سقوط "الجدار الحديدي"... عن جابوتنسكي واليمين الإسرائيلي
لماذا كل هذا الاهتمام الإسرائيلي بتراث زئيف جابوتنسكي الأيديولوجي، وما علاقته بالوضع الراهن؟
في يوم الـ 22 من تموز/ يوليو من كل عام، تُحيي "إسرائيل" ذكرى جابوتنسكي، قائد عصابات الإيتسل الصهيونية، وقائد التيار التنقيحي في الحركة الصهيونية، بموجب قانون خاص سُمّي "قانون جابوتنسكي"، الذي سنّه الكنيست عام 2005، وهدفه تعليم تراث جابوتنسكي للأجيال الحالية والمقبلة والعمل وفقاً له. وتشكّل عقيدة جابوتنسكي أيديولوجية قادة الليكود وأحزاب يمينية أخرى من الخريطة السياسية الصهيونية. لكن، بما أن التاريخ المذكور، وهو تاريخ وفاة جابوتنسكي، لا يأتي ضمن السنة الدراسية، خصّصت وزارة التربية والتعليم في حكومة نفتالي بينيت يوم 16/12/2021 يوماً تعليمياً في جميع المدراس اليهودية لتراث جابوتنسكي. لماذا كل هذا الاهتمام بتراث جابوتنسكي الأيديولوجي، وما علاقته بالوضع الراهن؟
من خلال أي مراجعة سريعة في محرّك غوغل للبحث عن جابوتنسكي، باللغة العبرية على الأقل، يجد القارئ عشرات الدراسات ومئات المقالات التي تتناول تراث جابوتنسكي، وكثيراً ما يربطه السياسيون والباحثون بالوضع الراهن للحركة الصهيونية، وتجسيدها الإسرائيلي. والكثير من هذه المقالات يتناول مقالاً مهماً جداً كتبه جابوتنسكي ونشره في تشرين الثاني/ نوفمبر 1923 باللغة الروسية تحت عنوان "الجدار الحديدي". قد يعتقد البعض أن العنوان يشير إلى ضرورة وجود حدود فاصلة ومحكَمة بين الكيان الصهيوني وغيره من الكيانات المجاورة، لكن الحقيقة ليست كذلك، وهذا ما يهمنا تبيانه، مع أهمية المقال المذكور لكونه يمثّل أساساً أيديولوجياً للعقيدة العسكرية والسياسية التي ينفّذها اليمين الصهيوني المتطرّف في أيامنا هذه.
ماذا قالوا عن عقيدة "الجدار الحديدي"؟
يوم 16/8/2019 كتب عاموس يدلين، رئيس الاستخبارات العسكرية سابقاً ورئيس معهد أبحاث الأمن القومي لاحقاً، تحت عنوان: "الخط الذي يربط بين "الجدار الحديدي" والعقيدة الأمنية المعاصرة لإسرائيل"، فقال: " إن المقال الكلاسيكي لزئيف جابوتنسكي، تضمّن أسُساً ترتكز عليها النظرية الأمنية لإسرائيل. كان ذلك صحيحاً قبل مئة عام تقريباً وما زال صحيحاً اليوم أيضاً. وبصفتي رئيس معهد تراث بن غوريون، قررتُ أن من الصحيح أن أعود لأقرأ من جديد مقال زئيف جابوتنسكي، "الجدار الحديدي" من عام 1923". وأضاف يدلين: "بروف إسحق بن يسرائيل ادّعى في كتابه أن بن غوريون تبنّى بالفعل والممارسة عقيدة "الجدار الحديدي"، وأن العقيدة الأمنية لبن غوريون في سنوات الخمسينيات والستينيات، ارتكزت على أسس عقيدة الجدار الحديدي، وهذا صحيح، بالرغم من أن جابوتنسكي اعتُبر خصماً أيديولوجياً لبن غوريون في تلك الفترة".
ماذا قال جابوتنسكي عن إمكانية الوصول إلى سلام مع العرب عموماً ومع الفلسطينيين خصوصاً؟
إذا أردت أن تفهم سياسة حكومات "إسرائيل" برئاسة بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت، لا بد أن تقرأ مقال جابوتنسكي - "الجدار الحديدي" من عام 1923، بتمعّن.
يمتد المقال على 14 صفحة باللغة العبرية، ويشكل أساساً منهجياً وأيديولوجياً لمدرسة سياسية استيطانية، وعقيدة عسكرية للحركة الصهيونية في وقتنا الحاضر، باعتراف كل قادة اليمين اليوم وشهاداتهم.
