هل يراهن نتنياهو على إنقاذ ترامب من مأزقه الإيراني؟
نتنياهو الذي يتخيّل استعادة "إسرائيل" لدور الشرطي الإقليمي، يلعب بالنار في إطار تبادل الخدمات مع ترامب أملاً ببقاء الطرفين في الحكم. لكنه ربما يراهن على صراع بالوكالة للتعويض عن عجز ترامب في المواجهة العسكرية مع إيران.
عجز دونالد ترامب عن خوض الحرب ضد إيران في الخليج ورداً على إسقاط الطائرة الأميركية، منذ تهديد السيد حسن نصر الله بحرب شاملة إذا قام بعدوان يظنه محدوداً، يقطع حبل التعويل الخليجي على أن تتصدّر أميركا الحرب لتعويم الدول الخليجية مقابل محور المقاومة في المنطقة وحل أزماتها المستفحلة في تبعيتها لواشنطن وتل أبيب.
وبموازاة ذلك يقطع هذا العجز التعويل الإسرائيلي على ترامب في العدوان على إيران لتحطيم تنامي قدرات المقاومة في لبنان وفلسطين وسوريا والعراق امتداداً إلى اليمن، وربما يُفقد "إسرائيل" آمال تحقيق ما تزعمه وعود "صفقة القرن" على الرغم من التطبيع وتوطيد الأواصر بين "حلفاء أميركا".
لا تتجرأ "إسرائيل" على المغامرة بالعدوان على "قوّة عظمى إقليمية" كما يستخلص الباحث الإسرائيلي "عران عتسيون" في مجلة "زمان إسرائيل"، وهو ما لا يتجرّأ عليه حلفاء أميركا في الخليج الذين يدّعون محاربة "الأذرع الإيرانية" في اليمن على وجه الخصوص.
لكن نتنياهو يوسّع العدوان في العراق ضد الحشد الشعبي والمقاومة في غزّة وسوريا ولبنان، للإيحاء بأنه "يخوض حرباً فعلية ضد إيران"، بحسب افتتاحية صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، ويتقصّد في توسيع عدوانه الادعاء بأنه يحارب إيران بشكل مباشر خارج أراضيها حيث يقول "لا حصانة لإيران في أي مكان".
في هذا السياق يتراءى لنتنياهو أنه يدغدغ أحلام جون بولتون ومايك بومبيو الذي سارع إلى "دعم إسرائيل في حق الدفاع عن نفسها" ضد إيران، حيث جرى الإعلان عن عدوان عقربا جنوب دمشق لاغتيال مقاتلي حزب الله في استراحتهم، بأنه استباق لعملية يحضّر لها حرس الثورة الإيرانية وجرى الإعلان عن العدوان ضد معسكرات الحشد الشعبي العراقي بأنه تحرّك استباقي ضد خلايا قائد فيلق القدس في حرس الثورة الجنرال قاسم سليماني.
في واقع الأمر يحاول نتنياهو استعادة دور الشرطي الإسرائيلي الإقليمي بالوكالة عن الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية ضد استقلال دول المنطقة وحقوق شعوبها، "كي يصدّ الانتقادات وإظهار سيطرته على الوضع" كما تقول "هآرتس" ومعظم وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الانتخابات وتصعيد التوتر في المنطقة.
ولعلّه يراهن على تعويض العجز الأميركي في الحرب ضد إيران بالاعتداء على "إيران خارج أراضيها" أملاً بردّ الجميل لترامب وأركان إدارته وإنقاذه من مأزق يمكن أن يكون له أثر كبير في الانتخابات الأميركية.
المراهنة الإسرائيلية لتغيير قواعد الاشتباك مع حزب الله في لبنان، مغامرة ظرفية غير محسوبة العواقب ولا يتعلق هذا الأمر بعدوان إسرائيلي محدّد وطبيعة ردّ حزب الله على هذا العدوان وحجمه، إنما يتعلّق بموازين قوى ومعادلات أوسع من ذلك وأشمل باتت ثابتة في قدرة المقاومة على توازن الردع والرعب وهو توازن يميل تدريجياً لمصلحة حزب الله ومحور المقاومة في المنطقة، حيث يجد نتنياهو نفسه محاصراً من تنامي قدرات المعادين لإسرائيل حول فلسطين المحتلة وصولاً إلى اليمن.
الحلم الإسرائيلي في استعادة دور الشرطي الإقليمي تواجهه التحوّلات الاستراتيجية التي تبرز بها إيران "قوّة عظمى إقليمية" فتعجز أميركا عن مواجهتها كما تخلص مجلة "هيل" الأميركية في تحليل "ماثيو باروس وجوليان مولر كلير" لما وصفاه "الطريق المسدود في استراتيجية الضغط القصوى".
وفي هذا الإطار الأوسع لتحولات الصراع الاستراتيجي بين أميركا وإيران، يغامر نتنياهو أملاً بتعديل قواعد الاشتباك لكن الرد الآتي يأتي على حسابات قواعد توازن الردع والرعب.