شكراً نتنياهو!

رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو كان اللاعب الأكبر في فشل مشروع الدولتين، دولة إسرائيل القائمة والقوية والمحتلة ودولة فلسطين المرتقبة تحت الإحتلال الإسرائيلي، رغم أن جميع الحكومات الإسرائيلية السابقة التي أتَت بعد توقيع اتفاقية أوسلو سواء "كانت عُمَالية أو ليكودية لم تَسمح بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 حتى بشروط إسرائيلية، لأن غالبية المجتمع الإسرائيلي لا زال لا يتقبل وجود كيان فلسطيني على أرض فلسطين نتيجة التعبئة العنصرية الصهيونية لليهود قبل إنشاء دولة إسرائيل وحتى الآن.

رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو كان اللاعب الأكبر في فشل مشروع الدولتين

مشروع الدولتين، إسرائيل والدولة الفلسطينية الذي جاء في اتفاقية أوسلو والذي تتبناه الدول الغربية الحليفة لإسرائيل، كما تؤيده أحزاب إسرائيلية يسارية وليبرالية وهي لا تشكل الأغلبية في المجتمع الإسرائيلي، كما تؤيد هذا المشروع بعض الجماعات الصهيونية الليبرالية في اللوبي الصهيوني الأميركي والغربي.

إتفاقية أوسلو التي وقعت عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات وإسرائيل لم تعطي الشعب الفلسطيني أي حق من حقوقهم، رغم مضي 24 عاماً على توقيعها.  

ما هو مشروع الدولتين، الدولة العبرية (اليهودية) والدولة الفلسطينية:

مشروع الدولتين هو المشروع المقترح من الدول الغربية الحليفة الإستراتيجية لإسرائيل، جاء هذا المشروع بعد النضال الطويل للشعب الفلسطيني منذ عام 1967 بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، التي لم تستطيع تحرير شبر واحد من أرض فلسطين، ثم جاءت انتفاضة الحجارة الذي قام بها الشباب الفلسطيني ضد الإحتلال الإسرائيلي, والتي أٌجهضت بإتفاقية أوسلو.

كثير من السياسيين ووسائل الإعلام في المنطقة العربية تعتقد أن الغرب الحليف الدائم والداعم لإسرائيل قد غير مواقفة من إسرائيل ،وأنه صار يؤيد الحقوق الفلسطينية، أنه الخداع الذي يقوم به السياسيين ووسائل الإعلام الغربية والعربية لتسويق مشروع الدولتين, جميع الدول الغربية بزعامة الولايات المتحدة الأميركية تسعى لتنفيذ مشروع الدولتين, لأنها تَعي جيداً أن هذا المشروع هو لصالح إسرائيل والمصالح الإسترتيجية للدول الغربية في المنطقة، والدول العربية المرتبطة بالغرب، هذا ما ذكره الرئيس الفرنسي السابق السيد هولند في ما يسمى المؤتمر الدولي الذي عقد في باريس, المؤتمر لم يأتي بجديد سوى حث الفلسطينيين والإسرائيليين على المباحثات المباشرة للوصول إلى حل الدولتين، إنه مؤتمر فارغ كما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو.

هل الدول الغربية التي أنشأت إسرائيل الحليفة الإستراتيجية والتي تدعمها بكل الوسائل السياسية والعسكرية والمالية قد غيرت رأيها تجاة إسرائيل؟ أبداً، الدول الغربية ومعهم الصهاينة اليهود الليبراليين يعتقدون أن هذا الوقت هو أفضل وقت لحل القضية الفلسطينية التي أصبحت قضية عالمية لا يمكن تجاهلها أو شطبها ولو استطاعوا شطبها لفعلوها، وأن أفضل حل لصالح إسرائيل هو مشروع ما يسمى الدولتين, وقد قالها بكل وضوح وزير الخارجية الأمريكية السابق جون كيري في خطابه الأخير حول هذا الموضوع, قال لا يوجد أمام إسرائيل إلّا حل الدولتين، الدولة اليهودية والدولة الفلسطينية وإذا لم توافق إسرائيل على هذا الحل لا يوجد حل أخر سوى الدولة الديمقراطية التي تضم اليهود والعرب.

