حين تصل المأساة إلى منتهاها.. لن يقبل الفلسطينيون بغير التحرير ثمناً لأرواح الشهداء
لعلَّ معركة سيف القدس كانت تحذيراً جدياً باشتداد عود المقاومة وقرب زوال "إسرائيل"، لتقدم معركة طوفان الأقصى اليوم البرهان على التفوق العسكري والاستخباري لرجال المقاومة البواسل.
حين يلوّح دعاة الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم بقطع المساعدات عن "الأونروا"، في انحياز أعمى لادعاءات الصهاينة من دون أي اكتراث بتداعيات ذلك على قطاع منكوب دمرت بنيته التحتية بالكامل تقريباً، وتعطلت فيه كل المرافق الحياتية، ويتهدّد أهله الوباء والجوع، فنحن إزاء سقوط مفضوح يعري زيف الخطاب وقذارة السياسات والتحالفات في ضرب لكل القيم الإنسانية والمواثيق الدولية، لنكون بالتالي أمام قرار أشبه بحكم الإعدام على أهالي غزة، لعله يحقق ما فشل في تحقيقه "الجيش الذي لا يهزم"، الذي تكبد أكبر خسائر في تاريخه في وحل غزة من دون أن يحقق أياً من أهدافه المعلنة منذ السابع من أكتوبر.
من يواجه الموت كل لحظة قد لا يهتم بتفاصيل الارتقاء؛ أن يستشهد برصاصة أو صاروخ غادر أو قصف عشوائي؛ فتلك تفاصيل ليس له فيها اختيار أو مجال للتفضيل، تماماً أيضاً إذا استشهد جوعاً أو عطشاً أو من جرّاء فقدان وسائل الرعاية الطبية.
حين تصل المأساة إلى منتهاها، لن تترك أمامك إلا خيار المواجهة إلى آخر رمق في الحياة، فلا مفاوضات مسمومة تعرض صفقات ملغومة، ولا لقمة عيش مغمسة في تراب الذل والتنازل. وحده التصميم ورفض المساومة يبقى خيار محور المقاومة في قلب الموازين ورفع راية معركة النضال حتى التحرير ودحر الاحتلال.
ما أنجز عسكرياً منذ السابع من أكتوبر إلى اليوم أربك "إسرائيل" وحلفاءها، وهو ينذر باتساع رقعة المواجهات أكثر، وما خلفه من تداعيات اقتصادية يكلف المحتل وحلفاءه خسائر فلكية، بعدما نجح أنصار الله في اليمن في شل حركة الملاحة في البحر الأحمر. أما في الواجهة الدبلوماسية، فقد فرضت جنوب أفريقيا من خلال محاكمة "إسرائيل" أمام محكمة الجنايات الدولية واقعاً ضاغطاً على حكومة الاحتلال يحول دون تماديها في جرائم الإبادة بلا حسيب ولا رقيب.
هذا الخناق بدأ يشتد على الجلادين في كل المواجهات، في عالم لا يحترم إلا من كانت يده دائماً على الزناد للرد على المظالم بالقوة، ورفض الانصياع أمام كل محاولات تحييده عن الهدف الأسمى الذي شيعت فلسطين من أجله، ولا تزال، آلاف الشهداء: التحرير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
الأرض التي سُلبت بالقوة لن تسترد إلا بالقوة، والعدو الذي استقدم المستوطنين من الشتات لن يحزم حقائبه ويعجل بالرحيل إلا إذا تحولت الأرض فوق رأسه وتحت أقدامه إلى كتلة نار مشتعلة.
لعلَّ معركة سيف القدس كانت تحذيراً جدياً باشتداد عود المقاومة وقرب زوال "إسرائيل"، لتقدم معركة طوفان الأقصى اليوم البرهان على التفوق العسكري والاستخباري لرجال المقاومة البواسل وبشائر الأمل بأن محور المقاومة قادر بإمكانياته الذاتية، ومن دون مساعدة من دول دول التطبيع والتخاذل، على إنهاء المظلمة وتصحيح مسار التاريخ.