القرار 1701 بأبعاده الاقتصاديّة
نحن أمام فرصة لإعادة التوازن إلى القرار 1701 حتى لا يبقى منحازاً لمصلحة "إسرائيل"، ما يؤسّس حكماً لعدوان جديد على لبنان، في حين يجب أن يكون عادلاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
في 11 آب/أغسطس عام 2006، وبعد شهر كامل على شنّ الكيان الإسرائيلي أكبر عدوان ضدّ دولة عربيّة منذ تأسيسه، اتخذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار 1701 الذي قضى بوقف الأعمال القتالية في جنوب لبنان، لتنتهي "حرب تموز" بعد 33 يوماً من التدمير الممنهج للبنى التحتية الاقتصاديّة، والرهان على أن تكون النتيجة خلق مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الأميركي من رحم الأرض المحروقة والركام، بيد أنّ ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة أفشلت هذا المخطط.
وعندما كان شعب لبنان رازحاً تحت الصواريخ الإسرائيلية، تحرّكت الولايات المتحدة لإصدار أوامر وإملاءات محدّدة:
أولاً: سحب ودائع بعض الدول العربية من المصارف اللبنانية، وهو ما حصل فعلياً.
ثانياً: اتخاذ قرار دولي (1701) عنوانه وقف القتال، ومضمونه:
- فرض منطقة خالية من المعدات الحربية بين الخط الأزرق ونهر الليطاني على لبنان، بينما لا تُفرض على "إسرائيل" منطقة عازلة ضمن الأراضي المحتلة، ما يعطيها مجالاً للتأسيس لعدوان جديد.
- منع بيع وتوفير المعدات العسكرية للبنان، ما يعني بصراحة ووضوح منع تسليح الجيش اللبناني.
ثالثاً: منع إعادة إعمار لبنان والإبقاء على المنازل والمؤسسات مدمّرة لخلق حالة استياء شعبيّ ضدّ المقاومة، وضرب الاقتصاد اللبناني لصالح "إسرائيل".
وعندما سقطت الأهداف الاقتصادية الكامنة وراء العدوان بفعل مسارعة اللبنانيين إلى نفض غبار الحرب والتوجّه بمساعدة دول صديقة نحو إعادة الإعمار، بدأت مرحلة أخرى لتحقيق هذا المبتغى، فجرى تغييب الجانب الاقتصادي في القضايا الأساسية لـ"الستاتيكو" اللبناني الداخلي، وتغليب السياسة، والتحكّم بالدولة خارج البعدين القانوني والمؤسساتي، وتحوير الأبعاد الاقتصادية بما تقتضيه المصالح الدوليّة لا الداخلية.
وفي هذا الإطار، نجد أنّه منذ آب/أغسطس 2006 وحتى تشرين الأول/أكتوبر اتخذت مجموعة من الإجراءات التي ألحقت ضرراً واسعاً بالاقتصاد اللبناني، فشلت الحرب في تحقيقه، وهي:
1- دولرة الاقتصاد بشكل كامل، وإلغاء كل المحافظ المالية من اليوان الصيني وغيره من العملات.
2- وضع محاذير على نوعيات الاستثمار.
3- إيقاف جميع الموازنات لمدة 11 عاماً.
4- عرقلة جميع الحلول في ملف الكهرباء.
5- اتباع سياسة فوائد دمّرت الاقتصاد.
6- منع لبنان من استكشاف غازه ونفطه.
7- تهريب الأموال إلى الخارج.
8- تدمير مرفأ بيروت.
9- فرض حصار اقتصادي كبير.
لكن، مع اختلاف الأوضاع والظروف والأبعاد في وقتنا الراهن، بات علينا حكماً أن نتعامل مع القرار 1701 على أساس اقتصادي يُحدّد الدور الوطني للبنان بما يتناسب مع مصالحه على الشكل الآتي:
1- كسر الحظر المفروض على الكهرباء.
2- إعادة الأموال التي خرجت إلى الغرب.
3- السماح بتعدّد الخيارات الاقتصادية بالتوازي بين الشرق والغرب.
4- إيقاف العدوان الاقتصادي الإسرائيلي.
5- رفع الحصار الاقتصادي الخارجي.
6- إعادة بناء نظام مصرفي غير مرهون للسياسة الأميركيّة.
7- إيجاد حلّ لمشكلة النزوح السوري لا يكون على حساب لبنان.
8- السماح بالاستكشاف الحقيقي للغاز.
بناءً على ما تقدّم، نحن أمام فرصة لإعادة التوازن إلى القرار 1701 حتى لا يبقى منحازاً لمصلحة "إسرائيل"، ما يؤسّس حكماً لعدوان جديد على لبنان، في حين يجب أن يكون عادلاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
وهي فرصة لا تُعوّض لكسر المحظور الاقتصادي، على الدولة اللبنانيّة استغلالها لفرض شروطها؛ بهدف تحقيق السيادة الوطنيّة، خدمة لمصلحة أبناء الوطن ومستقبل أجياله.