حكومة نتنياهو الجديدة وضرورة تكامل مقاومة الأمة
قبل تشكيل حكومة الاحتلال وبعدها، ستكون الكلمة دائماً في العلاقة مع المحتل للمقاومة، وحالة الصراع والتدافع ستظل قائمة مع هذا المحتل حتى طرده عن كامل الأرض الفلسطينية والعربية.
مع إعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ورئيس حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس التوصل إلى اتفاق ائتلافي لتشكيل حكومة طوارئ، تنهي "دولة" الاحتلال ما يقارب عاماً ونصف العام من الفراغ المؤسساتي والتيه السياسي الذي نشأ بفعل المقاومة الباسلة في معركة حد السيف، وحالة العجز الصهيوني أمام تنامي قوى المقاومة المحيطة بالكيان الصهيوني، بدءاً من إعلان وزير الحرب حينها أفيغدور ليبرمان استقالته، وصولاً إلى 3 جولات انتخابية كادت أن تصل إلى المرة الرابعة، لو تصاعدت الضغوط على رئيس "أزرق أبيض" بفعل تداعيات جائحة كورونا، إضافةً إلى رغبة نتنياهو في الهروب من السجن الذي ينتظره عقاباً له على قضايا فساد.
وعلى الرغم من الإعلان عن التوصّل إلى اتفاق ائتلافي بين نتنياهو وغانتس، فإن الأزمة الأخيرة التي عاشها الكيان الصهيوني خلال أكثر من عام ونصف العام، كشفت مروحة واسعة من الخلافات والاختلافات بين مكونات النظام السياسي الصهيوني، سواء كانت خلاف العلمانيين والمتدنيين، أو التناحر السياسي بين المعسكرات، وصولاً إلى الخلافات الإثنية التي بدأت تزداد وتتسع، فظهرت القيادة الصهيونية بصورتها الانتهازية الفاسدة الديكتاتورية، التي كانت تحاول دائماً أن تخفيها وراء قناع الديموقراطية الزائف، وبدا أن هذه القيادة مستعدة للتضحية بكل مصالح الكيان لإدامة سيطرة مجموعة من العائلات على حكم "تل أبيب".
جملة هذه الشروخ التي تكشّفت من التيه السياسي الأخير في الكيان الصهيوني، والتي كان للمقاومة دور في فضحها، تؤكّد مرة أخرى أن هذا الكيان الصهيوني أقامته مجموعة من اللصوص والعصابات، وهي قائمة عليه، وأن مستوطنيه الذين تم جمعهم من بلدان شتى، لا ارتباط لهم ولا علاقة بالأرض العربية، وأن هذا الكيان يمكن هزيمته، وأن جيشه يمكن قهره بالفعل المقاوم، كما حدث في غير مرة أثناء صدامه مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
عزَّزت تشكيلة حكومة الاحتلال الجديدة وبرنامجها السياسي الذي يضع استهداف كل مكونات القضية الفلسطينية على رأس أولوياته، قضية أن المكونات السياسية الصهيونية المختلفة تجنح باستمرار إلى اليمين المتطرف، وأن ما يسمى باليسار الصهيوني يتلاشى، وبالتالي تأكيد رواية المقاومة التي أعلنت في كل المناسبات أن من العبث والجنون التعويل على وجود أي مكون سياسي صهيوني يمكن أن يتفهّم، ولو قليلاً، الحقوق العربية، وأن انتظار تيار التسوية لنتائج الانتخابات هو أكثر من مضيعة للوقت، بل هو ملهاة سياسية يستخدمها هذا التيار المأزوم لعجزه المتواصل عن تحقيق أي من أهداف شعبنا.
قبل تشكيل حكومة الاحتلال وبعدها، ستكون الكلمة دائماً في العلاقة مع المحتل للمقاومة، وحالة الصراع والتدافع ستظل قائمة مع هذا المحتل حتى طرده عن كامل الأرض الفلسطينية والعربية. وهذا الإجماع على فكرة اليمين الصهيوني يسهل على كل شرفاء الأمة رسم العلاقة مع الاحتلال، القائمة على الصراع، والتي لا يمكن أن تكون طبيعية بأيّ حال من الأحوال.
إن منطق العدوان الذي يحرك هذا الكيان ضد كل مكامن قوة الأمة، يستوجب توحيد جهود كل فصائل المقاومة الفلسطينية، وتفعيل المقاومة الشاملة وفق رؤية متفق عليها، وبالضرورة تنسيق وتكامل الفعل المقاوم لدى كل فصائل المقاومة في الأمة في محور الممانعة الرافض للوجود الصهيوني على الأرض العربية، وفي ذلك وصفة للنصر الأكيد، وتحقيق لآمال الأمة في هزيمة المشروع الصهيوني