النظرة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة
يجب أيضاً تأمين السُبل التي تُسهِم في مُساعدة المُعاقين على العيش بشكل طبيعي مثل تواجد الممرّات الخاصة بذوي الإعاقة الحركية، وتزويد المركبات بمكان مُناسب لهم لتسهيل تنقّلهم، ووجود إشارات مُعيّنة لذوي الإعاقة البصرية يستطيعون تتبّعها في المسير وغيرها ما يتناسب مع كل نوع أو شكل إعاقة، والتي تهدف إلى أن يكون للأشخاص المُعاقين إمكانية مُمارسة حقوقهم وواجباتهم مثل غيرهم من الأشخاص العاديين.
يجب التخلّص من بعض المُرادفات والمُصطلحات الشائعة
يجب علينا كأفراد ومُجتمع أن لا نتعامل مع أي شخص من ذوي
الاحتياجات الخاصة (المُعاق) والحديث عن مُعاناته على أساس أنه إنسان أقل قيمة (درجة
ثانية) أو على أساس أنه إنسان عاجز لا تُرجى منه أية فائدة وأنه لا يملك أي طموح خاص
به أو حتى على أنه يُشكّل عالة على المجتمع، فالمشكلة لا تكمُن في شخص (المُعاق)
بل تكمُن في هذه النظرة السطحية (للمُعاق)، حيث إن وَصف ومُصطلَح الإعاقة الذي نصِف
به ذوي الاحتياجات الخاصة يوجد أولاً وقبل كل شيء في عقليّة وفكر أُسَر هؤلاء (المُعاقين)
ومجتمعاتهم، فالشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة (المُعاق) يصطدم ابتداء بعقليّة أهله
والتي لا تخرج عن دائرة تفكير المجتمع الخارجي وهي عقليّة الإعاقة.
فبدَل
أن تحاول الأسرة زرع الثقة والطموح والأمل في نفس (المُعاق)، فإنها على العكس من
ذلك تحاول تحطيم معنوياته والقضاء على طموحه من خلال هذا الواقع الأليم وعرقلة
حياته أكثر وأكثر، ورغم أن النظرة إلى (المُعاق) تختلف من أسرة إلى أخرى إلا أن
السائد والغالب منها هي نظرة الشفقة والحزن والعطف.
لكن
هذا لا يمنع من أن بعض الأُسَر التي تضمّ في كنفها فرداً أو أكثر من ذوي الاحتياجات
الخاصة أنها تتعامل معه بوعي وعقلانية، كما
تعمل جاهِدة على أن تؤمّن له الرعاية والعناية الخاصة والمُناسِبة له، فيما أن البعض
الآخر منها وللأسف ربما منعته الظروف الاجتماعية أو المادية أو النفسية من تقبّل هذا
الواقع والتكيّف مع حال الإعاقة هذه أو التسليم بها.
ويُذكر
هنا أن ردود الفعل هذه وطريقة التفكير والمُعالجة تؤثر تأثيراً كبيراً على حياة
هذا الشخص المُصاب، فتفّهم الأسرة لحال الإعاقة ومعاملة صاحبها معاملة طبيعية إلى
حدٍ ما سوف تُساعده على مواصلة حياته بشكل سليم، كما أن شعوره بالقبول والاندماج
داخل الأسرة يحول دون الزيادة في عجزه أو حتى تحوّل حياته إلى عجز كامل ودائم، لهذا
فإن توعية الأسرة بكيفيّة التعامُل مع (المُعاق) تُعتبَر مهمة وحاجة مُلحّة جداً، لذلك
يجب أن تحصل هذه الأسَر على الإرشادات اللازمة لتعريفها بحقوق (المُعاق) وواجباتها
المُختلفة تجاهه، لِما يُسهم هذا الوعي والتفهّم لحال (المُعاق) في التقليل أو حتى
القضاء على الشعور لديه بالنقص، كما تعمل على تنمية الشعور بالذات والقدرة على
المشاركة والمساواة داخل المجتمع، هذا المجتمع الذي يُشكّل جانباً مهماً في حياة (المُعاق)
والذي يجب أن يعمل على استيعابه والتعامُل معه على أنه إنسان عادي له أحاسيس ومشاعِر
وأنه عُنصر قادر على التفاعُل والعطاء والإبداع.