من أهم ما قاله جابوتنسكي عن إمكانية الوصول إلى سلام مع الفلسطينيين، "عرب أرض إسرائيل" كما وصفهم، أو "سكان البلاد الأصليين" كما عرّفهم، أنه "لا مجال للحديث عن قبول الفلسطينيين وتسليمهم بوجودنا، ليس الآن، ولا في حدود المستقبل المنظور... ذلك لأن من المستحيل أن يقبل الفلسطينيون عن طيب خاطر تحويل بلادهم من أرض عربية إلى أرض ذات أغلبية يهودية". ويضيف: "مَن لا يقبل رأيي هذا ويعرف تاريخ الاستيطان في بلاد أخرى، عليه أن يأتيني بحالة واحدة قبِل فيها السكان الأصليون أن يستوطن الغرباء بلادهم. كان السكان الأصليون، متحضّرين أو غير متحضّرين. لقد حاربوا بعناد ضد المستوطنين، متحضّرين كانوا أو غير متحضّرين. أما أساليب عمل المستوطنين، فلم تغيّر مطلقاً من موقف السكان الأصليين من المستوطنين".
وأضاف: "صانعو السلام بيننا يحاولون إغراءنا بأن العرب إما أغبياء، ويمكن خداعهم بنصوص "لطيفة" لأهدافنا، أو أنهم أهل جشع، سيتنازلون لنا عن أحقيتهم في بلادهم مقابل بعض أرباح التحضُّر والمال". ويردّ: "أنا أرفض نهائياً قبول هذه الفرضية في ما يخصّ الفلسطينيين... لأن هذه النظرية، في أساسها، نابعة من نظرة عرقية فوقية تجاه العرب"، ويُنهي جابوتنسكي فقرته الأولى من مقالته المذكورة بالقول: "كل شعب يحارب المستوطنين ما بقي لديه بقية أمل بأنه يستطيع التخلص من خطر الاستيطان. هكذا فعلوا... وهكذا سيفعل عرب فلسطين ما دام لديهم بقية أمل".
لذلك، يقول جابوتنسكي: "يجب أن تحظى الصهيونية بموافقة، ليس من عرب فلسطين، لأن ذلك مستحيل، بل من باقي العالم العربي، من سوريا وبلاد أرام النهرين (العراق) والحجاز، وربما مصر، إذا كان هذا ممكناً... كل هذا لا يكفي، لو استطعنا إقناع عرب مكة والعراق بأن فلسطين ليست أرضهم، وبأنها ليست مهمة بالنسبة إليهم، لكنها تبقى، بالنسبة إلى عرب فلسطين، هي بلادهم وموطنهم الوحيد، مركز حياتهم ووجودهم الوطني الذاتي. لذلك لا يمكن ممارسة الاستيطان إلا بالقوة رغماً عن الفلسطينيين، كما يحدث الآن"، ويقصد عام 1923.
يعود جابوتنسكي إلى مناقشة موقف العرب ويقول: "حتى الوصول إلى اتفاق مع عرب الحجاز والعراق ليس سهلاً، ماذا يمكن أن نقدّم لهم مقابل التنازل عن فلسطين؟ المال؟ ليس لدينا ما نقدّمه. الدعم السياسي؟ سيكون وبالاً علينا إذا قدّمنا لهم دعماً سياسياً ضد فرنسا وإنجلترا؟ إذاً، إذا اعتمدنا على إمكانية الاستيطان في فلسطين بالتراضي والاتفاق مع العرب فهذا مستحيل، وبالتالي يمكن أن نستنتج أن علينا التوقف عن المشروع الصهيوني أو أن نستمر ونطوّر مشروعنا رغم أنف الشعب الأصلي بحماية قوة عسكرية، غير مرتبطة بالسكان المحليين -"جدار حديدي"، لا يستطيع السكان المحليون التصدّي لها". ثم يعود ويؤكد من جديد، أن "هذا المبدأ لا يخصّ التعامل مع الفلسطينيين فقط، بل التعامل مع كل العرب". القوة العسكرية التي يتحدث عنها جابوتنسكي ليست قوة يهودية بالحصر، بل "القوة العسكرية لدولة أجنبية مثل بريطانيا".
كل هذا لا يعني أن لا نسعى للوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين. لكن، ما دام لديهم بصيص أمل للتخلص منّا فلن يبيعوا آمالهم، لا بالكلام المعسول ولا بقطعة خبز... وفقط عندما لا يبقى في "الجدار الحديدي" أيّ شق، لا يبقى لديهم بصيص أمل. عندها ستفقد المجموعة المتطرفة، وشعارها الرفض المطلق، قوتها، وبدلاً منها سيأتي إلينا الفريق المعتدل ويبدي استعداداً للتنازل والمساومة. الطريق الوحيد للوصول إلى اتفاق هو الجدار الحديدي".
