المغضوب عليه من السلطات المحتلة والسّلطة.. عبد الستار قاسم
الدكتور عبد الستار الفلسطيني العربي الأصيل، الذي لطالما أتحفنا بمقالاته الثاقبة التي لا غبار عليها حول قضيتنا الفلسطينية وأحوال العرب والمسلمين عامة. وبرحيله، نفقد قلماً مناضلاً وطنياً وفلسطينياً لا يستكين في عصر التطبيع الذليل.
عبد الستار توفيق قاسم الخضر (21 أيلول/سبتمبر 1948 - 1 شباط/فبراير 2021) هو كاتب ومفكر ومحلل سياسي وأكاديمي فلسطيني، ولد في بلدة دير الغصون في محافظة طولكرم، وتوفي في نابلس، وهو أستاذ العلوم السياسية والدراسات الفلسطينية في جامعة "النجاح" الوطنية في نابلس، والرجل المعروف بمواقفه الرافضة للتسوية مع "إسرائيل" والمنتقدة لسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية.
حصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأميركية في القاهرة، ثم نال درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة ولاية كنساس الأميركية، ثم درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة "ميزوري" الأميركية، ثم الدكتوراه في الفلسفة السياسية من الجامعة نفسها في العام 1977.
عمل قاسم في الجامعة الأردنية برتبة أستاذ مساعد في العام 1978، وأنهيت خدماته بعد سنة ونصف السنة (العام 1979) لأسباب سياسية، إثر اجتياح "إسرائيل" لجنوب لبنان، وعمل أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة "النجاح" الوطنية في نابلس منذ العام 1980، كما عمل أستاذاً غير متفرغ في جامعتي "بيرزيت" و"القدس". تقاعد عن التدريس في جامعة "النجاح" الوطنية في العام 2013.
في 13 كانون الأول/ديسمبر 2004، أكدت لجنة الانتخابات المركزية في رام الله أن الدكتور عبد الستار قاسم، المرشح لانتخابات رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية، تقدم بطلب سحب ترشيحه لدى دائرة نابلس الانتخابية، وأن اللجنة وافقت على الطلب.
اعتقلته سلطة الاحتلال الإسرائيلية عدة مرات، منها 4 فترات إدارية خلال الانتفاضة الأولى (1987-1993)، ومدد قصيرة خضع فيها للتحقيق في الزنازين. كذلك، تمت مداهمة منزله في نابلس ودير الغصون عدة مرات، ووُضع تحت الإقامة الجبرية. تعرّض في العام 1995 لمحاولة اغتيال، وأصيب بأربع رصاصات.
في العام 1996، اعتقلته السلطة الفلسطينية لأسباب غير معروفة. وفي العام 1999، اعتقل مع مثقفين وناشطين فلسطينيين آخرين، على خلفية ما عرف بـ"بيان العشرين" الذي طالبوا فيه ياسر عرفات بإصلاحات سياسية وبمكافحة الفساد في السلطة الفلسطينية.
أوقف في آب/أغسطس 2011 عن العمل في جامعة "النجاح" الوطنية، وأصدرت النيابة العامة في مدينة نابلس قراراً باحتجازه ليومين بناء على شكوى تقدم بها رئيس الجامعة رامي الحمد الله، على خلفية كتابته مقالاً حمل عنوان "بين إدارة النجاح والقضاء الفلسطيني" بتاريخ 22 آب/أغسطس 2011. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2011، حكم ببراءته من التهم التي نسبت إليه وعاد إلى الجامعة. اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدة أسبوع أثناء حرب غزة في العام 2014، وأفرج عنه في 21 تموز/يوليو.
تعرض لإطلاق نار في 5 آب/أغسطس 2014 قرب منزله، بعد أن هاجمه 3 شبان ملثمين - كانوا يستقلون سيارة تحمل لوحة تسجيل إسرائيلية - بينما كان يتهيأ للوقوف لتصعد زوجته إلى السيارة. وبحسب أقواله، أطلق أحد الشبان رصاصتين، ولكنهما لم تصيباه، كما أحرق مجهولون سيارته أمام منزله في منطقة الجبل الجنوبي في مدينة نابلس.
كذلك، اعتقلته الأجهزة الأمنية الفلسطينية في نابلس يوم الثلاثاء 2 شباط/فبراير 2016، بتهمة الدعوة في مقابلة مع فضائية "القدس" إلى تنفيذ حكم الإعدام بحقّ رئيس السلطة محمود عباس ورؤساء الأجهزة الأمنية. وقد نفى قاسم التهمة في بيان صحافي، مؤكداً أنه "لم يدعُ إلى قتل أحد، وأن من ردد هذه العبارات هو التلفزيون الفلسطيني الرسمي".
حصل قاسم على العديد من الأوسمة والجوائز، ومنها جائزة عبد الحميد شومان في مجال العلوم السياسية في العام 1984. ونتيجة مواقفه المعارضة لسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية والداعية إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، تعرض لمضايقات واعتقالات على يد كلّ من "إسرائيل" وسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية، ومُنع من السفر منذ العام 1981، ووجهت إليه 3 تهم تحريض.
لقاسم العديد من الكتب والأبحاث، فقد أصدر 25 كتاباً، وكتب حوالى 130 بحثاً علمياً وآلاف المقالات، منها "الفلسفة السياسية التقليدية"، و"سقوط ملك الملوك" (حول الثورة الإيرانية)، و"الشهيد عز الدين القسام"، و"مرتفعات الجولان"، و"التجربة الاعتقالية"، و"أيام في معتقل النقب"، و"حرية الفرد والجماعة في الإسلام"، و"المرأة في الفكر الإسلامي"، و"سيدنا إبراهيم والميثاق مع بني إسرائيل"، و"الطريق إلى الهزيمة"، و"الموجز في القضية الفلسطينية"، و"قبور الثقفين العرب"، وكتب العديد من الأبحاث حول مواضيع مختلفة في السياسة، مثل أمركة العرب والمقاومة الفلسطينية والفكر السياسي الإسلامي والعولمة.
رحل الدكتور عبد الستار الفلسطيني العربي الأصيل، الذي لطالما أتحفنا بمقالاته الثاقبة التي لا غبار عليها حول قضيتنا الفلسطينية وأحوال العرب والمسلمين عامة. وبرحيله، نفقد قلماً مناضلاً وطنياً وفلسطينياً لا يستكين في عصر التطبيع الذليل. لروحه الرحمة والسّلام والمغفرة.