لبنان أسير المراوحة في انتظار جلاء غبار معركة حلب
مصادر وازنة في 8 آذار تؤكد للميادين أن مبادرة الأمين العام لحزب الله تشكل "المخرج اللائق للأطراف كافة، وخصوصاً لتيار المستقبل ومعه المملكة العربية السعودية التي تدرك حجم إصرار محور الممانعة والمقاومة على كسب معركة حلب، لا سيما بعد التطور النوعي المتمثل باستخدام موسكو لفترة وجيزة مطار همدان الإيراني في حربها على المجموعات الإرهابية.
-
الكاتب: عبّاس الصبّاغ
-
المصدر: الميادين نت
- 4 أيلول 2016 22:01
الأزمة السياسية في لبنان تراوح مكانها.
في الحلقة المفرغة تراوح الأزمة السياسية في لبنان مكانها. فلا مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري حظيت بتجاوب القوى السياسية المتخاصمة، ولا انفتاح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله على خصمه اللدود تيار المستقبل لاقت اذاناً صاغية. فبري طرح على المتحاورين (بدأ الحوار الأخير مطلع أيلول / سبتمبر
الفائت)، مناقشة السلة الكاملة للتوصل الى إنهاء الفراغ الرئاسي المستمر منذ أيار /
مايو عام 2014، والاتفاق على قانون للإنتخابات التشريعية نهاية الربيع المقبل
(البرلمان انتهت ولايته عام 2013 ومددت حتى صيف العام المقبل)، عدا عن التوافق على حكومة جديدة، وعلى
الرغم من تحديد ثلاثة أيام متواصلة للحوار مطلع آب / أغسطس الماضي إلا أنّ المتحاورين
الذين غرقوا في نقاش إنشاء مجلس للشيوخ طبقاً لاتفاق الطائف (الاتفاق أنهى
الحرب ووقعه النواب اللبنانيون عام 1988 بعد لقاءات ماراتونية في السعودية برعاية
عربية ودولية وصدقه البرلمان اللبناني في 5 تشرين الثاني / نوفمبر من العام 1989 )،
ومن ثم تراجع "المستقبل" عن الإيجابية التي أبداها في اليوم الأول
ما دفع بري إلى تحديد جلسة جديدة للحوار لمتابعة البحث في النقاط الخلافية.
الخلافات بين الأطراف السياسيين في لبنان كثيرة، وعمرها من عمر
الكيان الذي أبصر النور في مثل هذه الأيام قبل 90 عاماً، وسط تباينات في وجهات النظر بين المكونات
السياسية بشأن معظم القضايا الوطنية والقومية، بدءاً من انتماء لبنان العربي
وصولاً إلى الصراع مع تل أبيب، ولكن الأزمة الراهنة تكمن في إخفاق البرلمان في انتخاب خلف للرئيس السابق ميشال
سليمان (إنتخب بموجب اتفاق الدوحة عام 2008 بعد انفجار الأوضاع بسبب قرارات حكومة الرئيس فؤاد
السنيورة بتفكيك شبكة اتصالات المقاومة في 5 أيار / مايو 2008 ما أنتج ما يعرف في
لبنان بأحداث 7 أيار من العام عينه)، وعلى الرغم من عقد البرلمان لـ 44 جلسة إلا أن
النصاب لم يكتمل إلا في جلسة يتيمة في نيسان/ أبريل عام 2014، وحينها حصل سمير
جعجع المرشح السابق لقوى 14 آذار (تضم إضافة إلى المستقبل حزب الكتائب والقوات
اللبنانية) على 47 صوتاً مقابل 60 ورقة بيضاء (هي ضمناً الأصوات التي حصل عليها
المرشح للرئاسة العماد ميشال عون )، ومذاك الحين لم تعقد أي جلسة نظراً إلى أن
النصاب هو 86 نائباً من أصل 128 يشكلون البرلمان اللبناني.
أما مبادرة نصر الله والتي أعلنها في بنت جبيل جنوب البلاد
في الذكرى العاشرة لانتصار لبنان على إسرائيل في عدوان تموز، فتتلخص بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية
مقابل قبول "حزب الله" تولي الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة، الأمر
الذي يُعد تطوراً لافتاً خصوصاً أن الحزب ظل على موقف مفاده بعدم السماح للحريري
العودة إلى السلطة.
لكن من يعرقل التوصل إلى حل أو على الأقل فتح كوة في جدار الأزمة
المستعصية على الحل، بعد أن دخل الفراغ الرئاسي شهره السابع والعشرين، من دون أن
يدفع ذلك الأطراف السياسيين لإدراك حجم تغييب رأس الدولة والحفاظ على موقع مسيحي، هو
الفريد في المنطقة المتآكلة بنيران الازمات وهجمات المجموعات الإرهابية من العراق إلى
ليبيا وما بينهما.
مصادر وازنة في 8 آذار أكدّت للميادين أن مبادرة الأمين العام لحزب الله تشكل "المخرج اللائق للأطراف كافة، وخصوصاً لتيار المستقبل ومعه المملكة العربية
السعودية التي تدرك حجم إصرار محور الممانعة والمقاومة على كسب معركة حلب، لا سيما بعد التطور النوعي المتمثل باستخدام موسكو لفترة وجيزة مطار همدان الإيراني في
حربها على المجموعات الإرهابية على شاكلة تنظيم "داعش" وجبهة "النصرة"
(أو فتح الشام)، في خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الروسية الإيرانية، وتحاكي
ما دأبت عليه واشنطن في إستخدام قواعد الحلفاء في حروبها السابقة في العراق وأفغانستان".
وتضيف هذه المصادر أن "مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية (أحد أقطاب 8 آذار
وصديق دمشق ويدعم ترشيحه تيار المستقبل ورئيس البرلمان) استهلكت الوقت الكافي، ولم
تغير في مواقف الفريق الوازن في 8 آذار أي حزب الله الذي يكرر يومياً أن
مرشحه هو العماد ميشال عون وفي أسوأ الأحوال فإن مفتاح باب الرئاسة لدى الأخير".
أما على الضفة الأخرى فاكتفى "المستقبل" برفض مبادرة نصر الله، واصفاً إياها
بـ"تجاوز للدستور لتعيينه رؤساء الجمهورية والبرلمان
والحكومة"، علماً أن تيار المستقبل بدأ منذ أواخر العام 2014
حواراً ثنائياً مع حزب الله، ويواظب الطرفان على عقد جلساته بشكل دوري
رافعين شعار "الحوار من أجل عدم نقل الخلاف السياسي إلى الشارع ومنع الفتنة
بين اللبنانيين"، مع التذكير أن تيار المستقبل بزعامة الحريري
أعلن منذ بدء الأزمة السورية انحيازه للمعارضة السورية على غرار الرياض التي
تربطها به علاقات طيبة.