بوابة الجنوب والشعب المنكوب..مسلسل بلا نهاية

مع توالى الأحداث والمواقف الدرامية في مسلسنا القديم الجديد بوابة الجنوب يظهر بعض الأبطال يلقون باللّوم ويعوِّلون على السلطات المصرية لفتح المعبر، مُتّهمين إياها بأنها شريكة في الحِصار .

من أهم النتائج المُترتّبة على إغلاق المعبر العديد من حالات الوفاة في صفوف الأطفال المصابين بالسرطان ، كذلك المرضى المصابون بأمراض الفشل الكلوي
جلستُ استذكر أحداث التاريخ المُتعلّقة بمدينة الصمود غزّة  ، كم من مُحتلٍ  احتل غزّة ، وكم من مُحَاصِر حاصر غزّة عبر التاريخ ،  منهم  الإسكندر الأكبر حين حاصرها لمدة خمسة شهور متواصلة  عام 332ق.م  وذلك من أجل احتلالها، كما حاصرها  عمرو بن العاص  عام 635م ، من أجل نشر الإسلام ، لكن اليوم غزّة تُحاصَر  أطول حصار عرفه التاريخ المُعاصِر ،حصار عمره عشر سنوات ،حصار مختلف في أهدافه عن سابقيه ، حصار ليس من أجل احتلال أو نشر إسلام ، حصار فقط  من أجل الحصار ، وبأيدٍ فلسطينية  المُحاصَر و المُحَاصِر كلاهما فلسطينيون كيف ولماذا ؟؟؟


حينما يكون  معبر رفح ( بوابة الجنوب )  المُتنفّس الوحيد للغزّيين مع العالم الخارجي ، ويتم إغلاقه  بحجّة  أن المعبر  تحت سيطرة غير شرعية ، إذن ما الحل ؟؟ حينما تطالب إسرائيل ومصر والمجتمع الدولي  بأن يكون المعبر تحت إشراف السلطة  الوطنية الفلسطينية ، ما الخطأ في ذلك  ولماذا القيادة في غزّة لا تستجيب ، اذا كانت العلّة هي الخوف من  سيطرة السلطة  الفلسطينية  على موارد المعبر، هذا لا يعنى تجاهل معاناه  مليوني فلسطينى  يقبعون في السجن الأكبر في العالم (غزّة)، ويكمن حل هذه المُعضلة من خلال  المُبادرة  التى قدّمتها الفصائل أواخر عام 2015 لكلا الطرفين المُتصارعين  فتح وحماس  ، حيث ركّزت بنود  المُبادرة على إنشاء صندوق وطني لموارد المعبر، ويتم استثماره للصالح العام ، وحين تطالب الفصائل الوطنية  والقوى الإسلامية بوجوب تكليف شخصية وطنية  لإدارة المعبر ، ما الغريب  في ذلك ، الغريب  المُريب هو مرور أكثر من  عام على مبادرة  الفصائل من دون ذكر أية ردّة  فعل من قِبَل طرفي النكبة ( الانقسام) ، وكأن  غزّة خالية من أية شخصية وطنية  ذات كفاءة لإدارة  المعبر، إضافة إلى ذلك التصريحات  الإعلامية التى تصدر عن أشخاص عدّة من قِبَل  أحد طرفى الانقسام ، والتى تدعو إلى ضرورة  تطبيق بنود المصالحة الفلسطينية  الفلسطينية كرزمة واحدة ، سؤال يطرح نفسه اذا لم تتحقّق  المُصالحة يوما ًهل ستبقى  بوابة الجنوب مُغلقة ؟؟؟


وحينما  يتم ربط حل أزمة المعبر مرهوناً بحل مشكلة  40 ألف موظف ، قامت حماس بتوظيفهم بعد الحسم  العسكري عام 2007م ، إذن ماذا يفعل مليون وستمائة  ألف وستون  فلسطينياً محاصرون في غزّة وما هو مصيرهم ؟؟ ، هل من أساليب حل الأزمات إنكارها  وتبخيسها  وكأنها مسألة حسابية جَبرية ،أي أن إذ كانت  س+ ص = معاناه وكارثة  حلّت بالمجتمع  الفلسطيني والقضية ، أردّدها دوما ً ليت الخوارزمي يعود يوماً  ليرى ماذا فعل الساسة فينا ، ليصبح حل معاناتنا وعذاباتنا  جزءاً من معادلة جبرية، أما الشعب بالكامل وضَعَه الساسة  تحت  الجَذر التربيعى .