لماذا حل الدولتين هو ليس لصالح الفلسطينين؟ جميع الدول الغربية الحليفة الإستراتيجية لإسرائيل بزعامة أميركا تضغط على السلطة الفلسطينية القابعة تحت الإحتلال الإسرائيلي، أن الحل لن يأتي إلّا عن طريق المباحثات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل, بهدف مقصود وواضح وهو تركيع السلطة الفلسطينية إلى أقصى درجة، وقد وافقت منظمة التحرير الفلسطينية على هذا الشرط، ووضعت نفسها في هذا الموقف الضعيف منذ مباحثات أوسلو، أي المباحثات بين القوي جداً والمهيمن والمَُمَوّل للسلطة الفلسطينية وبين السلطة الفلسطينية الجاثمة تحت الإحتلال الإسرائيلي وشروطه، وهذا ما دعا إليه مؤتمر باريس الدولي.

ضمن هذه الشروط ومن منطق ميزان القوى في المنطقة، حتى لو كان العرب يقفون مع السلطة الفلسطينية، فإن ميزان القوى هو في صالح إسرائيل، وكما هو معروف بقيت السلطة الفلسطينية تتحادث مع إسرائيل منذ ثلاث وعشرون عاماً ولم تحصل على أي حق من حقوق الفلسطينيين.

إذاً في هذا الوضع والشروط لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحصل الفلسطينيون على دولة مستقلة حتى لو قبلت إسرائيل بحدود عام 1967، السلطة الفلسطينية تتعامل وتخدم إسرائيل أمنياً قبل أن تحصل على أي حق من حقوق الفلسطينيين, فهل ستكون مستقلة بعد توقيعها على الحل النهائي وعلى الشروط الإسرائيلية، بالتكيد لا، حسب المنطق السياسي، ستكون دولة هزيلة وتابعة لإسرائيل أكثر مما هي عليه السلطة الفلسطينية اليوم، الدول الغربية تدرك ذلك جيداً وتضغط على إسرائيل لتنفيذ هذا الحل اليوم، لأنها تخاف من تحولات دراماتيكية في المنطقة ترفض وجود إسرائيل في المستقبل وتهدد كيانها, رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو يحاول إقناع الدول الغربية بعدم الحاجة إلى التنازل عن مزيد من الأراضي للفلسطينين, حيث السلطة الفلسطينية تقوم بواجبها خير قيام, وان إسرائيل تقوم ببناء حلف إستراتيجي مع الدول العربية الذين يسمونها السنية، ومن ضمنها السلطة الفلسطينية لمواجهة تحديات التغيير في المنطقة. هذا ما يقوله مسؤولون إسرائليين بإستمرار.

تداعيات حل الدولتين:
1- مشروع الدولتين المقترح لن يحقق رجوع الأرض إلى أصحابها بالسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم المسلوبة حسب قرار الأمم المتحدة 194، إذ تنص إتفاقية أوسلو على حل قضية اللاجئين وليس عودة اللاجئين إلى أرضهم وبيوتهم، من المعروف أن الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو صراع على الأرض وليس على بناء دولة فلسطينية.

2- مشروع حل الدولتين المطروح من الدول الحليفة لإسرائيل، سيعمل على زيادة الإنقسامات والصراعات الفلسطينية الفلسطينية، أغلبية الشعب الفلسطيني يرفض حل الدولتين الذي لا يرى فيه إمكانية الحصول على دولة فلسطينية مستقلة، ولو على جزء صغير من الأرض الفلسطينية، ولا يسمح بعودة اللاجئين الفلسطينيين، وبالتالي سَتُشْعل صراعات مستمرة بين فئات الشعب الفلسطيني، سَتُبقية هزيلاً ضعيفاً غير قادر على توحيد صفوفه لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي، وهذا بالضبط ما يحدث الآن في صفوف الشعب الفلسطيني حتى قبل الوصول إلى حل الدولتين، الإنقسام والصراع الفلسطيني الحالي الذي يحول دون وحدة الشعب الفلسطيني هو بين من هم يصارعون من أجل أوسلو ومن هم ضد أوسلو. وسيكون الانقسام والصراع بين الفلسطينيين أشد وأعنف في حالة نجاح مشروع الدولتين الغير متكافئتين.

3- مشروع حل الدولتين سيقسم العالم العربي أيضاً، بين من هم مع وجود إسرائيل ودورها الكبير والقيادي في المنطقة، هؤلاء هم حلفاء الولايات المتحدة، ويدفعون بإتجاه الحل المقترح، مثال على ذلك ما يسمى بالمبادرة العربية للسلام مع إسرائيل، ومن أجل التحالف العلني مع إسرائيل، وبين من هم من العرب الذين يرفضون وجود إسرائيل ودورها والتطبيع والتعايش معها, هذا ما يؤدي إلى صراع عربي عربي مستمر  وبالتالي إبقاء العرب ضعفاء مفككين تابعين لا مستقبل لهم.

