الصراع الفرنسي الأفريقي والانقلابات المتكررة في بوركينا فاسو
غضب الشباب في أفريقيا على الاستعمار الفرنسي الجديد القديم هو نتيجة الوعي لما تحيكه فرنسا من مؤامرة تلو أخرى، عن طريق استقطاب قيادات عسكرية ومدنية تفرضها على شعوب المنطقة لتحتفظ بسلطانها المطلق.
في الحقيقة فرنسا مرتعبة من التحوّل المفاجئ في فكر الشباب الأفارقة الذين استيقظوا مع النشاط الجيو-استراتيجي الذي يهز العالم اليوم.
إن غضب الشباب في أفريقيا على الاستعمار الفرنسي الجديد القديم هو نتيجة الوعي لما تحيكه فرنسا من مؤامرة تلو أخرى، عن طريق استقطاب قيادات عسكرية ومدنية تفرضها على شعوب المنطقة لتحتفظ بسلطانها المطلق الذي يسمح لها باستنزاف الموارد الطبيعية بالمجان من هذه الدول.
طبعاً فرنسا دولة خدمات ليس لها موارد طبيعية، ومنذ أكثر من ثلاثة قرون تعيش على نهب خيرات أفريقيا وخصوصاً الناطقة بالفرنسية، وهي خمس عشرة دولة.
والتحرّك الروسي في السنتين أو السنوات الثلاث الأخيرة أدخل فرنسا في دوامة من القلق على مستقبلها.
فالانقلابات الأخيرة في بوركينا فاسو ما هي إلا محاولة لتثبيت حكومة عميلة تكون لها ستاراً على المصالح الكبيرة التي تتمتع بها فرنسا في "ساحل العاج"، وسقوط بوركينا يعني سقوط ساحل العاج، وبالتالي كل أفريقيا القريبة، ومجموعة الـCDEAO جميعاً ستنهج منهج دولة "مالي" التي قطعت جميع أشكال ارتباطاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية بفرنسا، وأصبح الوجود الروسي فيها العمود الفقري للدولة.
والتغيير الفعلي في حال الأمن في مالي هو الذي فتح أعين الأفارقة على المؤامرة الفرنسية التي تزرع الإرهاب وتغذيه وترسل جيشها بذريعة محاربة الإرهاب، وما هو إلا غطاء لنهب المعادن الثمينة، وقد أثبتت دولة مالي ذلك بالأدلة القاطعة
بعد أن استتبّ الأمر للوطنيين في مالي قرّرت شعوب غربي أفريقيا أن تسير في النهج نفسه، فجاء انقلاب دولة "غينيا كوناكري "وبدا التململ في بوركينا، فسارعت فرنسا إلى انقلاب أتت بأحد رجالها وهو الكولونيل "دمببا" الذي تظاهر بأنه ينتهج منهج مالي، ولكن سرعان ما اكتشف دوره فوقع الانقلاب الأخير بواسطة ضباط صغار وجدوا دعماً شعبياً منقطع النظير، وهرب الكولونيل "دمببا" إلى مبنى السفارة الفرنسية، فتدخّلت السفارة عن طريق بعض الضباط الكبار للوساطة حتى لإعادة رجلهم فقوبل هذا العرض بالرفض القاطع، ما جعل الشعب يثور على المصالح الفرنسية في كل الجمهورية حيث أحرقت مباني السفارة والقنصلية الفرنسي والمركز الثقافي.
تعد بوركينا فاسو بالنسبة إلى الفرنسيين بوابة تحفظ لهم طريقهم إلى (ساحل العاج) كما أن التشاد بوابة للمحافظة على النيجر.
توفّر شركة AREVA الفرنسية اليورانيوم للمفاعلات الفرنسية من دولة النيجر، وخسارة هذا البلد يحرم فرنسا أكثر من ثلاثين في المئة من الطاقة المنتجة باليورانيوم النجيري الذي تشتريه بثمن بخس.
ولهذا كله ستستميت فرنسا في الحفاظ على تلك المصالح الحيوية.
فهل يسمح لها الزمن بعد تهالك محور القطب الواحد، لا أظن.