حلف عربي - إسرائيلي - أميركي ضدّ إيران تمويله عربي والقضية الفلسطينية إلى النسيان
لا يخفى على أحد مشاركة إسرائيل في كل حروب المنطقة، منذ حرب الخليج الأولى وصفقة إيران كونترا، أو في حرب الخليج الثانية ... إلى حربي سوريا واليمن.
وأن تتحالف أميركا مع بعض الأنظمة النفطية العربية، فهذا شيء طبيعي مبنيّ على معادلة النفط أو المال مقابل الحماية.
فآثار حلفها في العراق وتدميرها لنظام البعث وكل مرافق الدولة شاهد ليس ببعيد على تحالف النفط والحماية. أن تتحالف إسرائيل والعالم أكمل باستثناء العرب والمسلمين فهذا شيء بإمكان أي عاقل أن يبلعه ويهضمه فلا مشاكل مستعصية لإسرائيل معهم، ولا أراضٍ محتلة ولا أرواح مزهوقة ولا طفولة مُشرّدة ولا عائلات نازحة لاجئة ولا حروب مستمرة ولا أقدس الأماكن مباحة ومحتلة ومنتهكة... واللاءات طويلة. أما وأن تتحالف إسرائيل وبعض الأنظمة العربية في مواجهة إيران، ففي هذا نسف للصراع العربي الإسرائيلي وتوقيع من تلك الأنظمة بيهودية الدولة وتلميع لصفحة إسرائيل الإجرامية وتسليم بفكرة الاحتلال واستسلام وهوان بأبشع الصور، يصعب على كل شريف، عربياً كان أم أعجمياً، أن يصدّقه أو أن يستسيغه أو أن يقف مكتوف اليدين أمامه .
لا يخفى على أحد مشاركة إسرائيل في كل حروب المنطقة، منذ حرب الخليج الأولى وصفقة إيران كونترا، أو في حرب الخليج الثانية ... إلى حربي سوريا واليمن.
هنالك شواهد كثيرة تدلّ على ضلوع إسرائيل إن من خلال الدعم المباشر كغرفة عمليات موك، أو من خلال الدعم الطبّي، أو من خلال الدعم بالسلاح والذي بطبيعة الحال تدفع ثمنه أنظمة النفط أو حتى من خلال رؤوس فتنها كأمثال برنار هنري لفني عرّاب الربيع العربي، أو أيضاً من خلال غرفة عمليّاتها الإلكترونية التي تقوم بنشر سموم الفتنة الشيعية السنّية، أو الإسلامية المسيحية، أو العربية الكردية أو العربية البربرية ... والقائمة تطول من خلال الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي. فما كنا نتغنّى به، أي التعدّدية أصبح داءً يفتك بمجتمعاتنا وينهش عيشنا المشترك ويهدم أعواماً وقروناً وألفيات من التسامح والأخوّة تعاقبت على صونها كل الدول منذ خلافة رسول الله إلى الأمويين فالعباسيين فالعثمانيين.
هذه المشاركة بقيت سرّية، لا تجرؤ إسرائيل فيها على إعلانها ولا حتى يجرؤ من تحالف معها تحت الطاولة ووراء الستار على تأكيدها بل يذهب إلى حد تكذيبها ووضعها في خانة الحرب الإعلامية و التشهير بمُسلّمات نظامه، وإن أي اتصال مباشر مع إسرائيل يُعتبر جريمة ترتفع بدرجتها عن الخيانة العُظمى. وربما من يقرأ كتاب المفاوضات العربية مع إسرائيل للكاتب الكبير محمّد حسنين هيكل وبجزءيه يعرف جيّداً وتماماً متى بدأت المشاورات العربية مع إسرائيل ومن كان على اتصال، ومن خان ومن تابع ويتابع أخبار المنطقة يعرف مًن أكمل مسيرة الخيانة ومن انضم إلى الرّكب مُكرهاً ومَن انضم طوعاً غير آبه بعد رفع المُحرّمات، مُحرّمات أصبحت فيها كلمة الاحتلال في خبر كان بعد أن أزيحت كل الأنظمة التي كانت ثابتة على مبدأ تحرير الأرض وإرجاع الحق لأصحابه الفلسطينيين، أما من ما زال ثابتاً من الأنظمة فهو مُهدّد بالاقتلاع ولاه بحرب أشعلتها إسرائيل وعملاؤها تحت مُسمّى الحرية والديمقراطية والشعارات التي لم تُسمن ولم تغنِ من جوع . إن الإعلان، ومن جانب إسرائيل بأن أكثر الأنظمة العربية لا تبادر إسرائيل العداء، وأنها قاب قوسين أو أدنى من إعلانها حلفاً معهم لمواجهة إيران، فتلك من المصائب التي لا تطال القضية الفلسطينية فقط وإنما تطال المنطقة ككل وتبشّر بشرق أوسط جديد بُشّرنا فيه منذ عشرات السنين ، تكون فيه إسرائيل هي الآمرة الناهية.
