على أبواب "ستالينغراد" جديدة في خيرسون: ملاحظات ومشاهدات وتقييم
هاجس الترقّب أو معركة ستالينغراد جديدة: ما المعروف عن النزال المتوقع في خيرسون؟
على الرغم من عدد من المحاولات الفاشلة للاستيلاء على خيرسون، تستعد كييف لهجوم جديد، فما أسباب هذا الاندفاع؟ وما العواقب المحتملة؟
في 7 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وصف الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش معركة خيرسون بأنها حاسمة في الصراع في أوكرانيا، وقال: "نحن نواجه وقتاً عصيباً. سيكون الشتاء القادم أكثر صعوبة من هذا الشتاء، لأننا نواجه (معركة ستالينغراد).. المعركة الحاسمة في أوكرانيا، معركة خيرسون، حيث يستخدم الجانبان آلاف الدبابات والطائرات والمدفعية".
وأشار الرئيس الصربي إلى أنّ لكل طرف من أطراف الصراع أسبابه الخاصة للبقاء في خيرسون؛ كييف تريد استعادة الأراضي المفقودة، والغرب يأمل أن تُضعِف معركة خيرسون روسيا، وتضع أوكرانيا في وضع أكثر فائدة في مفاوضات السلام الافتراضية. أما موسكو فتعتزم حماية أراضيها الجديدة.
خيرسون على خريطة أوكرانيا
مواقع القوات المسلحة الروسية على الضفة اليمنى لنهر دنيبر، بما في ذلك مدينة خيرسون نفسها، هي عبارة عن رأس جسر عسكري مجهز تجهيزاً جيداً. وانطلاقاً من هناك، وفق مشاهداتنا، يمكن شنّ هجوم في اتجاه نيكولاييف وأوديسا إذا لزم الأمر.
ويسمح رأس الجسر للجيش الروسي أيضاً بالدفاع عن محطة كاخوفسكايا الكهرومائية التي تحاول كييف تدميرها منذ أن أصبحت خيرسون تحت السيطرة الروسية. وبعد استفتاءات الانضمام إلى روسيا، غدت خيرسون رمزاً للعملية الخاصة.
لذلك، يبدو من المستحيل أن تغادر القوات الروسية والسلطات الجديدة المدينة على أيّ حال، لا لأنها ذات أهمية استراتيجية وسياسية فحسب، بل لأنها تتمتع أيضاً بميزة أخلاقية ونفسية ومعنوية لجميع أولئك الذين يدعمون العملية العسكرية الخاصة.
خريطة العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
منذ الصيف، تكرر كييف أنها تنوي استعادة خيرسون. وقد أكَّد الجانب الأوكراني مراراً أنه لن يبدأ المفاوضات إلا بعدما تخضع منطقة خيرسون مرة أخرى لسيطرته. في فهم واشنطن، فإن المدينة مهمة من وجهة نظر دبلوماسية وإستراتيجية. ومن وجهة نظر عسكرية، فإنها مفتاح لشبه جزيرة القرم، أي أن الاستيلاء على هذه المدينة سيمكّن القوات الأوكرانية من السيطرة على قناة شمال القرم ويجعلها قادرة على ممارسة الضغط على شبه الجزيرة.
إضافةً إلى ذلك، بعد الاستيلاء على خيرسون، ستتمكَّن أوكرانيا من استخدام صواريخها الدقيقة، مثل HIMARS، لضرب القواعد الجوية الروسية ومستودعات الذخيرة وطرق الإمدادات داخل دائرة نصف قطرها 80 - 100 كيلومتر.
هذه المعطيات تبدو كافية لفهم سبب اندفاع القوات الأوكرانية لمهاجمة المدينة، وسبب بناء القوات الروسية خط دفاع جاداً هناك. وبينما أعلنت كييف الهجوم على خيرسون خلال الصيف، قام الجيش الروسي بتجهيز خطوط دفاعية هناك ونقل قوات إضافية إلى المنطقة. وفي الوقت الحالي، يواصل الجيش الروسي بناء خط دفاع متعدد المراتب ونقل قوات إضافية إلى محيط خيرسون.
ووفق ملاحظاتنا، تعمل القيادة الروسية على إنشاء خط دفاع رئيسي في خيرسون. ويتم تحويل المدينة، التي تم إجلاء السكان المحليين منها، تدريجياً إلى قلعة منيعة، ما يخلق هياكل دفاعية خاصة وخطوط مقاومة إضافية، استعداداً لهجوم محتمل من القوات الأوكرانية.
نظراً إلى الحالة الفعلية للجيش الأوكراني، من الصعب جداً أخذ المدينة على حين غرة. لذلك، اختارت كييف تكتيكاً مختلفاً، ويحاول الجيش الأوكراني تحسّس خط الدفاع في اتجاه خيرسون من خلال الاستطلاع بالنار، ما قد يشير إلى اقتراب المعركة الفاصلة.
ماذا يحدث في خيرسون؟
حتى الآن، لا يزال الوضع قرب خيرسون صعباً، ولا تزال القوات المسلحة الأوكرانية تخطط لشن هجوم في اتجاه بيريسلافسكي، حيث يمكنها استخدام وحدات مشاة صغيرة. ونظراً إلى أن الجيش الأوكراني فقد في الأشهر الأخيرة الكثير من الآليات المصفحة اللازمة لنقل المشاة لشن الهجوم، فإنه ينتظر وصول ناقلات الجنود المدرعة الفرنسية FAB والمركبات المدرعة البريطانية Husky TSV. هذه الآليات يجري إرسالها للقوات الأوكرانية على عجل.
هناك الكثير من التخمينات والفرضيات حول توقيت الهجوم وأسبابه؛ فثمة افتراض بأنّ الهجوم المعلن سببه في المقام الأول اعتبارات كييف السياسية، وليس الجاهزية الحقيقية للجيش، الذي كان يطالب هيئة أركانه على مدى أسابيع بإمداده بدبابات جديدة للاستعداد بشكل أفضل للمعركة.
وتزعم بعض المصادر أنّ الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي حدَّد لجيشه مهمة شن الهجوم بعد الانتخابات النصفية الأميركية في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، وقبل 15 تشرين الثاني/نوفمبر، عندما تبدأ قمة مجموعة الـ20 في بالي (إندونيسيا). وبالنظر إلى أن التسرع لم يكن أبداً لمصلحة القوات الأوكرانية، فلا يسعنا إلا أن نفترض ما قد تؤدي إليه المحاولة الجديدة لشن هجوم على حين غرة.