حوار الأغيار وتبادُل الأدوار
عندما اخترت هذا العنوان "حوار الأغيار" أدركت أن جزءاً كبيراً من شعبنا لا يعلم مَن المقصود بالأغيار، نحن الفلسطينيون نُعتَبر حسب المُصطلح الديني اليهودي جزء من الأغيار، حيث أن كل مَن لا يتبع الديانة اليهودية يُعتبر من الأغيار حسب عقيدتهم.
-
-
المصدر: الميادين نت
- 21 تشرين ثاني 2016 15:49
يؤلمني حين نصبح لا نختلف عن اليهود في تعاملنا مع بعضنا البعض
هو مصطلح نادى به الحاخامات ومفسّرو الشريعة اليهودية وخاصة
مفسّرو المشناه وشرائعهم التلمودية والأدبيات الصهيونية من أجل الدعوة إلى قتل الأغيار،
وحين يُشير وعد بلفور إلى هجرة غيرالأغيار
إلى فلسطين (يهود العالم) إذن المقصود بالأغيار هم الفلسطينيين كما أن المؤسسات
الصهيونية والجامعات تُعزّز ذاك المفهوم وتعمل على
ترجمته على أرض الواقع، فقد قام الحاخامات بالدعوة إلى تحريم الزواج من الأغيار وتحريم
تناول الطعام معهم ، وعدم القبول
بشهاداتهم في المحاكم ، وحين يُطالب الصهاينة بيهودية الدولة أي دولة خالية
من الأغيار أي الفلسطينيين، حين يُصلّي اليهودي شاكرا ً الله في صلاته لأنه لم يجعله من الأغيار .وها نحن
اليوم يُقلّد البعض منا ويعمل على ترجمة القوانين اليهودية من دون علم أو دراية على أبناء جلدتنا سواء على
الصعيد الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي
أي أن هنا مَن يتبادلون الأدوار من خلال تصنيفات
لا أساس لها وتعمل على زرع بذور الحقد والكراهية بين أبناء شعبنا ، وإليكم
هذه الظاهرة التي كثيراً ما تتكرّر في
حياتنا الاجتماعية ( طبعاً لا أعمم لأن التعميم خطأ).
على الصعيد الاجتماعي: زواج الأغيار من الأغيار
رآها وتعلّق قلبه بها عاد إلى بيته ليُخبر أمه بأنه وجد
شريكة العمر، وما أن أخبرها إلا وسيل جارف من الأسئلة وجّهتها الأم له، إلى أية
عائلة تنتمي تلك الفتاة ؟؟ وأين تقطن ؟؟،
أجاب بأن الفتاة لاجئة ، صرخت الأم وقالت لن أزوّجك من لاجئة ، أهلها هربوا من
ديارهم وتركوها للإسرائيليين لم أزوّجك إياها ، ويكفي أنهم جاؤوا ليشاركونا أراضينا وأرزاقنا وتجارتنا، والآن يريدون أن
يقاسمونا أولادنا ونسلنا ، لماذ تقولين ذلك ؟هي لم تختار ما بين الهجرة أو البقاء
، هى لم تكن على قيد الحياة آنذاك ، هى
فلسطينية وأنا فلسطيني يجمعنا وطن واحد،
الأم لا تناقشنى في هذا الموضوع بعد اليوم ، أما الفتاة أيضاً فخاضت حواراً مع أمّها
أيضا ً، أمّاه لِما لا توافقين على خطبتي من ذاك الشاب؟ ردّت عليها الأمّ لأنه
مواطن وليس لاجئاً مثلنا عاداته غير عاداتنا، وتقاليده غير تقاليدنا ، يوماً ما
سيتكبّر عليكي ويُعايركي بما لديه من أملاك
وأراضٍ ،وأنتِ لا تملكين سوى بيت صغير في المُخيّم ، إن أردتِ أن تتزوّجي فعليكِ
بالزواج من لاجئ مثلك ، ويا حبذا لو كان من نفس
بلدتنا الأصلية .( هذا الحديث لم
ينطبق على كل اللاجئين أوالمواطنين إنما على البعض منهم ) هذا ما يحدث من تفرقة من
الناحية الاجتماعية بين الطرفيين ، نسوا أنهم من نسل واحد ووطن واحد ويجمعهم جرح واحد.
