الإرهاب والعنصرية صناعة هوليودية

اعتادت أميركا والغرب على ممارسة العنف والعنصرية بحجة القضاء على الإرهاب ونبذه، في حين أنهما لم يتأثرا أو يتحركا لرفع الظلم عن الفلسطينيين

  • اعتادت هوليود وأخواتها صناعة الوهم لتغطية مقاصد حكوماتها وجرائمها المرتَكَبة بحق المسلمين
    اعتادت هوليود وأخواتها صناعة الوهم لتغطية مقاصد حكوماتها وجرائمها المرتَكَبة بحق المسلمين

يقول الفيلسوف الأميركي سام كين: "أعداؤنا نقتلهم بعقولنا قبل قتلهم بأسلحتنا، مهما كان الصراع، نحن في الطريق المؤدي إلى الله، نحن الصالحون وهم البربريون".

في ضوء هذا القول، تمارس الأنظمة في الولايات المتحدة وأوروبا حرباً على الدّين الإسلامي بحجة الغلوّ والتطرّف في سبيل تحقيق أهداف انتخابية؛ وللحد من ارتفاع أعداد المسلمين، وتحاول بناءً عليه، تبرير ممارسة العنصرية بحقهم، لذا فقد جيّرت السينما الغربية صناعة الأفلام لتشويه صورة العربي المسلم في عقول مواطنيها، حيث تجرأت فرنسا على استهداف رموز الدّين الإسلامي وعلى رأسها النبي محمد (ص)، وفرضت إجراءات خطيرة كإغلاق المساجد والمراكز الاسلامية والتضييق على المسلمين واستحداث قوانين جديدة تحاصر حريتهم وتنتزع حقوقهم، مدعومة بصمت بعض النخب والحكومات العربية.

أعتبر نفسي متابعاً جيداً لما يقدّمه الغرب من صناعات سينمائية، خاصة أفلام التشويق والإثارة الهوليودية، في ظلّ فقر وضعف عربيين مقارنة بالسينما الغربية، وخاصة الأفلام التي تتحدث عن الصراع الأميركي الغربي من جهة والمسلمين من جهة أخرى، والتي لطالما ظهر فيها المسلم بمظهر المجرم سواء على مستوى الشكل، أو المُعتقد. 

من هنا، لا بد لنا من وقفة لاستعادة الدور العربي والإسلامي في محتوى هذه الأفلام التي عادةً ما يكون البطل الأول فيها شريراً، معتمدين على سيناريوهات مختلفة للتأثير في عقل الرأي العام العالمي حول صورة العربي المسلم تحديداً.

إنّ التفاعلات مع تلك الصورة وترويجها في وسائل الإعلام وفي دوائر اتخاذ القرار للمنظومات السياسية العالميـة في سبيل صناعة رأي عام معادٍ للمسلمين في العالم، تسعى جاهدةً إلى تكوين صورة مختزلة، ترسم في الذاكرة صورة المتغطرس قاتل الأطفال والنساء والعُزّل، كما جسّدها المخرج في فيلمي (الحرب المارقة) و"(القناع الأسود)، في مشهد لا علاقة له بمضمون الفيلم ولكنه يهدف إلى تغذية الدافع المعادي للإسلام، وهي صورة موجهة تتكرّر مكوناتها في كثير من الأفلام، بهدف تشكيل رأي عام معادٍ للمسلمين.

اعتادت هوليود وأخواتها صناعة الوهم لتغطية مقاصد حكوماتها وجرائمها المرتَكَبة بحق المسلمين، لذا تقوم دول الشرّ بصناعة أعداء تبالغ في نشر صيتهم ومن ثم تهدف الحبكة الدرامية إلى التخلص منهم ورسم صورة هلامية لانتصار مزيف. هذا ما فعلته شركات الإنتاج السينمائي العالمية التي أطلقت العنان لأفكارها الشيطانية من خلال صناعة أفلام كرتونية تستهدف الأطفال والكبار وترسم صورة ذهنية عن شخصيات كرتونية تؤثر في حياتهم اليومية مثل: كابتن أميركا وباتمان وسوبرمان والرجل الخارق، وهي أعمال ترسّخ فكرة أن البطل الأميركي والغربي هو المخلّص للعالم من شرور مجرم في هيئة رجل مسلم وهي صورة معروفة للمشاهدين ذهنياً.

فإذا كانت شركات الإنتاج العالمية تركّز على الصورة النمطية التي تشوّه الإنسان المسلم، فإنها تتناسى أن الجزء الآخر من أفلام (الأكشن) التي تصنعها هي أفلام تعكس الواقع الذي تعيشه هذه الدول وتعالج قضايا مجتمعية يعاني منها المجتمع الأميركي والغربي المليء بالإجرام وتجارة المخدرات والسلاح، بمعنى أنها هي من ينشر الإرهاب ويغذّي مسالكه، فهذه الشعوب المفعمة بالديمقراطية ترزح تحت سياط العصابات المسلحة، وتقوم بصناعة أفلام تشوّه الأديان الأخرى.

وكمثال من بين الأمثلة الأخرى، برعت فرنسا التي تدّعي الديمقراطية في صناعة الحبكات الدرامية و(الأكشن)، عندما جرّمت الإسلام ونعتته بالإرهاب، لأن طالباً مسلماً قتل مدرّساً أساء في رسوماته للنبي صلى الله عليه وسلم، معتبرةً ذلك فرصة لشيطنة المسلمين، من أجل تمرير دعاية انتخابية لماكرون من خلال تقليل التهديد الإسلامي الزاحف. 

اعتادت أميركا والغرب على ممارسة العنف والعنصرية بحجة القضاء على الإرهاب ونبذه، في حين أنهما لم يتأثرا أو يتحركا لرفع الظلم عن الفلسطينيين في ظل ما تمارسه "إسرائيل" من جرائم حرب بحق الأطفال والنساء والعُزّل ولم تتحرك مشاعرهما المزيفة إزاء هذه المجازر، ولم يتهم أحد "إسرائيل" بالعنف أو بالإرهاب، تماماً كما غضّ العالم الطرف عن المجازر الصليبية بحق المسلمين في بورما والصومال وما يحدث من مأسٍ في ميانمار وتركستان الشرقية.

خلاصة القول: إن الإرهاب لا يرتبط بديانة أو بملّة، فهو صناعة هوليودية بامتياز، بمعنى أن السينما الأجنبية وظّفت الميل للتديّن من خلال تفعيل ظاهرة الجنوح نحو العنصرية التي تدفع بدورها باتجاه العنف، في حين ينسى هؤلاء أن هذه الظواهر لم نشهدها إلاّ في الحروب الصليبية في ظلّ نزوع الكاثوليكيين للصراع من أجل التفرد في الدّين. أما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يسيئون إليه برسوماتهم اللعينة، فقد نشر الإسلام من مشرق الكون إلى مغربه ومن شماله إلى جنوبه تحت راية التسامح والموعظة الحسنة، ولم يقاتل إلا من قاتله، لذا فإن فرنسا لا تستطيع أن تنعت الإسلام بالإرهاب وهي التي تمارسه كل يوم ضد شعبها وضد الآخرين.