تضييق فجوة التنمية وتحقيق الرخاء المشترك في الصين
من خلال تعديل السياسات، تسعى الصين لتضييق الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية وتقليل الفوارق بين المجموعات المختلفة، لمنع الاستقطاب وتحقيق الرخاء المشترك لجميع الصينيين.
أصبحت الفجوة بين الأغنياء والفقراء والتنمية الإقليمية غير المتكافئة موضوعاً مثيراً للاهتمام في العالم، إذ لا يؤثر عدم المساواة الاجتماعية والتنمية الإقليمية غير المتوازنة في النمو الاقتصادي فحسب، بل يؤثر أيضاً في الاستقرار السياسي، وتمثل كيفية محو الفجوة بين الأغنياء والفقراء اختباراً لقدرات الحوكمة.
في الصين، أشار الرئيس شي جين بينغ إلى أنَّ القضاء على الفقر وتحسين معيشة الشعب وتحقيق الرخاء المشترك هي المتطلبات الرئيسية للاشتراكية، وأنَّ التناقض الاجتماعي الرئيسي في الصين تحوَّل إلى التناقض بين حاجة الشعب المتزايدة إلى حياة جيدة والتنمية غير المتوازنة وغير الكافية.
ويتعيَّن على الصين تحويل تركيز استراتيجيتها التنموية، وإيلاء مزيد من الاهتمام لتحقيق الرخاء المشترك. إن تحقيق الرخاء المشترك ليس تحقيق رخاء لعدد قليل من الناس، بل هو رخاء للشعب الصيني بأسره. ولتحقيق هذا الهدف، اتخذت الصين إجراءات مختلفة، بما فيها التخفيف من حدة الفقر واستراتيجية النهوض بالمناطق الريفية وتحسين مستويات معيشة الشعب وغيرها.
في العام الماضي، أصدرت الصين كتاباً أبيض بعنوان "رحلة الصين الملحمية من الفقر إلى الرخاء". ووفقاً للبيانات، ارتفع نصيب الفرد من الدخل السنوي المتاح للصينيين من 171 يواناً فقط عام 1978 إلى 32.2 ألف يوان (4648 دولاراً أميركياً) عام 2020. وبلغ نصيب الفرد من الدخل المتاح لسكان المناطق الفقيرة 12.6 ألف يوان (1818 دولاراً أميركياً) عام 2020، ونجحت الصين تاريخياً في حل مشكلة الفقر المدقع.
في العقود الأربعة الماضية، منذ تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح عام 1978، انتشلت الصين أكثر من 800 مليون شخص من براثن الفقر، وانخفض معدل انتشار الفقر في المناطق الريفية من 97.5% عام 1978 إلى 0.6% عام 2019. وانتشلت الصين ما لا يقل عن 10 ملايين فقير من براثن الفقر لمدة 7 سنوات متتالية. وبحلول نهاية عام 2020، تم انتشال 98.99 مليون فقير من الفقر.
وأنشأت الصين أكبر نظام للضمان الاجتماعي في العالم، يغطي رعاية المسنين والرعاية الطبية وإعانات أخرى. ويغطي التأمين الأساسي ضد الشيخوخة أكثر من 1.04 مليار شخص، ويغطي التأمين الطبي أكثر من 1.36 مليار شخص، لتلبية الاحتياجات الأساسية للأمن الطبي للناس.
في معرض الإشارة إلى أنَّ قضايا الزراعة والمناطق الريفية والمزارعين تمثل قضايا رئيسية تتعلق بالاقتصاد الوطني ومعيشة الشعب، طرحت الصين "استراتيجية النهوض بالأرياف" للمرة الأولى عام 2017، لتحسين السياسات الداعمة وتعزيز الإصلاح والتنمية الريفية بشكل مطرد.
وتعد الصين بلداً زراعياً كبيراً بمساحة شاسعة، ويبلغ عدد سكانها الريفيين أكثر من 509 ملايين نسمة. ولا يساعد النهوض بالمناطق الريفية في التخفيف من حدة الفقر فحسب، بل يمكن أن يسرع أيضاً في تحديث الزراعة والمناطق الريفية.
ولتحقيق التنمية الريفية، نفذت الصين خطة عمل للبناء الريفي، واعتمدت سلسلة من الإجراءات لجذب المواهب للعودة إلى المناطق الريفية، وتعزيز التحول والارتقاء بالزراعة والصناعات الريفية الأخرى، وتعزيز المساعدة لسكان الأرياف ذوي الدخل المنخفض على أساس منتظم، وتحسين البنية التحتية الريفية العامة والخدمات العامة الأساسية وغيرها.
في العقد الماضي، زاد إنتاج الحبوب في الصين بشكل مطرد، وحافظ على أكثر من 650 مليون طن لمدة 7 سنوات متتالية.
وعام 2021، بلغ نصيب الفرد من الدخل المتاح لسكان الأرياف 18.9 ألف يوان (2734 دولاراً أميركياً)، بزيادة 9.7%، وهي 2.6 نقطة مئوية أعلى من معدل نمو الدخل لسكان الحضر، ما يضيق فجوة الدخل بين المناطق الحضرية والريفية باستمرار.
يتمثل غرض التخفيف من حدة الفقر والنهوض بالمناطق الريفية بتضييق فجوة التنمية بين المناطق الحضرية والريفية، لتحقيق الرخاء المشترك.
وقد أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أن "تحقيق تطلعات الشعب في حياة أفضل يمثل أهم هدف للحكومة".
ومن خلال تعديل السياسات، تسعى الصين لتضييق الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية، وتقليل الفوارق بين المجموعات المختلفة لمنع الاستقطاب، وتحقيق الرخاء المشترك لجميع الصينيين والتناغم والاستقرار الاجتماعي.