نتنياهو و"الجدار الحديدي"
خلال المؤتمر الاقتصادي لصحيفة مكور ريشون في الأسبوع الأول من شهر تموز/ يوليو 2019 قال نتنياهو: "الاقتصاد والمجتمع والحداثة، هي الأسس التي أبني عليها اقتصاداً قوياً وعظمة داخلية وخارجية لإسرائيل. الاستثمار بكل مركّبات العظمة الإسرائيلية، العسكرية والاقتصادية والروحانية. العظمة العسكرية هي أحد الأسس الجوهرية للجدار الحديدي الذي تحدث عنه جابوتنسكي".
مع كل هذا الصلف والغطرسة، ردّ عليه بروف اريه الداد، في موقع معاريف يوم 9/7/2019، منتقداً إياه، من الجهة الأكثر يمينية وتطرفاً، فقال: "كان نتنياهو على حق عندما قال إن العظمة العسكرية هي أحد الأسس الجوهرية لهذه العقيدة، لكنه نسي أن المركّب الحيوي الثاني للعقيدة نفسها هو فقدان الأمل العربي للتخلص منا، ويقيمون هنا دولة فلسطينية، وفي هذا الأساس خلق نتنياهو كسراً في الجدار الحديدي".
أما دانييل بيبس، رئيس منتدى الشرق الأوسط في واشنطن، وهو المنتدى الأكثر قرباً من ترامب آنذاك، واستطاع أن يجنّد العشرات من أعضاء الكونغرس لدعم مشروع بحثي وسياسي سُمّي "انتصار إسرائيل"، فيقول: "تنتهي الحروب عموماً عندما يفقد أحد أطراف النزاع الأمل، عندما تستنفد الهزيمة إرادته للقتال. بعبارة أخرى، الحروب لا تنتهي بالنية الحسنة بل بالنصر. والنصر هو فرض إرادة المرء على العدو وإجباره على التخلّي عن طموحاته الحربية". ويضيف، "لدعم قبول إسرائيل، يجب على واشنطن أن لا تجرّ الأطراف إلى المزيد من المفاوضات، بل يجب أن تدعم، بالقوة، طريق إسرائيل نحو النصر. وهذا لا يُترجم فقط بدعم عروض القوة الإسرائيلية العرَضية، بل بجهد دولي مستمر ومنهجي للعمل مع إسرائيل، ودول عربية مختارة، وآخرين، لإقناع الفلسطينيين بعدم جدوى رفضهم لإسرائيل، فإسرائيل موجودة، وهي دائمة، وهي كذلك، تتمتع بدعم واسع".
ويتابع: "هذا يعني أيضاً دعم السياسات الإسرائيلية المتشددة، من عقوبة الإعدام للقتلة إلى إلغاء السلطة الفلسطينية. إنه يعني الدعم الدبلوماسي لإسرائيل، مثل إلغاء مهزلة "لاجئي فلسطين"، ورفض المطالبة بالقدس عاصمة لفلسطين. كما أنه يستلزم إنهاء الفوائد التي تعود على الفلسطينيين ما لم يعملوا نحو القبول الكامل والدائم لإسرائيل: لا دبلوماسية، ولا اعتراف كدولة، ولا مساعدات مالية، وبالتأكيد لا أسلحة، فضلاً عن تدريب الميليشيات". بمراجعة بسيطة، نجد أن ترامب فعل ما أوصى به منتدى الشرق الأوسط، ضمن مشروع انتصار "إسرائيل" ووفق عقيدة جابوتنسكي.
الجدار الحديدي واتفاقيات أبراهام
في خطابه أمام الكنيست في 16/8/2020 للمصادقة على اتفاقيات أبراهام، قال يوعاز هندل، رئيس "معهد الاستراتيجية الصهيونية" سابقاً، ابن المنظومة الأمنية ووزير الاتصالات في حكومة بينيت: "إن السلام لا يتم إلا من خلال القوة والعظمة، لا من خلال الضعف، وبفضل الجدار الحديدي الذي تحدث عنه جابوتنسكي تمّ التوقيع على اتفاقيات أبراهام".
وأخيراً، كتب بروف ايال زيسر، المختص في قضايا الشرق الأوسط، يوم 5/3/2022 في صحيفة يسرائيل هيوم: "تحوّل الاقتصاد الإسرائيلي، الذي تقدم على كل اقتصادات العام عام 2021، إلى ركيزة مهمة في الجدار الحديدي الذي يحمينا، إلى جانب العظمة العسكرية والمناعة الاجتماعية".
خلاصة المشهد، يرى الباحثون والسياسيون الاستراتيجيون في "إسرائيل" أن التطبيع مع الأنظمة الخليجية العربية، إضافة إلى السودان والمغرب، أو ما سُمّي اتفاقات أبراهام، وقبل ذلك مع مصر والأردن، جاء في سياق تجسيد عقيدة جابوتنسكي، المعروفة باسم "الجدار الحديدي"، بينما جاءت اتفاقيات أوسلو ضمن عقيدة أخرى تتناقض مع عقيدة جابوتنسكي، وتعطّل تطبيقها.
