التوجه نحو الطاقة الجديدة والخضراء.. الصين والدول العربية تعزز التعاون الثنائي
يجب على الصين والدول العربية أن تركز على تطوير الطاقة الجديدة وتستغل مزاياها المختلفة وتلبية الطلب للجانب الآخر وتعزيز التعاون في صناعة الطاقة الجديدة، بما يحقق المنفعة المتبادلة ويعود بالخير على الشعبين.
ظلَّ مجال الطاقة أساساً للتعاون العملي بين الصين والدول العربية؛ ففي أول قمة بين الصين والدول العربية التي عقدت في نهاية عام 2022، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ "الأعمال الثمانية المشتركة" بين الصين والدول العربية بشأن التعاون العملي، بما في ذلك الابتكار الأخضر وأمن الطاقة، الأمر الذي لقي تجاوباً إيجابياً من الدول العربية، وأشار إلى الاتجاه الصحيح للجانبين لتعزيز مزايا تكاملية وتحقيق التنمية الخضراء معاً.
إن تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية في مجال الطاقة الجديدة ليس في مصلحة الجانبين فقط، بل يساعد على الحفاظ على استقرار سوق الطاقة الدولية أيضاً.
تعدّ الصين أكبر مستورد للنفط الخام وثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، في حين أن البلدان العربية التي تقع في غربي آسيا وشمالي أفريقيا هي المنطقة الرئيسية في إمدادات النفط والغاز للعالم.
وتساعد المزايا كلا الجانبين على تحقيق التنمية المستدامة في تجارة النفط والغاز. وفي الوقت نفسه، ففي ظل تزايد حدة تغير المناخ العالمي والتحديات الناتجة من "حياد الكربون" وتحويل صناعة الطاقة العالمية، تعمل الصين والدول العربية بنشاط على تعديل استراتيجياتها الإنمائية وتطوير صناعة الطاقة الجديدة. ويمكن القول إن الصين والدول العربية تتمسك بالاستراتيجية المماثلة في مجال التنمية الخضراء.
تواصل الصين بذل الجهود في مجال الحد من الكربون. وقد قال الرئيس الصيني شي جين بينغ مراراً وتكراراً إن "الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من ذهب وفضة". وعام 2020، طرح الرئيس شي جين بينغ في الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة أن الصين تهدف إلى تحقيق "الوصول إلى ذروة الكربون" بحلول عام 2030 وتحقيق "حياد الكربون" بحلول عام 2060.
ومن عام 2012 إلى عام 2022، فإن نسبة استهلاك الطاقة المتجددة في الصين ارتفعت من 9.7% إلى 17.5%، الأمر الذي يعتبر سريعاً جداً في كل العالم. كما أنشأت الصين أكبر نظام لإمداد الطاقة وأكبر نظام لتوليد الطاقة النظيفة في العالم. وظل حجم الطاقة الكهرمائية وطاقة الرياح والطاقة الضوئية والطاقة النووية في المرتبة الأولى في العالم لسنوات عديدة.
وعام 2023، بلغت نسبة الإنتاج والمبيعات للسيارات بالطاقة الجديدة في الصين 9 ملايين سيارة، لتحتل المرتبة الأولى في العالم لمدة 9 سنوات متتالية، وتصبح قوة دافعة هامة في تحقيق تحويل صناعة السيارات في العالم. وبلغ حجم الصادرات السنوية 1.06 تريليون يوان بتصدير السيارات الكهربائية وبطاريات ليثيوم أيون والبطاريات الشمسية.
في الوقت نفسه، طرحت الدول العربية خطط التحول في مجال الطاقة، سعياً لتقليل الاعتماد على الطاقة الأحفورية والدفع بتنويع الاقتصاد. في هذا السياق، تعلن السعودية أنها تعتزم استخدام الطاقة المتجددة لتلبية 50% من احتياجاتها من الكهرباء بحلول عام 2030، وتخطط مصر لزيادة نسبة توليد الكهرباء بالطاقة النظيفة إلى 40% بحلول عام 2035، وتسعى الإمارات لرفع حصة الطاقة النظيفة في معادلة الطاقة إلى 50% بحلول عام 2050. إن تطابق مفهوم التعاون لدى الجانبين يرسي أساساً متيناً لتعميق التعاون العملي في مجال الطاقة.
ويمكن القول إن الصين والدول العربية تتمتع بالمفهوم نفسه في تطوير الطاقة الجديدة، وتشارك بنشاط في حوكمة تعير المناخ العالمي.
وتعمل الصين والدول العربية على رفع مستوى التعاون في مجال الطاقة الجديدة. وقد حققتا إنجازات باهرة في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المياه.
في الآونة الأخيرة، دخل التشغيل التجاري، مشروع الطويل لتحلية المياه في أبو ظبي، في مقاولة شركة باور تشاينا، وهو أكبر مشروع في العالم لتحلية المياه بالتناضح العكسي، باستخدام نظام توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية على نطاق واسع، ما سجل رقماً قياسياً من حيث ترشيد استهلاك الطاقة بالمقارنة مع باقي مشاريع تحلية المياه المماثلة في العالم.
كما أنجزت شركة باور تشاينا أعمال رفع الوحدة الأولى من مشروع طاقة الرياح بقدرة 500 ميغاوات في خليج السويس في مصر، ويعتبر ذلك خطوة حاسمة لهذا المشروع نحو هدف توليد الكهرباء. كما وقعت شركة CSCEC وشركة باور تشاينا مع الجزائر حول مشروع محطة الطاقة الشمسية، وتم اختياره كدفعة أولى من المشاريع لتحقيق رؤية الجزائر 2035 للطاقة الجديدة.
كما وقعت شركة BTR الصينية على الاتفاقية مع المغرب بشأن مشروع بطارية الليثيوم، وستبني هذه الشركة أول مشروع لبطارية الليثيوم الثلاثية المتطور في منطقة البحر المتوسط، بما يقدم الحكمة والقوة لدفع التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون للطاقة العالمية.
تتمتع الصين والدول العربية بالمزايا التكاملية وبتطابق الاحتياجات وبآفاق واسعة للتعاون. في المستقبل، يجب على الصين والدول العربية أن تركز على تطوير الطاقة الجديدة وتستغل مزاياها المختلفة وتلبية الطلب للجانب الآخر وتعزيز التعاون في صناعة الطاقة الجديدة، بما يحقق المنفعة المتبادلة ويعود بالخير على الشعبين.
وفي الوقت نفسه، تعمل معاً من أجل الحفاظ على أمن الطاقة العالمي وتعزيز الحوكمة العالمية لتغير المناخ.