ومع توالى الأحداث والمواقف  الدرامية في مسلسنا القديم الجديد بوابة  الجنوب يظهر بعض الأبطال يلقون باللّوم  ويعوِّلون على السلطات المصرية  لفتح المعبر، مُتّهمين  إياها بأنها شريكة في الحِصار ، تناسوا  أنهم هم مَن يحاصروننا ، برغم أن موقف  السلطات المصرية حيال أزمة معبر رفح واضح جداً ولا لبس فيه ،حيث اشترطت السلطات  المصرية وجود  السلطة الوطنية الفلسطينية  في إدارة المعبر كي تقوم بفتحه  في كلا الاتّجاهين  وبذلك تكون  انتهت الأزمة ، وإن كانت مصر تذرّعت يوماً بأن إغلاق المعبرهو لأسباب أمنية  بحتة في أرض القمر ( سيناء ) ، فلمصر أن تتذّرع بما تشاء، ولها  أن  تتحجّج  بما تشاء  وإن كانت حججها  ومبرّراتها واهية ،طالما هناك مّن يتحجّج ويُبرّر عدم تسليم  المعبر بناء على مواقفه  ومصالحه  الحزبية ويُبقي الشعب المنكوب  تحت الجذر التربيعي  في مكانه ملتصقاً  غير متزحزحا ً، في  النهاية  نحن مَن نحاصِر أنفسنا  ولا يجوز لنا أن نطالب العالم  بنصرتنا ونحن لا ننصر أنفسنا  ، والأروع حينما نسمع بعض الأخوة يطالبون   القيادة المصرية بالنظر لنا بعين  الرحمة  ..... عن أية رحمة  يتحدّثون !!!!


بوابة الجنوب والشعب المنكوب

من أهم النتائج المُترتّبة على إغلاق المعبر العديد من حالات  الوفاة في صفوف الأطفال  المصابين بالسرطان ، كذلك المرضى المصابون بأمراض الفشل الكلوي ،إضافة إلى ذلك مُعاناة العالقين على جانبي المعبر وحرمان  القطاع من القوافل الطبية التي كانت  تصل  إلى غزّة  مُحمّلة بالأدوية، ناهيك  عن  حرمان قطاعنا  الحبيب من الأطباء المُتخصّصين الذين كانوا  يصلون إليه لإجراء العمليات الجراحية  المُعقّدة داخل القطاع  ، إضافة إلى ذلك تأخّر الطلبة عن مواصلة دراستهم في جامعاتهم في الخارج ، وتأخّر حَمَلَة التأشيرات  والإقامات  خارج فلسطين عن أعمالهم في الخارج ، والمُحصّلة النهائية لكل ذلك هو لجوء المرضى إلى معبر الموت ايرز للعلاج في المستشفيات   داخل الخط الأخضر ، ما يتيح فرصة كبيرة  وكبيرة جداً للاحتلال  الإسرائيلي للضغط والابتزاز على المرضى بهذف جمع معلومات عن المقاومة وعناصرها  ...


رسالة  إلى .....

كل الأيادي  العابثة  ( ضفة وغزّة) في قضيتنا  الفلسطينية  وفي مصير شعبنا في غزّة، كفاكم  مشاحنات وكفاكم حزبية  وعنصرية  مللنا من  مراوغاتكم  السياسية، تفرّقتم  في الحياة  لكن الموت سيجمعكم يوماً ما  مع كل مَن قتله المرض  بسببكم ومع كل مَن حُرِم لقاء أحبّته في  الحياة الدنيا بفعل استهتاركم  ومع كل مَن فقد مستقبله العلمي  والوظيفي نتاج عنادكم  ، من  أجل المال و السلطة ، إذن في   نهاية حلقاتنا يا مَن جعلتم منا  ومن قضيتنا مسلسلاً يشاهده  العالم بأسره ، سؤالي  الأخير لكم  ، كيف تريدون تحرير الوطن وأنتم لا تحرّرون الإنسان ؟؟؟؟!!!