وهذا
كله يجب أن يدفعنا إلى أن نتجاوز الحواجز الاجتماعية والطبيعية والنفسية التي فرضت
علينا عزل وفصل (المُعاق) عن مجتمعه ومنعته من ممارسة حقوقه الطبيعية والاجتماعية
والثقافية، كما حدّت من إمكاناته والتي قوبَلت إما بالتجاهُل أو بالتحامُل المُجحِف
وحجّمته داخل فكرة العجز والإعاقة، خاصة أن هذا الفرد (المُعاق) يُعاني في
مجتمعاتنا من التهميش والنسيان تقريباً طوال حياته، حيث لا يكتفي المجتمع بعرقلة مُمارسته
لحياته بشكل ٍطبيعي ومن عدم تهيئة البيئة المُناسبة له وعدم مُراعاة ظروفه النفسية
والجسدية والاجتماعية بل يزيد الأمر سوءاً ويوجّه إليه كلمات العطف ونظرات الشفقة
التي تُسيء إليه وتؤلمه أكثر مما تُسعده وتُساعده، والتي حتى قد تُجبره في كثير من
الأحيان على الانطواء على نفسه والعُزلة عن المجتمع.
وهنا
يجب أن يأتي دور الدولة والمجتمع المدني بالتعاون مع الهيئات والمنظمات المُهتمة
بشؤون هذه الفئة في العمل على مُساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في التغلّب على الجوانب
السلبية كافة التي تواجههم، بالإضافة إلى القيام بتوعية المجتمع بوجود هؤلاء الأشخاص
المُعاقين وحقوقهم وحاجاتهم وكذلك بقُدُراتهم ومُساهماتهم، والعمل على ضرورة احترامهم
بشكلٍ كاملٍ من سائر أفراد المجتمع.
ويكون
ذلك من خلال الاهتمام والعناية بهم بشكلٍ خاص، وذلك من خلال العمل على ضمان حقّ
المُعاق في التعليم من خلال دمجه في المدارس التعليمية العادية وتسهيل التنقّل
والحركة داخل هذه المدارس وعلى تدريب المُعلّمين على طريقة تدريس الأطفال المُعاقين
والعاديين بنفس الطريقة ومن دون تمييز عفوي أو عمدي، وكذلك توفير حقّ المُعاق في
العطاء، وذلك بأن تكفل له فُرَص استغلال قُدراته الفكرية والإبداعية ما يُعطي ويُغني
المجتمع ككل، إضافة إلى العمل على تثقيف المجتمع والجمهور العام بأن المُعاق ليس
عاجزاً وليس عالة على أحد بل هو عنصر فعّال قادر على العطاء والإبداع إذا تسنّت له
الفرصة الحقيقية.
ولهذا
يجب أيضاً تأمين السُبل التي تُسهِم في مُساعدة المُعاقين على العيش بشكل طبيعي مثل
تواجد الممرّات الخاصة بذوي الإعاقة الحركية، وتزويد المركبات بمكان مُناسب لهم
لتسهيل تنقّلهم، ووجود إشارات مُعيّنة لذوي الإعاقة البصرية يستطيعون تتبّعها في
المسير وغيرها ما يتناسب مع كل نوع أو شكل إعاقة، والتي تهدف إلى أن يكون للأشخاص
المُعاقين إمكانية مُمارسة حقوقهم وواجباتهم مثل غيرهم من الأشخاص العاديين.
وأخيراً
يجدر التذكير هنا أنه يجب التخلّص من بعض المُرادفات والمُصطلحات الشائعة في
التعامُل مع ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تكون جارِحة لهذه الفئة، مثل كلمة (مكرسَح)
بدلاً من ذوي إعاقة حركية، و(عرباية) بدلاً من كرسيّ مُتحرّك، و(أخرس) بدلاً من يواجه
صعوبة في النُطق وغيرها الكثير، ولهذا فإنه من الأفضل أن نضمّ صوتنا إلى صوتهم
ولنأخذ بأيديهم لننهض بمجتمعنا ولنصنع معاً مجتمع المساواة ومجتمع يقدّم الواجب ويُعطي
الحق (مجتمع الأصحّاء).