الموالون لتركيا في الشمال السوري ينتفضون بوجه إردوغان

مئات السوريين يخرجون في الأيام الأخيرة إلى شوارع مدينة عفرين، الواقعة في محافظة حلب والتي ترزح تحت الاحتلال العسكري التركي منذ عام 2018، احتجاجاً على الانقطاع الروتيني للكهرباء والارتفاع الحاد في أسعار الخدمات الكهربائية التي توفرها تركيا.

  • الموالون لتركيا في الشمال السوري ينتفضون بوجه إردوغان
    مئات السوريين في عفرين وشمال سوريا ينتفضون بوجه إردوغان بسبب نقص الخدمات

خرج مئات السوريين إلى شوارع مدينة عفرين في 3 حزيران/يونيو، احتجاجاً على الانقطاع الروتيني للكهرباء والارتفاع الحاد في أسعار الخدمات الكهربائية التي توفرها تركيا، إذ تتوفر الكهرباء لمدة 10 ساعات فقط في اليوم، في حين بلغت درجة حرارة الصيف 30 درجة مئوية (86 درجة فهرنهايت) خلال الأيام الأخيرة.

ولا تزال عفرين، الواقعة في محافظة حلب، ترزح تحت الاحتلال العسكري التركي منذ عام 2018، بعد أن أعطى الرئيس ترامب الضوء الأخضر للرئيس التركي إردوغان لاجتياح سوريا. واقتحم المحتجون المبنى الرئيسي لشركة الكهرباء المحلية، "التركية-السورية للطاقة"، وأضرموا النار فيها قبل أن يقوم الجنود المرتزقة الموالون لتركيا بإطلاق النار عليهم، كما أضرم المحتجون النار في مبنى المجلس المحلي التابع لعفرين.

وتضم المناطق التي يحتلها الجيش التركي مرتزقة سوريين تستخدمهم الحكومة التركية، والمرتزقة هم من "الجيش السوري الحر" المنحل الآن، الذي نظمه الرئيس أوباما بدعم من السيناتور الأميركي جون ماكين، وهم يتبعون أيديولوجيا سياسية تُدعى "الإسلام المتطرف" (الراديكالي)، وهي الأيديولوجيا نفسها التي تنتمي إليها "القاعدة" و"داعش" والإخوان المسلمون. ويُعدّ إردوغان وحزبه الحاكم، حزب العدالة والتنمية، من أتباع الإخوان المسلمين.

وتفيد التقارير المحلية بمقتل واحدٍ من المحتجين وإصابة 2 آخرين على أقلّ تقدير. ومع تزايد رقعة الاحتجاجات، شوهد المتظاهرون وهم يهتفون: "اخرجوا من سوريا أيها الأتراك" و"سوريا حرة".

وأفادت الأنباء باحتجاجات مماثلة في مدن جنديرس وصوران مارع والباب الواقعة في محافظة حلب أيضاً؛ ففي مارع، أضرم المتظاهرون النار في مقر للمجلس المحلي المدعوم من تركيا. وبعد فترة وجيزة من انتشار هذه الاحتجاجات في حلب، قصفت القوات التركية خط كهرباء عالي الجهد يمدّ تل تمر وقرى أخرى في ريف محافظة الحسكة بالكهرباء، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي في المنطقة.

واحتلت تركيا ومرتزقتها عفرين خلال الهجوم العسكري على المسلحين الكرد في 2018، ما أدى إلى تهجير مئات الآلاف من الناس. ومنذ الاجتياح، عانى السكان انتهاكات حقوق الإنسان ونقص الخدمات الأساسية والانعدام الدائم للأمان.

ووردت أنباء عن احتجاجات مماثلة يوم الجمعة في مدن سورية أخرى تقع تحت الاحتلال التركي، مثل أعزاز. ويتنامى السخط على الاحتلال التركي، إذ وجهت أصابع الاتهام إلى المرتزقة المتحالفين مع القوات التركية حول اختلاس الملايين من المساعدات الإنسانية واستغلال أزمتي الوقود والقمح العالميتين لرفع أسعار الحاجات الأساسية اليومية.

