كيف انتصرت الصّين في الحرب قبل اندلاعها؟

من يراقب الصحف الغربية اليومية يشعر بأنها بواكير الحرب العالمية الثالثة ونذرها، بل قد تكون كذلك، إلا أنَّ الصين استطاعت التغلّب فيها، وبالضربة الأولى.

  • كيف انتصرت الصّين في الحرب قبل اندلاعها؟
    تبيَّن أنَّ المجتمعات الغربيَّة أكثر هشاشة مما هو متوقّع في المجتمعات النامية

بعيداً من التكهّنات حول ما إذا كانت الولايات المتّحدة الأميركيّة متورّطة بنشر فيروس كورونا في العالم أو أن الأمر لا يزال غامضاً، ويصعب التأكّد من سبب أولى الإصابات التي ظهرت في الصّين، سوف نقرأ مجريات الأمور ونقاربها من ناحية علمية ومنطقية.

كعادتها، سارعت الدّول الغربية إلى استغلال الانتشار السريع لفيروس كورونا في الصين سياسياً، بعيداً من مراعاة أبسط الأدبيات الأخلاقيّة والإنسانيّة في التعاطي مع هكذا كارثة، وحاولت الانتقام بدلاً من تقديم المساعدة، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركيّة وبريطانيا، إذ بدأ السّاسة، ومن خلفهم الإعلام، بتوجيه أصابع الاتهام إلى النظام الصيني بأنه السّبب الرئيسي في سرعة انتشار الفيروس.

وقد وصل الأمر إلى وصف الرئيس الصيني في الصحف الأميركية بالديكتاتور اللاإنساني الذي يريد تدمير شعبه، ولا يأبه بمعاناته وبما يصيبه جراء هذه الكارثة الكبرى، فبدأت تظهر في وسائل التواصل الاجتماعي شائعات ومقاطع فيديو تهوّل من خطر الفيروس وتضخّمه، إلى درجة نشر أخبار عن تحلّل الجثث فور الإصابة به أو الموت المفاجئ لأشخاص يسيرون على الطّرقات، من دون ظهور عوارض صحّية سابقة عليهم.

كلّ ذلك ضمن هجمة إعلاميَّة ضخمة قادها الإعلام الأميركيّ والبريطانيّ ومن خلفهم، لكن ما لم يكن بالحسبان هو هذا النّجاح الباهر والمميّز والفريد من نوعه للنّظام الصّيني في كيفية التعاطي مع هذه الكارثة، إذ كان لزاماً عليه اتخاذ قرارات وإجراءات صعبة وقاسية بحقّ المناطق المنكوبة، لأنه تُرك وحيداً في الميدان.

ومن خلال المتابعة اليوميَّة للصحافة الغربية، كان واضحاً أنَّ الهمّ الأول للغرب هو رؤية النظام الصّيني والعملاق الاقتصادي يتهاوى. هذا هو الحلم بالنسبة إليهم، لكنَّ العزيمة الكبيرة التي تحلّى بها الشعب الصيني، والتكاتف والتعاون المتفاني بين أبنائه، بقيادة حكيمة وقديرة، استطاعت الصين أن تحقّق المستحيل.

الرسم البياني لعدد الإصابات والوفيات في الصّين يشهد تراجعاً مستمراً، إذ أصبحت أرقامها تشبه أرقام الدول الصغيرة. وها هي اليوم تغلق كلّ المستشفيات والمراكز الصحّية الثابتة والمتنقلة التي استُحدثت بعد الكارثة. وقد بدأت بتصدير المستلزمات الطبّية إلى الخارج، بعدما وصل إنتاجها اليوميّ من الكمامات إلى ما يفوق مئة مليون. وعلى عكس ما كان يحصل في الإعلام في بداية انتشار الفيروس، قلَّما نجد صحيفة غربية في هذه الأيام تتحدَّث عن الأعداد والإنجازات في الصّين.

في المقابل، تبيَّن أنَّ المجتمعات الغربيَّة أكثر هشاشة مما هو متوقّع في المجتمعات النامية، وأكثر خوفاً وذعراً، بدءاً من الولايات المتحدة الأميركيّة، ذلك أنَّ الذعر دبَّ بين المواطنين الأميركيين منذ الإعلان عن أول إصابة بفيروس كورونا في مطلع الشهر الجاري، إلى درجة أنَّ الصّحافة الأميركيّة، وبشكل يومي ومحدّث، كانت تتحدَّث عن حشود غفيرة تتجمَّع أمام محال بيع المواد الغذائية، وعن نفاد العديد من المواد الغذائيَّة، كالحليب والمعلَّبات والمياه المعدنية والبقوليات في تلك المحلات الضَّخمة، إضافةً إلى المستلزمات الطبية الوقائية للحماية من الفيروس، كالكمّامات ومعقّمات اليدين. وتحدثت الصّحف أيضاً عن تسجيل العديد من أعمال العنف والتضارب خلال التزاحم داخل المراكز التجاريَّة الكبيرة.

