تحالف صيني إيراني.. ماذا بشأن سوريا؟

ما زالت سوريا تتكئ على كل من روسيا وإيران، من دون أن تبادر إلى طرق الباب الصيني، خشية ترددات أصداء هذا الخيار وتعقيد الحل السياسي.

  • لا مخرج أمام سوريا سوى طرق الباب الصيني إذا ما أرادت الخروج من أزمتها الراهنة
    لا مخرج أمام سوريا سوى طرق الباب الصيني إذا ما أرادت الخروج من أزمتها الراهنة

لا شكَّ في أن التحالف الصيني الإيراني أحدث زلزالاً كبيراً على مستوى الخيارات بين الشرق والغرب. ينبغي الحسم بداية أن إيران تمتعت بجرأة كبيرة في ذهابها شرقاً بعد تردد استمر لسنوات. كان النقاش داخل الجمهورية الإسلامية يدور منذ الاتفاق النووي في العام 2015 حول احتمالات التوجه شرقاً، وكان الكثير من الآراء، ولا سيما بين المحافظين، يدفع باتجاه حسم هذا الخيار، بينما كان الإصلاحيون مترددين فيه.

كان السبب يكمن في أن الإصلاحيين الذين يراهن عليهم الغرب يحاذرون الذهاب باتجاه الشرق. وقد قرأوا الاتفاق النووي قراءة متفائلة، وحلموا بأنه سيجلب لهم المن والسلوى من الغرب بعقود استثمارات كبيرة تساهم في استعادة النهضة الاقتصادية بعد إسقاط العقوبات، لكن سرعان ما تبين بهتان هذه الرؤية عندما أبقى أوباما على بعض العقوبات. وقد كان الهدف الأميركي محاولة فصل إيران عن كل من الصين وروسيا في إطار الصراع الأميركي - الصيني - الروسي.

عندما تسلَّم ترامب السلطة، وانسحب من الاتفاق النووي، وفرض العقوبات الشديدة على إيران لحساب المشروع الصهيوني - السعودي في المنطقة، وحاول إسقاط اليمن كنقطة تقاطع للمرات المائية الدولية من جهة لحصار إيران والصين، وإثر ظهور الوهن الأوروبي في حماية الاتفاق النووي، وتراجع الشركات الأوروبية عن العقود الاستثمارية التي أبرمتها مع إيران خشية من العقوبات الأميركية، وظهور عدم قدرة الأوروبيين على مواجهة الولايات المتحدة، بما يسقط الرهان الذي راهنته إيران على أوروبا من جهة أخرى، أدركت الجمهورية الإسلامية استحالة التعاون مع الغرب الذي سيبقى رهناً بالموقف الأميركي، فقررت حسم أمرها بالتوجه شرقاً.

ما زالت سوريا تعيش اضطراباً في الخيارات السياسية والاقتصادية، وهي تحتاج إلى الحسم نفسه الذي أقدمت عليه طهران، كما تحتاج إلى أن تبادر لحسم خياراتها، رغم الحصار الغربي الشديد المفروض عليها، ومنعها من إعادة الإعمار، واستمرار تهديد وحدتها السياسية.

ما زالت سوريا تتكئ على كل من روسيا وإيران، من دون أن تبادر إلى طرق الباب الصيني، خشية ترددات أصداء هذا الخيار وتعقيد الحل السياسي، ولا سيما أن الولايات المتحدة ما زالت تحتل أراضي سورية وتضع يدها على السلة الغذائية وعلى الغاز والنفط السوري.

لا مخرج أمام سوريا سوى طرق الباب الصيني إذا ما أرادت الخروج من أزمتها الراهنة والتغلب على الحصار القاسي المفروض عليها، بالتزامن مع قرار مواجهتها الاحتلالات التي تستهدف أرضها.

إنَّ تمتين الوضع الاقتصادي والاجتماعي السوري من خلال معاهدة تعاون مع الصين، من شأنه أن يعزز ميزان القوى الداخلي، سواء في مواجهة المشاريع التي تستهدف الوحدة السورية، أو دعم فرص المواجهة مع الاحتلال وتعزيزها، ودعم الاقتصاد السوري، وتعزيز تماسك المجتمع الذي يعاني الحصار ويقترب من الجوع، وهو شرط أساسي لاستعادة القدرة على مواجهة المشاريع التفتيتية لسوريا.

ربما يحتاج ذلك إلى تنسيق مع كل من روسيا وإيران في إطار النظرة التكاملية الجيوسياسية، انطلاقاً من قراءة تطورات الساحة الدولية قراءة موضوعية، ودلالات التقدم الصيني، ومؤشرات بدء تراجع الإمبراطورية الأميركية، وبدء سقوط الأحادية القطبية.