الهجوم التركي المقترح

وجاءت التظاهرات تزامناً مع تجديد إردوغان تهديداته بالقيام بتنفيذ هجوم عسكري جديد على المسلحين الكرد في سوريا. وقد أعلن في الآونة الأخيرة أنَّ قواته ستواصل الغزو العسكري المخطط لسوريا، بدءاً من مدينتي تل رفعت ومنبج.

وستستأنف العملية جهود إنشاء "منطقة آمنة" بطول 30 كيلومتراً على طول الحدود الجنوبية لتركيا للحدّ من تهديدات حزب العمال الكردستاني (PKK) ووحدات حماية الشعب الكردي (YPG)، التي تعد العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً (قسد)، والتي تصنفها أنقرة منظمات إرهابية.

وتقول تركيا إنَّ قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة تشكل خطراً على حدودها. ورداً على ذلك، احتلت القوات التركية مساحات شاسعة من شمال سوريا.

وفي شمال سوريا، تحركت الولايات المتحدة وروسيا بهدف كبح جماح تركيا عن القيام بهجوم جديد على قوات سوريا الديمقراطية. وبينما كانت القوات الأميركية تتقدم على الأرض، هبت الطائرات الحربية الروسية إلى الجو.

وقد وثّق سكان مدينة منبج، في الريف الشرقي لحلب، تبعات الهجوم، محذرين من أن العملية التركية ستؤدي إلى تهجير السكان المحليين وكل المكونات الدينية والطائفية والعرقية للمدينة.

وأبلغت تركيا الولايات المتحدة بالتزامها اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد "التنظيمات الإرهابية" التي تهدد أمنها القومي، وأنها لن تتسامح مع تصعيد الهجمات على الأراضي التركية من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال سوريا.

وذكرت أنقرة أنَّ خطر الهجمات الإرهابية على تركيا من المناطق التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية في سوريا ازداد مؤخراً، وأكدت أن المنظمات الإرهابية التابعة لحزب العمال الكردستاني تشكل تهديداً وجودياً، ليس لوحدة أراضي سوريا فحسب، ولكن للأمن القومي التركي أيضاً.

تعتبر أنقرة أنَّ قوات سوريا الديمقراطية وعمودها الفقري العسكري وحدات حماية الشعب الكردية، منظمات إرهابية وامتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية. 

موقف الولايات المتحدة 

زارت السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، ليندا توماس غرين فيلد، في 2 حزيران/يونيو 2022 الحدود بين تركيا وسوريا بالقرب من هاتاي في تركيا، لتقييم عملية طويلة الأمد تقوم بها الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا.

ورصدت الصحافية الأميركية، سيرينا شيم، شاحنات الأمم المتحدة أثناء نقلها المساعدات والطعام من تركيا إلى داخل سوريا، وشاهدت كيف كانت هذه الشاحنات تحمل إرهابيين مسلحين وأسلحة ليتم إيصالهم إلى شمال سوريا. ولم تلبث طويلاً بعد نقل الخبر حتى لاقت حتفها في ظروف غامضة بحادث سير، بعد أن صدمت شاحنة إسمنت سيارتها الصغيرة في تركيا. ولم يتم التحقيق في الحادث أو مع السائق، رغم أنه لاذ بالفرار من مكان الحادث. 

وفي عام 2017، أوقف الرئيس ترامب عمليات وكالة المخابرات المركزية التي موّلت الإرهابيين الراديكاليين في تركيا ودربتهم وساندتهم ليحاربوا في سوريا من أجل تغيير النظام. 

وتحتلّ الولايات المتحدة مناطق في سوريا، إذ أوكل ترامب للجيش الأميركي مهمة سرقة النفط الذي يتم استخراجه من أكبر حقول النفط في سوريا، والسماح لـ"قسد" المدعومة أميركياً ببيعه لتمويل عملياتها.

الموقف الروسي

استقدمت الحكومة السورية الجيش الروسي إلى الأراضي السورية في عام 2015. وحاربت روسيا "داعش" و"القاعدة" وجميع الجماعات الإرهابية المرتبطة بهما ممن يتبعون "الإسلام الراديكالي"؛ فجماعة الإخوان المسلمين محظورة في روسيا وسوريا ومصر والإمارات.