على الصعيد السياسي: فتوى شرعية... يجوز ولا يجوز
أما لو سلّطنا
الضوء على التفرقة الحاصلة بين
الطرفيين من الناحية السياسية ، وهذا ما
لمسناه مؤخرا ً بعد مطالبات عدّة تدعو إلى
عدم مشاركة اللاجئين في غزّة في انتخابات
البلديات لعام 2016 بذريعة أن
اللاجئين في غزّة المسؤولة عن تقديم
الخدمات لهم وكالة الغوث ، وحجّة أخرى هي أن مشاركة اللاجئين تضرّ بقضية العودة ، والحجة الثالثة هي الخوف من تنصّل وتهرّب الوكالة بعد ذلك من تقديم خدماتها للاجئين
،وهناك مَن يُحلّل بأن مشاركتهم هي عبارة عن رسالة سياسية لطمأنة إسرائيل ، وهناك
مَن يُحدّد الانتخابات التي يجوز أن يُشارك
فيها اللاجئ والتي لا يجوز له أن يُشارك فيها ، مِثال ذلك يجوز له أن يُشارك في الانتخابات التشريعية
والرئاسية أمّا انتخابات البلديات
لا يجوز ، وكأن الموضوع عبارة عن
مسألة فُقهية تحتاج إلى فتوى شرعية ليُخبرنا المفتي بما يجوز وما لا يجوز وهنا نستذكر أننا
شعب واحد لكل منا حق في كل مناطق الوطن
المقيمين فيه أو المسلوب منا، أما
عن الانتخابات فهناك وجه’ نظر حول الجهة
التي طلبت إجراءها وأسبابها السياسية
الداعمة لتحوّل التوجّه الإسرائيلي لإلغاء وجود السلطة والتعامل
المباشر مع قيادات مُنتخبة للمجالس المحلية كتكريس للتبعية ودعم للانقسام ونشر التفرقة بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني
ومكوّناته المجتمعية والسياسية.
أما على الصعيد الجغرافي: ضفّاوي ولا غزّاوي
بعد مرور 10 سنوات على الانقلاب الدموي في غزّة، و في ظلّ
تجاهُل كامل لأبناء القطاع من قِبَل
القيادة في رام الله، في حين يقتصر التوظيف على أبناء الضفّة أما أبناء غزّة فغير مُعترف بهم، وكأن جميع أبناء غزّة شاركوا في الانقلاب لذلك وجب
عقابهم، ومع طرح أسئلة عديدة من قِبَل أبنائنا
في غزّة لماذا يجري التمييز بين أبناء الضفّة وأبناء غزّة وكلاهم فلسطينون ؟؟، حيث
أصبحت غزّة في نظر العالم وكأنها بؤرة تعجّ بالأمراض الفكرية والسياسية والاجتماعية
، وحين أجلس وأخوض حواراً مع بعض الأشخاص أرى هناك مَن يقدح في المواطن الغزّى
دفاعا ًعن المواطن الضفّاوي وآخر يقدح في
المواطن الضفّاوي دفاعا ً عن الغزّاوي ،
(طبعاً لا أعمم لأن التعميم خطأ)
حينها أيقنت أن الاحتلال نجح في التفريق بين أبناء شعبنا ونجح في فصل الضفة عن غزّة
( الانقلاب 2007) حتى أصبحتا كأنهما دولتان
لشعبين ، وكما أنه عمل الاحتلال منذ نكبة
48 حتى يومنا هذا على زرع بذور الفتنة
والتفرقة ما بين المواطن واللاجئ و نجح في ذلك أيضاً.
يؤلمني حين نصبح لا نختلف عن اليهود في تعاملنا مع بعضنا البعض
وتطبعنا ببعض أطباع اليهود التى جعلت منا مَن يُصنّف ذاك مواطناً وذاك لاجئاً
ذاك ضفاوياً وذاك غزّاوياً ذاك جبهاوياً وذاك فتحاوياً وذاك حمساوياً ، مللنا ...سئمنا... اشمأزينا
من تلك المُسميات والتصنيفات التي تشبه إلى حد ما تصنيفات اليهود
لغير اليهود، ألم يحن موعد لمّ شمل
الكل الفلسطيني؟؟؟؟ والبدء بإعادة بناء الإنسان الفلسطيني
فكرياً وثقافياً وسياسياً وروحياً من جديد، للوصول إلى حال من النُضج تجعلنا نتميّز عن بقية الشعوب ، يا ضفّاوي ويا
غزّاوي ويا مواطن ويا لاجئ ، يا فتحاوي ويا حمساوى يا جبهاوي
يا خير أمّة أخرِجت للناس... يا فلسطينيون أنتم لفلسطين وفلسطين لكم .... فاتّحدوا.