شرق أوسط طائفي عرقي مُقسّم لدويلات طائفية عرقية مذهبية يشرعن يهودية الدولة في إسرائيل ويضعف العرب أضعاف مضاعفة على ما كانوا عليه ويقضي على آخر آمال الفلسطينيين ببلدهم وأرضهم. في الماضي، لم تكن إيران عدوّة لإسرائيل، عندما كان الشاه محمّد رضا بلهوي يقيم علاقات معها، ولم تكن على عداء مع أميركا عندما كان الشاه شرطياً أميركياً لها، ولم تكن على عداء مع العرب (باسثناء عبد الناصر وقتها) عندما كان الشاه يدعم البارزاني، ويؤلّب أكراد العراق على دولتهم، وعندما كان يُقيم حلف بغداد، ويجرّ العراق و سوريا إليه بعيداً عن حاضنتهم العربية في مواجهة القوميين العرب وحركات الكفاح العربي، وحتى عندما كانت إيران تستولي على الجزر المُتنازع عليها مع الإمارات، ولم تكن هنالك مشكلة في الأهواز العراقية و لم يكن بنظر الخائفين الآن من إيران، أن إيران تتدخّل بشؤونهم الداخلية ... ويبدوا بأنها أصبحت كذلك منذ أغلقت سفارة إسرائيل لتحلّ محلّها سفارة فلسطين ... أما إذا كنتم تعزون ذلك إلى تدخّلاتها في العراق ... فلم تكن لتجرؤ لو لم تتآمروا على نظام صدام حسين وتساعدوا أميركا في تحويل العراق إلى شبه دولة بعض أن هوّلت خطره لكم وبعد أن شخصنتم الخلاف .. فمَا كَانِتِ الْحَسْنَاءُ تَرْفَعُ سِتْرَهَا لَوْ أَنَّ فِي هَذِي الجُمُوعِ رجالاً!
إن من هوّل وعادى جمال عبد الناصر، و صدّام حسين والقذافي والأسد، وحتى من اغتال فيصل بن عبد العزيز، لا يصعب عليه بتاتاً أن يهوّل من الخطر الإيراني، فإذا كانت القومية العربية وجدت مَن يُعاديها في بيتها فمن السهل أن يجد الإيرانيون من يُعاديهم في البيت العربي.
إن الصعب والمستنكر والذي يجب، أقلّها لدى الشرفاء، أن يجد له ألف استنكار هو أن يضع العرب أيديهم ويشبكون الأيادي الإسرائيلية. لن نسأل عن علماء الأمّة وأين هم من هذا الحلف، لأننا نعرف تماماً أين هم، هم في سوريا و اليمن والعراق وليبيا، يشعلون نار الخلاف بين الأخوة ويكفّرون هذا ويلعنون ذاك ويهدرون دماء ذاك ... أمّا عن الضرورات فإنها لا تبيح إلا الضرورات لا محظورات في الأرض ولا العرض و لا الدين.
والتحالف مع الشيطان الذي يُعلّل البعض به ويستند إليه يجبرنا على سؤالٍ: هل رأيتم خيراً بالتحالف مع الشر؟ الخير يحارب الشر والشر لا يتحالف إلاّ مع مثيله. عذراً فلسطين، لا نتحالف إلا مع شعبك الأصيل ومع حقوقه المشروعة، ذاك الحلف الوحيد الذي بإمكاننا أن نتحالف معه!