وقد حاول السيناتور الأميركي، تيد كروز، تمرير تشريع في الكونغرس الأميركي لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة جماعة إرهابية، ولكنه واجه معارضة شديدة من كلٍّ من الديمقراطيين والجمهوريين المتأثرين بالجماعة.

وفي الآونة الأخيرة، عزّز الجيش الروسي قواته البرية والجوية في مطار القامشلي في محافظة الحسكة.

الجيش التركي والمرتزقة الإسلاميون الراديكاليون  

أبرمت تركيا اتفاقيتين منفصلتين مع كل من الولايات المتحدة وروسيا خلال عملية "نبع السلام" التي أطلقتها في شمال سوريا في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019. ووفقاً للاتفاقيات، تعهّدت روسيا والولايات المتحدة سحب وحدات حماية الشعب الكردية إلى عمق 30 كيلومتراً جنوب الحدود التركية، لكنَّ أنقرة تقول إنهما لم يفيا بوعودهما.

وتقول واشنطن إنَّ تركيا لم تلتزم الاتفاق المبرم بينهما. ووقعت روسيا اتفاقية مع تركيا لتأمين الطريق الدولي من اللاذقية إلى حلب (M4) عبر استئصال جميع مجموعات القاعدة من إدلب. 

ومع ذلك، قامت تركيا بحماية الجماعات الإرهابية في إدلب وتعزيزها، وهي آخر منطقة يحتلها الإرهابيون في سوريا، وأنشأت شبكة من النقاط العسكرية التي تحمي الجماعات الموالية لتنظيم "القاعدة" الذي يحتل إدلب. ولا يزال الطريق السريع مغلقاً أمام الشاحنات والركاب، خوفاً من التعرض لهجوم.

"قسد" ووحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني

خلال الفوضى الناجمة عن هجوم الناتو والولايات المتحدة على سوريا الذي بدأ في عام 2011، شكل بعض الكرد في سوريا وحدات عسكرية حظيت بالدعم من الحكومة الأميركية مع دفع أجندة انفصالية في المنطقة. كانت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ووحدات حماية الشعب الكردية شركاء مع القوات الأميركية التي اجتاحت سوريا لمحاربة "داعش". أدى هذا الدعم الأميركي للجماعة الإرهابية التي قتلت 40 ألف شخص في تركيا على مدى عقود إلى إحداث شرخ كبير بين أنقرة وواشنطن.

"المنطقة الآمنة" التي اقترحتها تركيا

بموجب خطة إردوغان، سيخلص شمال سوريا من الجماعة الإرهابية التي تخطّط لإقامة "وطن" خاص بها هناك، وسيحول المنطقة إلى "منطقة آمنة" لتوطين اللاجئين السوريين الذين يعيشون الآن في تركيا. وقد قرر الشعب التركي أنَّ على اللاجئين العودة إلى بلادهم، وهو يلقي اللوم عليهم في كل مشاكله الاقتصادية.

"ثوري" مؤيد لتركيا

لقد كان زهران علوش وأخوه محمد علوش، الذي يعيش الآن في تركيا ويملك سلسلة مطاعم فيها، قائداً لجماعة الجيش الإسلامي من الإسلاميين الراديكاليين الإرهابيين في الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق، والتي دعمتها المملكة العربية السعودية. 

وفي عام 2016، شغل منصباً رسمياً في التآلف الوطني السوري الذي تعترف به الحكومة الأميركية بأنه الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، وكان يشغل منصب رئيس المفاوضين الذي يمثل موقف الولايات المتحدة في إيجاد حل سياسي للصراع السوري في محادثات جنيف. وفي عام 2017، تم اختياره رئيساً لوفد "الحركات الثورية" في محادثات عملية أستانا للسلام من أجل السلام في سوريا.

وبعد استقالته، اتُهم بسرقة 47 مليون دولار اختلسها من الأموال المقدمة للإرهابيين في سوريا في حرب تغيير النظام الذي ترعاه الولايات المتحدة. واشترى مؤخراً شركة لاستخراج الكروم في تركيا، هي شركة "الغرباء".