الاستثمار في الإرهاب إرهاب، ومكافحة الإرهاب بالإرهاب إرهاب
الإرهاب باسم الدين والإيمان فكرة إيدلوجية سهلة الهضم وتأثيراتها مباشرة ومتدحرجة، كل هذه الاستنتاجات لا يمكن قراءتها على أنها إنتاج مرحلة عابرة ستزول مع انتهاء تلك المرحلة.
ومن أجل الإجابة على هذه التساؤلات لا بد من التفتيش بالكتب والبحث في الوقائع لكي نصل إلى فهم الظاهرة والبحث عن الحلول الجادة لمواجهة تحدياتها.
ومن حيث المبداء علينا ان ندقق في الخبث الإنجليزي وكيفية استخلاص الفكرة وإعادة إنتاجها بما ينسجم مع أهدافهم لتثبيت أقدامهم في خدمة استعمارهم للشعوب لنهب ثرواتهم وإغراقهم في ظلام الجهل إلى حين يبعثون.
وللتاكيد على ذلك نرى أن الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية أول من استخدم الروح المعنوية الدينية لدى بعض الشعوب وخاصة في شرق البحر المتوسط وشمال أفريقيا وتزييف تفسير النص واختراع عقائد تجد لها مكان في الروح البشرية وتنقلها من معالجة مشكلات الواقع للبحث عن الخلاص الفردي في عالم افتراضي.
وقامت بالاستثمار في هذه الفكرة بادئ ذي بدء في كيفية تفكيك الدولة العثمانية في بداية القرن الثامن عشر ونهاية القرن التاسع عشر في الحركة الوهابية والتي كانت شعاراتها (لااله الا الله محمد رسول الله) و(الإسلام طريقنا والقرأن مرشدنا ودليلنا) وتمت الاستعانة بهذه الحركة من أجل اثارة الفوضى في ولايات الدولة العثمانية في المشرق العربي من أجل اسقاطها وتفكيكها.
وتروي الوقائع بان آل سعود الوهابيي المنهج أخذوا بالتمدد شمالا لكسب ود شيوخ القبائل العربية في الجنوب العربي السوري باستخدام كل الوسائل بالرشوة المالية والوعظ والإرشاد الديني وحثهم من أجل التمرد على الدولة العثمانية لأنها لا تحكم بشرع الله.
مستفيدة من الاستبداد الإنكشاري وضعف أداء الإدارة العثمانية وعدم قدرتها على التطور قياسا لتطور الدول الراسمالية الحديثة.
وترافق ذلك وبنفس السياق الاستثمار في الحركة الماسونية وشعاراتها الخلابة والجاذبة مثل (الاخاء والمساواة ) وقد تم توظيف بعض رجال الدين المتنورين لقيادة تلك المرحلة لقوة تأثيرهم في العامة فكان منهم جمال الدين الأفغاني ومحمد عبدة وحتى عبد الرحمن الكواكبي
وهناك من الشواهد في بداية القرن العشرين عن الدور البريطاني ما يدلل على الدور البريطاني بتأسيس المملكة السعودية الوهابية على حساب الولاية الهاشمية على الأماكن المقدسة المقرة من السلطنة العثمانية ودورها في إنتاج نهج إسلامي سياسي تحت اسم جماعة الإخوان المسلمين والذي نال رعايتها ورعاية مملكة آل سعود في بداية تشكلها.
وليس بعيدا عن هذا النهج ما قام بفعله مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس جيمي كارتر، زبغنيو بريجنسكي، عندما استفاد من البروفيسور البريطاني الصهيوني الفكرة والباحث في شؤون الدولة العثمانية ودور الإسلام السياسي برنارد لويس حيث قام بإعادة إنتاج مفهوم الجهاد لمحاربة الشيطان الأحمر الشيوعي بعد دخول الاتحاد السوفياتي في أفغانستان لدعم الحكومة الإنقلابية الإشتراكية آنذاك.
نعم لقد استثمرت الدول الإستعمارية في الدين وقامت بتكييفه حسب مصالحها وهي من قامت بإنتاج أدواتها لاستخدامها حسب الطلب والضرورة.
ولأن الفكرة بجوهرها إقصائية تم تزييف وعي جماهيرها من خلال التركيز وإعطاء الأولوية للحياة الآخرة على حساب الحياة الدنيا وتسهيل الانتقال بينهما عبر القتل والقتل المضاد من دون البحث في التفاصيل الدينية الوازنة بكيفية العمل من أجل كسب الحياة الآخرة من خلال الوعي الإنساني والعدالة والرحمة واحترام حق الحياة الكريمة في الحياة الدنيا.
فلذلك لم يعد من ضابط لتلك الفكرة ولا يمكن تقييد انفلاتها بهذه الطريقة الهمجية ولن يسلم أياً كان من شرورها حتى بعض أتباعها ولم تعد بحاجة إلى تنظيم.
فكل ما تحتاجه وجود إنسان مأزوم معيشيا وحياتيا ونفسيا وما لها من انعكاسات سيكلوجية وأداة قتل وقناعة بأن القتل للآخر سيدخلني في جنة الحياة الآخرة.
فلذلك نقول، هل تستطيع كل القوى العسكرية والأمنية وعلى الصعيد الدولي من تقييد هذه الفكرة المتوحشة إن لم تتم مكافحتها بفكرة إنسانية أقوى منها قادرة على الفعل والتاثير وتجفيف كل مصادر دعمها وتمويلها وإغلاق كل مدارسها التي تشرف على مناهجها مملكة آل سعود الوهابية والمنتشرة في كل أصقاع العالم تحت شعار تدريس أبناء الجاليات العربية اللغة العربية والدين الإسلامي الحنيف.
إذن لم أجد غرابة في مخاطبة الرئيس فلاديمير بوتين لقادة الدول الإمبريالية في الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما قال: هل تدركون خطورة الخطيئة التي ارتكبتموها في حق الإنسانية؟ معقبا على دعمهم اللامحدود للقوى الإرهابية التكفيرية.