في ذكرى القادة الشهداء ومعركة طوفان الأقصى: "خطاب السيد حسن نصر الله"
الأمين العام للحزب أوضح في خطاباتٍ سابقة بأن جبهة الجنوب هي جبهة إسناد، وبهذا جاء التعريف الرسمي لدور الجنوب اللبناني، وحملت الكلمة بوادر بدايات تصعيد في نوعية أعمال المقاومة التي سوف تشهدها الأيام المقبلة ردّاً على قيام العدو باستهداف المدنيين.
نحن البأس الأعظم، هزّامون لا نُهزَم، نهجنا نهج حسينٍ، والنصر الآتي أعظم.
من كريات شمونة إلى إيلات سوف تهزم.
نحنُ البأس الأعظم".
ألقى الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله كلمة بمناسبة الذكرى السنوية لاغتيال القادة الشهداء، وهم شيخ شهداء المقاومة الشيخ راغب حرب الذي تمّ اغتياله بتاريخ 17/2/1984، سيد شهداء المقاومة الاسلامية السيد عباس الموسوي الذي تمّ اغتياله بتاريخ 16/2/1992، والقائد الجهادي الكبير الحاج عماد مغنية (الحاج رضوان) الذي اغتيل بتاريخ 12/2/2008. وذلك بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة لليوم الـ 133 ضمن معركة طوفان الأقصى.
بدأت الكلمة بمحاكاة لسيرة القادة الشهداء ومسيرهم الجهادي كما لو أنهم أحياء اليوم وموجودون في الميدان الآن في غرف العمليات مع الإخوة المجاهدين من أجل التخطيط والعمل لمواجهة العدو وصيرورة مقاومته، وقد استندت الكلمة في أساسها من بدايتها حتى نهايتها على تأكيد صيرورة المقاومة والجهاد من مسيرة القادة الشهداء الثلاثة إلى اليوم، وما أنجزته المقاومة من عزة وكرامة وثبات وصمود وتضحية، صنعت شكل المقاومة الحالية في يومنا هذا.
وتوزّعت الكلمة لتغطّي مجازر العدو الصهيوني بدءاً من المجازر على قرى جنوب لبنان، آخرها خلال اليومين الماضيين على مدينتَي النبطية والصوانة واستهداف الغارات الصهيونية للمدنيين في قرى الجنوب، وخيارات المواجهة مع العدو بين استمرار المقاومة أو خيار الاستسلام. تبعها عنوان مفتوح حول البربوغاندا الصهيونية الكاذبة، وأهمية المقاومة الشعبية في مختلف أماكن تحرّكها في كلّ مناطق العالم. وتمّ التشديد أخيراً على دور سلاح الحزب في حماية لبنان ومنع توغّل العدو، وفصل مجريات معركة طوفان الأقصى في قطاع غزة عن أي نقاش سياسي داخل لبنان واعتبارهما شؤوناً منفصلة غير مرتبطة ببعضها البعض.
تصعيد المقاومة واستمرارها: الدم يقابله الدم
إن المواجهة بين العدو الصهيوني والمقاومة في الجنوب اللبناني بدأت منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وهو التاريخ الرسمي الذي بدأ فيه حزب الله اللبناني دعمه ومساندته للمجاهدين في قطاع غزة عقب بدء معركة طوفان الأقصى.
إذ أوضح الأمين العام للحزب في خطاباتٍ سابقة بأن جبهة الجنوب هي جبهة دعم وإسناد، وبهذا جاء التعريف الرسمي لدور الجنوب اللبناني، وحملت الكلمة بوادر بدايات تصعيد في نوعية أعمال المقاومة التي سوف تشهدها الأيام المقبلة ردّاً على قيام العدو الصهيوني باستهداف المدنيين.
وتمثّل ذلك بتصريح للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بــ: "سوف يدفع العدو ثمن سفكِ دمائهم دماءً"، ما يعدّ ردّاً على استهداف المدنيين، لأنه أمر حساس ومفصول عن دور المقاتلين في الميدان، لأنّ معادلة المدنيين أمر أنجزته المقاومة باستهداف المستعمرات الصهيونية في شمال فلسطين المحتلة ووضعت معادلة: حماية المدنيين مقابل المستوطنين في المستوطنات، وذلك في شباط/فبراير من عام 1992. وبناءً على الاستهداف خُطت معادلة الردع التي تمّ تكريسها بتفاهم تموز/يوليو عام 1993 وتفاهم نيسان/أبريل 1996.
