نتنياهو وقف أمام العالم ليُنكر اقترافه العِرقبادة ضد الشعب الفلسطيني
نحن ندعو، استناداً إلى التعريف العلمي للحرب، إلى عدم استعمال مصطلح حرب على الإطلاق، لأن الاحتلال الإسرائيلي (ورغم تنوع طرق الذبح والقتل) يقترف جريمتين أساسيتين، هما الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
كل شخص حر بنفسه وتصرفاته وأقواله. وبناء عليه، تقع عليه أيضاً مسؤولية أفعاله، بما في ذلك تفوهاته في الحاضر والمستقبل. الأمر يعود لكم، والمسؤولية ستقع عليكم، ولن يرحم التاريخ أحداً. ألم تشاهدوا السفاح نتنياهو وتستمعوا إليه وهو يُنكر جريمتي كارثة العِرقبادة (إبادة جماعية وتطهير عرقي) في قطاع غزة؟
ولهذا نقول إن أي شخص (عربي على وجه التحديد) يستعمل مصطلح "حرب" لوصف جريمتي كارثة العِرقبادة (إبادة جماعية وتطهير عرقي) في قطاع غزة إنما يساهم في خلق سردية ضد مصلحة الشعب الفلسطيني، كما أنه (عن غير قصد) يساهم في محاولةٍ لاحقة في تبرئة نتنياهو والاحتلال الإسرائيلي من هاتين الجريمتين.
من المفيد أن نسبة من يستعمل مصطلح "حرب" على الجرائم التي يقترفها نتنياهو تراجعت كثيراً في صيف 2024.
ونحن ندعو، استناداً إلى التعريف العلمي للحرب، إلى عدم استعمال مصطلح حرب على الإطلاق، لأن الاحتلال الإسرائيلي (ورغم تنوع طرق الذبح والقتل) يقترف جريمتين أساسيتين، هما الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
إنهما جريمتان مركبتان اجتهدنا واختصرناهما بمصطلح العِرقبادة.
لذلك، على سبيل المثال، رفعت دولة جنوب أفريقيا دعوى ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية ICJ على ارتكاب Genocide إبادة جماعية مع ذكر جريمة التطهير العرقي، ولم تقدم دعوى على الاحتلال الإسرائيلي على "شن حرب" على غزة!
تعريف الحرب شيء، وتعريف الإبادة الجماعية والتطهير العرقي شيء آخر. لذلك، نقول إن التداول بالمصطلحات واختيارها ليس ترفاً أو هواية أو عملية خاضعة للإنشاء المزاجي.
نعرف أن البعض يستعمل الحرب عن كسل أو عادة أو عدم معرفة أو عدم تدقيق، ولكننا نشدد على أن حرب المصطلحات هي جزء من مصير الشعب الفلسطيني وحياته وحاضره ومستقبله. إنها مسؤولية أخلاقية ومهنية في غاية الأهمية.
في محاولة مدروسة من الحركة الصهيونية ومنذ 1948 وما قبل تسمية محرقة أوروبا بالهولوكوست، وهي كلمة يونانية Holokauston، وتعني إحراق الأضاحي وتقديمها للآلهة، والحركة الصهيونية تسمّي جرائمها بـ"الحرب"، وذلك لخداع الرأي العام ومحاولة الاستحواذ على العقول لإيجاد قاعدة مناصرة لروايتهم المختلقة، وتصوير نهبهم لأرضنا وسلبهم لتراثنا كصراع "شرعي" بين حقّين.
هكذا يتقبل العالم رواية من يسبق في كتابة التاريخ لكي يتحول النهب والقتل، وذلك بعد عملية التضليل الإعلامي وضخ "أسطورة الحياد" وتحويلها إلى وجهة نظر وليس كقضية حق عادلة يجري فيها الصراع بين القاتل والضحية، بين السارق والمنهوب.
المهمة الكبرى هي عدم استعمال مصطلح الحرب بأي مزيج أو دمج للكلمات.
الإرشاد الثاني هو استعمال مصطلحي: الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
نشير إلى أنه عندما اقترح الراحل الدكتور قسطنطين زريق مصطلح "النكبة" في كتابه "معاني النكبة"، كتب في المقدمة: "لا أدّعي أني في هذه الدراسة المقتضبة لمحنة العرب في فلسطين قد اخترعت البارود (أو بلغة هذا العصر القنبلة الذرية) أو أني اكتشفت الدواء الشافي لعلاتنا جميعاً"! لم يعرف الدكتور قسطنطين أن عملية تبني مصطلح "النكبة" ستكون تدريجية، وستدخل سجالات مريرة تستمر لعقود. وعبر العقود، ستُشن حروب المصطلحات والمفاهيم التي بدورها ستستمر لعقود إضافية.
وبناء عليه، وبما أننا نرى أن السردية والمصطلحات هما عمود أساسي من حرب النفوذ والقوة والوجود، فقد قررنا ألّا نترك الساحة لسرديتهم الشريرة، واقترحنا بعد البحث والدراسة استعمال مصطلح "العِرقبادة" (العرق: من التطهير العرقي)، وهي جريمة محددة.
وإبادة من "إبادة جماعية"، وهي أكبر الجرائم. وقد تداولت محكمة الجنايات الدولية فيها بإسهاب عند استماعها إلى الطاقم الجنوب أفريقي في لاهاي "العِرقبادة" بالإنكليزيّة: CleansOcide (Ethnic Cleansing & Genocide)، فهل أنت مع فلسطين أم مع الاحتلال الصهيوني لفلسطين؟ إذا كنت مع قطاع غزّة الفلسطيني المُستنزف الذي يقترف فيه الاحتلال تجفيف الدم والمياه، فلا يمكنك استخدام عن قصد أو من دون قصد، عن جهل أو شطح، رواية الاحتلال ومصطلحاته، وأن تسمّي بسهولة (وبشحطة قلم)، وأحياناً من دون تفكير، الجرائم المُقترفة من جانب نظام المجرم نتنياهو في قطاع غزّة بـ"الحرب"!
على سبيل المثال، يسمي نتنياهو الحرب (للدفاع عن النفس)... وهذا ادعاء مسموح بطرحه (دون علاقة للنتائج)، بينما اتهامه باقتراف الإبادة الجماعية والتطهير العرقي (تركيب العِرقبادة) لا يمنحه حيزاً واسعاً للتهرب من جرائمها، وذلك لأن الإبادة هي جريمة الجرائم "أمّ الجرائم"! Genocide
الحرب شيء، والإبادة الجماعية جريمة تقف بحد ذاتها.