هذه الصورة كانت مشابهة لما يحصل في أوروبا وأستراليا. ومن يراقب الصحف الغربية اليومية يشعر بأنها بواكير الحرب العالمية الثالثة ونذرها، بل قد تكون كذلك، إلا أنَّ الصين استطاعت التغلّب فيها، وبالضربة الأولى. 

وليس بعيداً من سلوكيات الولايات المتحدة والأوروبيين أن يبدأوا حرباً من هذا النوع مع خصم شرس يتعاظم باطراد، مهدداً مصالحهم وأمنهم القومي، ذلك أن لديهم سوابق في التعامل مع الشعوب من خلال إبادتها بالأوبئة وما شاكل. وعلى سبيل الاحتمال، نعم، قد تكون الولايات المتحدة قامت بهذا العمل الخبيث، ولكن كيف؟

ربما لا تزال الاحتمالات والسيناريوهات غير واضحة الحيثيات، وكذلك الإجراءات المتبعة في ذلك، إلا أنَّنا نحتمل أنها قد تكون أقدمت على هذا العمل انطلاقاً من قواعدها العسكرية الواقعة في كوريا الجنوبية (ربما يفسّر ذلك سبب انتشار الفيروس بقوة في هذا البلد. وليس بريئاً تسليط الضوء على كنيسة أو مجمع كنسي باعتباره السبب وراء انتشار الفيروس، فكل ما ينشر في الإعلام بكثافة وتركيز يكون وراءه هدف. وربما يكون الهدف صرف الأنظار عن مكان انتشار الفيروس الأساسي في كوريا الجنوبية، الذي قد يكون القاعدة الأميركية فيها).


الانطلاق من كوريا الجنوبيَّة ربما له مبرراته العلميّة المتعلّقة بالمناخ، كالدورة الهوائية وتوزيع مراكز الضغط الجوي، التي تساعد في نقل الأجسام الصغيرة من مكان إلى آخر، من دون الحاجة إلى إرسال طائرات فوق الأراضي الصينية (باستطاعة علماء المناخ في الصين ربط البيانات المناخية الموجودة لديهم مع بيانات توزع انتشار الفيروس والتأكّد من هذا السيناريو)، وخصوصاً أن هذا الفيروس يتأقلم مع درجات الحرارة المنخفضة، وهذا هو حال درجات الحرارة في الطبقات العليا للهواء، إذ تسمح له بالبقاء على قيد الحياة للانتقال من منطقة إلى أخرى (لدى الولايات المتحدة مركز يُعنى "بالمناخ" تابع لوكالة الاستخبارات المركزية أُسّس في العام 2009، وتعتبر معلوماته "سرية"، بحسب موقع "globalresearch").

هذا الاحتمال ينطبق على إيران، فالقواعد العسكريَّة الأميركيَّة تحاصرها من الجهات الأربع. وربما، بعد انتهاء الاستخبارات الأميركية من تنفيذ هذه المهمة، حطّت المجموعات المنفّذة في إيطاليا، التي تعتبر مركزاً عسكرياً أميركياً بامتياز، ويتواجد فيها أكثر من مئة قاعدة عسكرية أميركية، وانتشر الفيروس منها أيضاً (نعتقد أنَّ الحكومتين الكورية الجنوبية والإيطالية على دراية بمكان انتشار فيروس كورونا بهذه السرعة في بلديهما وسببه، وعليهما مصارحة شعبيهما بالمعلومات المتوفرة لديهما حول هذا الموضوع).

تبيَّن للعالم أنَّ الصين دولة قوية قادرة حكيمة صارمة، تعلم ما تفعل، وأن الشعب الصيني لا يستسلم، ومستعد للتضحية إلى أقصى الحدود، خلف قيادة آثرت العمل الميداني على الكلام الإعلامي، ويمكنها اعتبار تفشي هذا المرض محاكاة حية لمناورة عسكرية ضخمة على مستوى البلاد تحاكي هجوماً بيولوجياً في المستقبل. 

نجاح هذه المناورة في الصين قابله فشل ذريع في الغرب. وقد تبيَّن أن الجبهة الداخلية للدول الغربية هشة وضعيفة، بسبب عدم قدرتها على تأمين الأمن الصحّي والغذائي لمواطنيها، مع الأخذ بالحسبان أنها استفادت من التجربة الصينية في كيفية التعاطي مع أزمة كهذه، ويمكن اعتبارها إنذاراً مبكراً.

من خلال هذا السيناريو أو غيره، وسواء كان الأمر هجوماً بيولوجياً أو حدثاً طبيعياً، نستطيع أن ندرك أن الصين انتصرت في هذه الحرب قبل اندلاعها، من خلال عدم تحقيق أحلام الغرب في ضرب مؤسَّساتها السّياسية وبنيتها الاقتصادية، وهو ما يشكّل رادعاً لأيّ تفكير جديّ في خوض غمار حرب مع الصّين.