاعلة ومؤثّرة في مجتمعها تستحق إعادة نظر حتى في مقولة كونها نصف المجتمع.
يقال، إذا أردت أن تعرف رقي مجتمع ما فانظر كيف يعامل أطفاله ونساءه، لأنهن - بحسب غالبية المجتمعات - يشكلن الحالة الأكثر ضعفاً. حقوق الفتيات تعترف بها الدول غالباً على الورق فقط، لكن سلطة الأسرة والمجتمع هي التي تعطي وتحرم وتفرض القيود التي تراها مناسبة.
بات من الضروري النظر بعين أكثر عمقاً وإيجابية إلى حقوق الفتيات المشروعة، الحقوق التي تخولهن الدخول إلى العالم الاجتماعي ومعهّن كل الأسلحة التي تحمي ظهورهن.. وتؤكد إنسانية الجنس البشري الذي يعترف بالآخر أياً يكن.