إن معسكر اليمين الجابوتنسكي في" إسرائيل"، يتمثل في بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت ويوعاز هندل وأرييه الداد وسائر غلاة المستوطنين المشاركين في الحكومة السابقة أو الحالية أو خارجهما، وجميعهم يرى أن أيّ تفاوض مع الشعب الأصلي، أي الفلسطيني، لأجل إقامة دولته المستقلة، هو كسر في "الجدار الحديدي"، لأنه بمنزلة إعطاء الأمل للفلسطينيين، مجدّداً، لتحقيق حلمهم في السيادة والحرية على أرض وطنهم، باعتبارهم شعباً حيّاً يستحق هذه الحقوق، وهذا يتناقض تماماً مع عقيدة جابوتنسكي التي تؤكد أن الشعب الفلسطيني لن يرضى بالمستوطنين إلا إذا استسلم للقوة وفقد الأمل باستعادة الحق المغتصب. وهذا هو جوهر الصراع في الوقت الحاضر مع حكومة نتنياهو سابقاً وحكومة بينيت حالياً. ومن هنا يمكن أن نفهم إصرار الحكومتين على رفض أي اعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، حتى إنّ بينيت لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني.
إن العودة إلى التفاوض مع الشعب الفلسطيني على إقامة دولته المستقلة، ولو على جزء من أرض فلسطين، تعني، في نظر الجابوتنسكيين، سقوطاً من نوع آخر لعقيدة الجدار الحديدي. لذلك نراهم مستمرين في نهجهم بعدم الاعتراف بالحقوق الفلسطينية، مع تعزيز التعاون مع التيار العربي "المعتدل"، أطراف اتفاقيات أبراهام، واستخدام كل وسائل القوة الذاتية والدولية لإخضاع الفلسطينيين، وإن لم تنجح القوة العسكرية والمادية فلا بد من استخدام الحيلة والخديعة التي انتهجها تيار بن غوريون للوصول إلى الهدف ذاته.
ماذا عن مشاركة الحركة الإسلامية في الحكومة؟
الجواب واضح، هكذا صرّح بنيامين نتنياهو عندما فتح الأبواب للحركة الإسلامية، وهكذا يصرّح نفتالي بينيت اليوم. الحركة الإسلامية بقيادة منصور عباس في الكنيست وفي الحكومة تمثل التيار العربي المعتدل الذي تحدث عنه جابوتنسكي، التيار الذي يقبل بالسيادة اليهودية الاستيطانية على أرض فلسطين بحكم الخضوع للقوة، وفقدان الأمل، والتنازل عن أي عمل لاستعادة الوطن والسيادة، وهو تيار يقبل بأن يقايض السيادة بمصالح مادية يومية. مع ذلك، فبقاء هذا التيار في حديقة المستوطنين مشروط بتعزيز "الجدار الحديدي"، أي باستمرار موازين القوى العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية لصالح المستوطنين.
كل ما تقدم من مشهد ومسيرة تطبيع مع أنظمة عربية عديدة، من دون أي اعتبار للحق الفلسطيني، أوحى للإسرائيليين بأنهم يحققون إنجازاً تاريخياً كان حلماً حتى وقت قريب، وأنهم قاب قوسين أو أدنى من "انتصار إسرائيل" واندثار الحق الفلسطيني. حسبوا أن قيادة فلسطينية عاجزة أو تعلن عجزها عن مقاومة الاحتلال الإسرائيلي هي الضمان لتحقيق الحلم. إلا أنهم فوجئوا في أيار/ مايو الماضي بهبّة فلسطينية عارمة، شملت الكل الفلسطيني، بمن فيهم داخل فلسطين المحتلة عام 48، هؤلاء الذين اعتبرتهم الحركة الصهيونية قد قبلوا بالهزيمة، واستسلموا للاستيطان الأجنبي على أرض وطنهم. وفوجئوا مرة أخرى قبل أيام بمقاومة فلسطينية أعادت إلى الأذهان كل القلق الذي ساورهم طيلة عقود من الزمن، فسقط القناع عن الفرح المزيف، وسقطت عقيدة جابوتنسكي و"عظمة إسرائيل"، وقامت العنقاء من تحت الرماد تبشّر بفجر جديد وجيل جديد لا ينسى ولا يسمح لأحد بأن ينسى أن فلسطين لأهلها، لشعبها الأصلي، الفلسطيني، وبأن هذا الشعب حيّ فعلاً كما رآه جابوتنسكي، ولن يقبل بالمستوطنين أسياداً في وطنه مهما طال الزمان وبلغت قوة المستوطنين.