هل "حماس" تنظيم ديمقراطي؟
ما يلفت الانتباه في الانتخابات الداخلية لحركة "حماس" أنَّ نظامها الانتخابي متغيّر وغير متكلّس ويتطوَّر باستمرار، ما يوسّع هامش التغيير في الأطر القيادية المختلفة.
-
حركة "حماس" تنتخب يحيى السنوار رئيساً لها في قطاع غزة لدورة انتخابية ثانية على التوالي
انتخبت حركة "حماس" يحيى السنوار رئيساً لها في قطاع غزة لدورة انتخابية ثانية على التوالي، وذلك بعد إجراء 4 جولات انتخابية شهدت تنافساً قوياً بينه وبين نزار عوض الله. كما انتخب مجلس شورى الحركة أعضاء المكتب السياسي في قطاع غزة، والذي يتكوّن من 15 عضواً.
بدأت الحركة مشوارها الانتخابي بتاريخ 19 شباط/فبراير 2021، بمشاركة واسعة من أعضائها، رجالاً ونساءً. وبلغ عدد من يحقّ له التصويت في المرحلة الأولى، بحسب لوائحها، أكثر من 40 ألف عضو أفرزوا مجالس شورى الحركة على مستوى أكثر من 40 منطقة في قطاع غزة.
وفي المرحلة الثانية، تم انتخاب هيئات الشورى والإدارة والقضاء على مستوى ما يُعرف بالشعب والمحليات والمناطق الكبرى. وفي المرحلة الثالثة، انتخب ما يقارب 320 عضواً، وهم أعضاء أعلى هيئة شورى للحركة على مستوى القطاع، والتي يصل عددها إلى نحو 80 عضواً، وتعرف بمجلس الشورى العام (السلطة التشريعية) للحركة في قطاع غزة. ويعدّ عقد الشورى العام المرحلة الرابعة من الانتخابات، والتي ينتخب فيها رئيس شورى الحركة في غزة و5 أعضاء، ليتم انتخاب واحد منهم لرئاسة الحركة في القطاع.
وقد اختُتمت المرحلتان الحاسمتان من الانتخابات التنظيمية الجارية بعد انتخاب رئيس وأعضاء المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة، وعددهم 15 عضواً (السلطة التنفيذية). وينصّ النظام الداخليّ لحركة "حماس" على قيام الرئيس المنتخب بإجراء مشاورات مع أعضاء المكتب المنتخبين قبل تكليف كلّ عضو بالدائرة التي سيشغلها، وهو ما يباشر به السنوار حالياً.
ومن أبرز الدوائر، بحسب النظام الداخلي للحركة، الدائرة العسكرية والدائرة الأمنية والدائرة السياسية، ودوائر الإعلام والعلاقات الوطنية وأمانة السر والمالية، ودائرة الثوابت (اللاجئون والقدس). وتوجد دوائر مركزية، كالعلاقات الدوليّة والإسلاميّة والعربيّة.
وما زالت العملية الانتخابية الحمساوية مستمرَّة. وقد استكملت في السّجون وقطاع غزة، وستجري في ساحتي الضفة الغربية والشتات. ويتوقّع استكمال باقي الساحات خلال شهر تقريباً.
تعقد "حماس" انتخابات تنظيمية دورية كل 4 سنوات، رغم العديد من المصاعب والتّعقيدات الأمنيّة. ولم تمنع الانتخابات العامة المزمع عقدها على التوالي، بدءاً من 22 أيار/مايو المقبل على مستوى المجلس التشريعي، فالرئاسي، فالمجلس الوطني، من إجراء انتخابات الحركة الداخلية في موعدها، رغم خشية العديد من كوادرها من تأثير ذلك سلباً في استعدادها وجهوزيتها لخوض الانتخابات العامة الوطنية.
العملية الانتخابية الحمساوية لا تخلو من طعون يتمّ فحصها من لجان قضائية (السلطة القضائية) في كل اللجان الانتخابية، وهي تتابع المراحل كافة. وقد قبلت العديد من الطعون التي حرمت عدداً من الشخصيات من الفوز، وصدر بحقّها أحكام قضائية مختلفة.
لا شكّ في أنّ المعطيات السابقة تدلّ على توفر عملية انتخابية تنافسية مكتملة الأركان، وليست انتخابات شكلية، وخصوصاً أنها تفرز في كل مرة شخصيات قيادية جديدة، فمن أصل 15 عضواً منتخباً في المكتب السياسي للحركة، يوجد 5 أعضاء جدد بنسبة الثلث.
وقد اتسعت القاعدة الانتخابية للحركة، وأفرزت قيادات شابة عكست تدافع الأجيال داخلها. ولأول مرة، تنتخب شخصية نسوية في أعلى السلم القيادي فيها. وبحسب النظام الداخلي، فإنَّ الحد الأقصى لتولي منصب رئيس المكتب السياسي ورؤساء الحركة على مستوى الأقاليم ورؤساء الهيئات الإدارية والشورية هو دورتان انتخابيتان.
وفي أغلب الحالات، يحصل الفائزون على أغلبية عادية بفارق أصوات معدودة، ولا يتم تحقيق فوز كاسح، ما يعكس شدَّة التنافس، وهو ما انعكس في انتخاب السنوار بعد الجولة الرابعة، ولا يمكن لأحد أن يعرف الفائز إلا بعد إعلان النتائج.
ما يلفت الانتباه في الانتخابات الداخلية لحركة "حماس" أنَّ نظامها الانتخابي متغيّر وغير متكلّس ويتطوَّر باستمرار، ما يوسّع هامش التغيير في الأطر القيادية المختلفة. وقد غادرت الحركة مربّع السرية في الإعلان عن قياداتها المنتخبة، وعقد رئيسها المنتخب في غزة، يحيى السنوار، مؤتمراً صحافياً بعد فوزه مباشرة، ما يعكس تحولاً في التعاطي الإعلامي مع انتخابات حركيّة كانت تُدار بسريّة تامّة.