فلسطين والسراب العالمي: الاعتراف كدولة أو الانضمام إلى الأمم المتحدة
عضوية فلسطين في الأمم المتحدة تفرض أنَّ هذه الدولة أصبحت عضواً وتحدد مجالها الجغرافي (الإقليم)، ما يعني أنَّ حدود 1967 أصبحت خارج التداول ما يشمل القدس الشرقية، في وقت تريد "إسرائيل" أن يبقى بند الحدود.
مرور الكرام مر خبر إسقاط مشروع قرار جزائري بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن رغم ما يحدث في الشرق الأوسط وفلسطين خاصة.
استخدمت الولايات المتحدة الأميركية الفيتو ضد مشروع قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الأمن، ونال القرار 12 صوتاً مؤيداً، وامتنعت بريطانيا وسويسرا عن التصويت، إضافةً إلى الفيتو الأميركي. وبناء عليه، لن يذهب القرار للتصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو يحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء الجمعية العامة البالغ عددهم 193، وذلك يعني ضرورة الحصول على موافقة 129 دولة، وهو ليس أيضاً بالأمر السهل في وقتٍ توجد 138 دولة شبه مضمونة للتصويت بالاعتراف.
وفق القانون الدولي العام، فإن لحصول أي كيان معين على تكوين دولة 3 شروط أساسية، يضاف إليها شرط رابع وفق معاهدة مونتيفيديو عام 1933.
الشروط الثلاثة هي: السكان الأصليون والثابتون، وإقليم محدد المساحة، وسلطة فاعلة لها قدرة على الحكم والإدارة، إضافةً إلى البند الرابع، وهو القدرة على إدارة العلاقات الخارجية.
كل هذا مدعوم بالمبادئ المركزية التوجيهية، وهي تؤدي دوراً في مسالة الاعتراف، وهي مبادئ سياسية قيمة، وتشمل حق الشعوب في تقرير مصيرها، وحماية حقوق الأقليات ومبادئ أخرى.
هناك فرق بين الاعتراف بالدولة والعضوية في المنظمة العالمية، فلا يكفل الاعتراف الانضمام كعضو، إلاّ َأنَّ الاعتراف يمهد له، فقد تصبح فلسطين دولة مراقباً بدل عضو مراقب كحال منظمة التحرير الفلسطينية.
أمَّا مسألة الانضمام إلى منظمة الأمم المتحدة، فهي لا تشكل شرطاً لوجود دولة، والعكس صحيح، والمثال على ذلك تايوان، فهي ليست عضواً في الأمم المتحدة، وكذلك دولة الفاتيكان. أمَّا سويسرا، فلم تنضم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة إلا عام 2002 على الرغم من الاعتراف بها كدولة عادية قبل ذلك بسنين عديدة.
إن وثيقة الأمم المتحدة تقبل دولة ما عضواً في المنظمة بحسب قرار الجمعية العامة الذي يتم التوصل إليه بأغلبية الثلثين بعد توصية من مجلس الأمن، والاعتراف بفلسطين كدولة سيمكنها من الانضمام إلى العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية، بما في ذلك وثيقة حقوق الإنسان، واتفاقيات التجارة، والانضمام إلى المنظمات الدولية، ولكن لا تتطلب معاهدات حقوق الإنسان الدولية المركزية العضوية في الأمم المتحدة كشرط للانضمام إليها، بل كدولة فقط مثل: لا تتطلب المعاهدة الدولية حول الحقوق المدنية والسياسية الانضمام إلى الأمم المتحدة كشرط للانضمام إلى المعاهدة، وكذلك معاهدة اقتلاع جميع أشكال التمييز العنصري.
أمَّا الانضمام إلى محكمة العدل الدولية، فإنَّه سيفتح أمام فلسطين كدولة هذا المسار إذا ما تم الاعتراف بها، فلا تشكل العضوية في منظمة الأمم المتحدة شرطاً للعضوية في محكمة العدل الدولية، لذا يمكن لفلسطين كدولة الانضمام إلى المحكمة دون أن تكون عضواً في الأمم المتحدة، فهذه المحكمة تتعامل مع الدول، وليس مع الأفراد.
وهنا يكمن القلق الإسرائيلي من مسألة المستوطنات، فهناك بند في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية يحدد أن نقل سكان القوة المحتلة إلى مناطق تخضع للاحتلال يشكل جريمة حرب، سواء كان ذلك بالمباشرة أو بالضغط عبر الحصار والتجويع والتنكيل. هذا يعني أن الأمر سيتحول إلى قضية دولية يتناولها القضاء الدولي الجنائي، وسيفتح الباب لمقاضاة المسؤولين الإسرائيليين الذين قاموا بتوسيع المستوطنات وتهجير أهل القرى الفلسطينية.
في غياب توصية من مجلس الأمن، لا تملك الجمعية العامة صلاحية قبول فلسطين عضواً في الأمم المتحدة، وذلك في ضوء استخدام الولايات المتحدة الأميركية حق النقض، فإن الأمر لا يزال بعيداً كلَّ البعد، وخصوصاً وفق الشروط الإسرائيلية الصعبة، أغلبها اعتبار فلسطين دولة منزوعة السلاح، ولـ"إسرائيل" حق الوجود العسكري على نهر الأردن، وتعمل على بقاء بعض المستوطنات وعلى ضم بعضها إليها، والأهم أنَّها دولة بدون القدس الشرقية.
إنَّ عضوية فلسطين في الأمم المتحدة تفرض أنَّ هذه الدولة أصبحت عضواً وتحدد مجالها الجغرافي (الإقليم)، ما يعني أنَّ حدود 1967 أصبحت خارج التداول ما يشمل القدس الشرقية، في وقت تريد "إسرائيل" أن يبقى بند الحدود، ولا سيما القدس الشرقية، للتفاوض بمعاونة أميركية واوروبية.
كانت الأمم المتحدة قد اعترفت بالسابق بدولتين عام 1947، إحداهما يهودية والأخرى عربية، ولكن الدولة العربية تلاشت بين أجزاء أردنية ومصرية، ويخشى الآن من الفكرة الأردنية القاضية بتبادل الأراضي.
من حق الفلسطينيين تقرير مصيرهم من مبدأ ديباجة ميثاق الأمم المتحدة بحق الشعوب بتقرير مصيرها. وقد انبرى عرفات بالسابق بالتهديد بإعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد، رغم التعاهد بين الطرفين في اتفاقية أوسلو بأن يكون إعلان الدولة من الجانبين، وما يدعم قرارها اليوم هو بيانات صندوق النقد الدولي بجاهزية فلسطين كدولة.