4- مشروع حل الدولتين سينهي الصراع العربي الإسرائيلي حسب ما تسعى إليه الدول الراعية لهذا المشروع, وسيفتح الباب بين الدول العربية وإسرائيل إلى مصرعيه في جميع المجالات كما تقترح المبادرة العربية، وتعطي إسرائيل اليد الطولى في المنطقة كونها الأقوى عسكرياً واقتصادياً وإدارياً وسياسياً وربما حضارياً كونها تطبق القوانين الديمقراطية على الشعب اليهودي على الأقل، أما الدول العربية فهي دول متخلفة تحكمها عائلات وحكومات غير منتخبة تقمع شعوبها.

5- مشروع الدولتين سوف يؤدي إلى دولة فلسطينية لا يمكن أن تكون دولة مستقلة، ودولة يهودية كما يقول وزير الخارجية الأميركية السابق جون كيري في خطابة الأخير حول قضية الصراع العربي الإسرائيلي, ومن المعروف أن الولايات المتحدة هي التي تتحكم في مشروع الحل المقترح وهي منحازة كلياً إلى إسرائيل، وفي حالة نجاح المشروع الصهيوني، ربما تقوم الدولة اليهودية بطرد العرب المتواجدين في أراضي عام 1948 إلى أراضي السلطة الفلسطينية، حيث هدد بذلك زعماء إسرائيليين كبار مثل وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي ليبرمان.

السؤال إذا ما هو البديل؟

البديل في رأيي هو الدولة الديمقراطية التي طرحها جون كيري في خطابة الأخير على كامل التراب الفلسطيني، كيري لا يريد حل الدولة الديمقراطية التي يتساوى فيها جميع المواطنين من يهود وعرب في فلسطين، لكنه هدد نيتانياهو إذا لم يقبل بحل الدولتين المطروح حالياً، سيكون البديل في المستقبل هو الدولة الديمقراطية التي يرفضها كل منهما.

نعم نطالب جميع القوى الفلسطينية أن تتوحد حول هذا الهدف، بناء الدولة الديمقراطية على كامل التراب الفلسطيني، يتساوى فيها جميع المواطنين المقيمين فيها من يهود وعرب، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم, هذا هو برنامج منظمة التحرير الفلسطينية الأساسي.

إتفاقية أوسلو فشلت فشلاً ذريعاً، هذا ما يؤكده الكثير من الزعماء الفلسطينيين والإسرائليين والغربيين, نطالب جميع الفلسطينيين تَبني هذة الأستراتيجية، إستراتيجية حق العودة للاجئين الفلسطينيين وبناء الدولة الديمقراطية، دولة القانون والمساواة، كما نطالب الإسرائليين الذين يؤمنون بالمساواة ونبذ العنصرية للإنضمام إلى الفلسطينيين في النضال من أجل الدولة الديمقراطية، دولة المساواة والعدالة، دولة السلام الحقيقي في المنطقة، لذا نقترح على الفلسطينيين تبني الخُطوات التالية بإختصار شديد:

1- إعادة بناء البيت الفلسطيني على أسس وقواعد صحيحة، نعني إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية عن طريق الإنتخابات النزيهة في جميع أماكن تواجد الشعب الفلسطيني، وليس على قواعد توزيع الحصص بين التنظيمات الفلسطينية، نطالب انتخاب أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني حتى يكون ممثلاً لجميع الشعب الفلسطيني والذي بدورة سينتخب من أعضاءه الهيئة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أعلى سلطة فلسطينية، هذه الطريقة الوحيدة لتحقيق الوحدة الفلسطينية، ولتحقيق ذلك يتطلب القيام بالخطوات المقترحة التالية:

2- توافق جميع القيادات والشخصيات الفلسطينية على هيئة للإنتخابات الفلسطينية الذي يكون أعضائها من الشخصيات الوطنية الفلسطينية المستقلة، والمشهود لها بالنزاهة وتخويلها وتمويلها للقيام بهذه المهمة الصعبة، وضع البرنامج الانتخابي، إجراء الإنتخابات والإشراف عليها، منع إستخدام المال السياسي أو الرشاوة السياسية في الانتخابات، الاشراف على اجتماع الأعضاء المنتخبين، أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني وإنتخاب القيادة الفلسطينية من الأعضاء المنتخبين.

3- المجلس الوطني الفلسطيني المنتخب مع الهيئة التنفيذية المنتخبة يكونوا مسؤولين عن وضع برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، برنامج الشعب الفلسطيني، وإستراتيجية النضال الفلسطيني ضد الإحتلال الإسرائيلي، نقترح أن تكون إستراتيجية حق العودة والدولة الديمقراطية على كامل التراب الفلسطيني.