وقد أوضح السيد حسن نصر الله بأن معادلة الميدان هي "معركة قتال مفتوحة نُقاتلهم ويقاتلوننا، تقتُلون وتقتَلون؛ ومن الطبيعي أن يرتقي شهداء؛ بالأمس ارتقى شهداء من حزب الله وحركة أمل. "وذلك في التمييز بين المقاتلين والمدنيين، لأنّ المقاتلين وارتقاءهم يعدّ جزءاً من المعركة والقتال، والردّ على ارتقائهم يتمّ وفق التقديرات الميدانية لقادة المقاومة العاملين في الميدان، "هو ينال منا حيث يستطيع ونحن ننال منه حيث نستطيع".
أما المدنيون فمعادلتهم فرضت تاريخياً وهي: معادلة المدني مقابل المستوطن في المستعمرة، والمقاتل مقابل الجندي في "جيش" العدو، وأن أي اعتداء ومحاولات توسّع العدو والمسّ باختلال هذه المعادلة لن يقابل إلا بردّ عسكري في الوقت الذي تحدّده المقاومة وفق خططها.
نصر الله يتحدّث والميدان يستهدف ويصيب جنود العدو:
في العودة إلى خطابات الأمين العام منذ بداية معركة طوفان الأقصى، لقد تكرّر فيها الحديث عن نقطة أساسية حول دور الحزب وهي "العين على الميدان"، تأتي هذه النقطة لتعكس نقطتين مهمّتين وهما: الأولى: الحصاد الفعلي ـــــ التطبيقي على أرض الواقع لنتائج المقاومة ومواجهتها المستمرة. والثانية: التوضيح بأن الميدان يحكي بالتطبيق ما ينجزه ويفعله الحزب وفق تقديراته العسكرية وحساباته وخططه لهذه المعركة المفتوحة بحسب نوع الاستهداف: مناطق مفتوحة ـــــ دبابات صهيونية ـــــ مواقع عسكرية ـــــ أبراج عسكرية وغيرها.
وخلال الكلمة وبعد الإشارة إلى دور الميدان، وكنوع من الانتقال من ميدان الخطاب إلى ميدان الفعل وبالتوازي مع كلا الفعلين؛ تمّ الإعلان عن سقوط صواريخ في أماكن مفتوحة؛ وتزامن ذلك مع إشارة السيد حسن نصر الله لخوف العدو من أن يكون موجوداً في المواقع العسكرية خشية من استهداف المقاومة لأيّ تجمّعات.
ومع استمرار الكلمة، استهدفت المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان الساعة 3:50 موقع رويسات العلم في مزارع شبعا، وخلال الساعة 4:00 استهدفت المقاومة موقع زبدين في مزارع شبعا، وتبعها الساعة 4:10 استهداف آخر لمجموعة من جنود العدو كانت تتمركز في موقع راميا وتمّت إصابتهم إصابات مباشرة، وأخيراً قبل الانتهاء من الكلمة بعشرين دقيقة استهدفت المقاومة الساعة 4:30 مجموعة جنود كانوا منتشرين في محيط ثكنة دوفيف.
الخلاصة: العودة والتشديد على خيار المقاومة واستمرارها
في مشارف انتهاء الكلمة أعيد التأكيد والإصرار على خيار المقاومة "ثقافة مقاومتنا، هي ثقافة حياة، عزة وكرامة وشرف وهناء وليست حياة ذل وهوان واستعباد واستسلام، شهداؤنا وجرحانا في الميدان يصنعون بمشيئة الله هذه الحياة الكريمة".
وذلك عقب توضيح كلّ نقاط المهمة المرتبطة بتطورات مستمرة في الميدان، سواء في جبهة الجنوب اللبناني أو استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة، وأهم ما أكدت الكلمة عليه هو: الإصرار على وطنية الأرض اللبنانية وإغلاق أي أبواب حول محاولات إعادة ترسيم الحدود اللبنانية البرية وفق أي ترتيبات وتغيرات سياسية تتمّ هندستها للمنطقة في المرحلة اللاحقة لحرب الإبادة على قطاع غزة.
إضافة إلى تأكيد الدعم المطلق لكلّ خيارات المقاومة الفلسطينية، سواء العسكرية منها أو الشعبية دعماً وتأييداً وتأكيداً لأهمية المقاومة الشعبية، وهنا يجب التوضيح بأن الإشارة إلى المقاومة الشعبية هي دعوى للالتفاف الشعبي من أجل دعم مسيرة المجاهدين من مختلف فصائل المقاومة في الميدان، وذلك أمام الصمت الدولي والرسمي العربي وعدم التوصّل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ختم الأمين العام خطابه بهذه الكلمات، "هذه هي مقاومتنا، هذه هي ثقافتنا، هذا هو إرثنا، هذا هو ما ورثناه عن علمائنا وقادتنا، وعن شهدائنا القادة في هذا اليوم".