عامٌ غيّرَ العالم.. في الذكرى السنوية الأولى للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا
روسيا آخذة في الارتقاء الآن، والمجتمع الروسي يظهر تلاحماً. روسيا قضمت نحو ثلث أراضي أوكرانيا واقتصادها وربع سكانها، أما في ساحة المعركة فلا تبدو هزيمتها ممكنة.
عام على العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، غيّر روسيا والعالم في نواح كثيرة:
الولايات المتحدة أعلنت صراحة أن هدفها الاستراتيجي هو تدمير روسيا. يتم ذلك عملياً من خلال حرب تشن بأيدي الناتو والقوات المسلحة الأوكرانية على أراضي أوكرانيا.
لم يعد خافياً اليوم أن الاستعداد لهذه الحرب كان يجري منذ فترة طويلة. الأميركيون لجأوا إلى أسلوبهم المفضل - الحرب بالوكالة، عندما يقاتلون في مكان ما إلى جانب طرف ثالث، بأيادي الآخرين، حتى لا يدخلوا هم أنفسهم في احتكاك عسكري مباشر مع خصومهم. واليوم تبذل واشنطن كل ما في وسعها لضمان استمرار القتال على أراضي أوكرانيا لأطول فترة ممكنة. هذا هو معنى دعم نظام كييف من خلال توريد الأسلحة والذخيرة وإرسال مدربي الناتو وتزويد الجيش الأوكراني ببيانات التجسس الفضائي.
كل هذا يتم من أجل إلحاق أكبر قدر من الضرر، لاستنزاف روسيا اقتصادياً وعسكرياً، وبالتالي تدميرها جسدياً.
في الوقت نفسه، يبدو أن الولايات المتحدة، بصفتها قائداً للغرب الجماعي الأطلسي، ارتكبت خطأ في التقدير:
- روسيا آخذة في الارتقاء الآن، والمجتمع الروسي يظهر تلاحماً. روسيا قضمت نحو ثلث أراضي أوكرانيا واقتصادها وربع سكانها، أما في ساحة المعركة فلا تبدو هزيمتها ممكنة. وهذا هو المعنى الرئيسي لرسالة فلاديمير بوتين إلى الجمعية الفيدرالية على أعتاب الذكرى السنوية الأولى لإطلاق العملية العسكرية الخاصة.
- في الخطط للمستقبل، ستبحث روسيا عن حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية. و سيتم إيلاء الكثير من الاهتمام للأشخاص الذين يرتدون الزي العسكري، وكذلك لأسر الذين فقدوا أحبتهم في ساحات المعارك.
- موسكو أرسلت إشارة واضحة إلى الغرب: "لا تمزحوا معنا. لدينا ما نردوا به عليكم". بالإضافة إلى إمكانات الصواريخ النووية الاستراتيجية، هناك مجمعات تفوق سرعتها سرعة الصوت. الولايات المتحدة تبحث عن ترياق فعال لمواجهة التفوق العسكري الروسي. وفق تقديرات خبراء عسكريين، فإن الأمر سيستغرق من 5 إلى 10 سنوات للعثور عليه.
تعليق روسيا مشاركتها في المعاهدة الجديدة للحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية يبدو مبرراً ومنطقياً ويظهر مرة أخرى أن الأميركيين تلقوا الإشارة فعلاً بمدى تصميم فلاديمير بوتين.
البعدُ العميق الآخر للمنهجية الروسية الجديدة بعدَ عام على العملية العسكرية الخاصة، هو الدعوة إلى عدم النظر إلى الغرب بعد الآن، والتوقف عن انتظار أي شيء إيجابي منه. فهو لم يعطِ شيئاً جيداً لروسيا على مدى العقود الثلاثة الماضية، حتى عندما كانت العلاقات معه دافئة.
الآن روسيا تعيش بعقلها، وتخلق إمكاناتها بنفسها، وتطور نفسها بنفسها.
الآن روسيا تمد يدها وتفتح قلبها لحلفائها وأصدقائها التقليديين في العالم الـ"لاغربي"، الذي يمتد جنوباً وشرقاً. لا غربَ بعد اليوم في المعجم السياسي الروسي.