كورونا يكشف صبيانية حكّام يسوّق لهم زعماء عرب على أنهم حكماء
هذا الفيروس المجهري كذّب القوالب الجاهزة التي يسوّق لها زعماء عرب بشأن حكمة القرارات الأميركية، وصوابية خيارات هذه الإدارة.
4 سنوات تكاد تمر منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض؛ سنوات اتسمت خلالها سياساته عبر العالم، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، بالغطرسة، وتجاوز الخطوط الحمراء في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وصولاً إلى الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وتأجيج الصراع في سوريا.
هذه السياسات لطالما انتقدتها الدول الرافضة للهيمنة الأميركية، معتبرة أن قرارات ترامب الدولية تعتبر سابقة في تاريخ حكم الرؤساء الأميركيين.
وقد صدرت هذه الانتقادات أيضاً عن دول أوروبية لم ترق لها سياسات ترامب التي كثيراً ما وُصفت بالرعناء، ووُصف صاحبها بالجنون.
في مقابل ذلك، وجد بعض الحكام العرب ضالتهم في هذا النوع من السياسات التي عصفت بأمن المنطقة، بل إن بعض الممالك في الخليج كانت تدفع ترامب سراً وعلانيةً باتجاه توتير المنطقة، سواء عبر دفع الأموال أو افتعال الأزمات مع الجوار، بهدف إشعال فتيل حرب تدفع هذه الممالك فواتيرها، وحتى عبر الاصطفاف خلف القرارات الأميركية التي تنسف حقوق الشعب الفلسطيني، مثل صفقة القرن.
بعد مرور سنوات على وصول ترامب إلى السلطة، لحق به من اعتبرته الأوساط الأوروبية والغربية شبيه الرئيس الأميركي، وهو رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي لم يحد عن عادة أغلب الحكام البريطانيين في العقود الأخيرة، لجهة التصاقهم بالسياسات الأميركية في الشرق الأوسط وولائهم لها، سواء تعلق الأمر بإيران أو بالقضية الفلسطينية، وقبلهما سوريا والعراق، وهو الذي دعا إلى استبدال ما أسماه "صفقة ترامب" بالاتفاق النووي مع إيران.
المفارقة أن هذين الرئيسين فقط كانت لهما مواقف غير منطقية تجاه فيروس كورونا، وكأن القدر تدخَّل ليكشف لمن به صمم، ولمن دأب على الولاء الأعمى للغرب، أن قراراتهما حول قضايا المنطقة العربية والإسلامية ليست صائبة وحكيمة بالضرورة، وكذلك تقييمهما، فقد خرج الرئيس الأميركي بعنجهيته المعهودة ذات يوم متحدياً الفيروس، ومقللاً من خطورته على الولايات المتحدة الأميركية، رغم تحذيرات الاستخبارات الأميركية.
أما رئيس الوزراء البريطاني، فكان صاحب نظرية "مناعة القطيع" في مواجهة الوباء. واليوم، يرقد جونسون في المستشفى بعد إصابته بكورونا، بينما ما زالت الانتقادات والاتهامات تلاحقه على خلفية تعامله مع هذه الجائحة منذ البداية.
وبالنسبة إلى الرئيس الأميركي، فقد أصبحت علامات الاضطراب والقلق تلتصق بملامحه كلّما خرج للحديث عن وضع الوباء في بلاده التي أصبحت تتصدر جدول الإصابات، وهو يسميه تارة الفيروس الصيني، ويتحدث تارة أخرى عن تكاليفه الاقتصادية، وسط تخبّط أصبح ملموساً لدى الأميركيين والعالم.
هذا الفيروس المجهري كذّب القوالب الجاهزة التي يسوّق لها العملاء العرب بشأن حكمة القرارات الأميركية، وصوابية خيارات هذه الإدارة، وتكريس فكرة أنها الإمبراطورية التي لا تهزم، بينما الحقيقة التي وقف عليها الجميع، سواء علانية أو في قرارة أنفسهم، هي أن أموال الخيانة والدعم الذي يلقاه ترامب من العملاء فقط، هما ما يسوّق لقراراته في المنطقة، ويمهّد لها الطريق، ولولاهما لتحطّمت كل المشاريع الأميركية وفُضحت عوراتها.