المُقترح الأميركي لوقف الحرب.. الأسباب والدوافع
تقف أميركا اليوم أمام جملة من التحديّات والملفات الإقليمية والدَّولية، وفي مقدمتها ملف الحرب الروسية-الأوكرانية وبحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ و"بريكس" وغيرها.
لماذا يحتاج رئيس الولايات المتحدة الأميركية، جو بايدن، أن يُعلن بنفسه عن مقترح لوقف الحرب على قطاع غزة يتضمن تبادلاً للأسرى بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، والانسحاب من القطاع، وعودة النازحين وإعادة الإعمار؟
مأزق الملاحة البحرية وتآكل صورة الردع
يمثل المقترح حاجة للولايات المتحدة الأميركية التي أصبحت مصالحها في المنطقة مُتضرِّرة بشكل مُطرد مع استمرار حرب الإبادة في القطاع من دون أفق أو إنجاز يُذكر للعدو، لا سيّما بعد التصعيد النوعي على الجبهة اليمنية، كمَّاً ونوعاً، ضمن المرحلة الرابعة منه، والتي بتنا نرى خلالها استهدافاً للسفن والقطع البحرية الأميركية في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، وفي مقدّمتها حاملة الطائرات الأميركية "أيزنهاور" التي مثّل استهدافها بشكل مُتكرِّر حدثاً مِفصلياً على مستوى كسر قواعد الاشتباك وميزان الردع لأول مرّة منذ عقود من الزمن، يُذكر أن نائب قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، وقائد الأسطول الأميركي الخامس، براد كوبر، كان قد أقرّ في شهر شباط/فبراير المنصرم، أن المواجهة مع قوات صنعاء هي أكبر معركة بحرية تخوضها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية.
فقدان الثقة وعُزلة أميركا
من جانب آخر، أثبتت الوقائع أن إعطاء المزيد من الفرص والمهل الزمنية للكيان لم يأت سوى بالمزيد من ارتكاب المجازر والجرائم من جانب العدو ولا شيء غيرهما، والتي تعود على أميركا بمزيد من العزلة والتنديد نتيجة دعمها اللامحدود للكيان، عسكرياً ولوجستياً وأمنياً وغير ذلك، وحمايته أمام المؤسسات الأممية والدولية لتعويض فشله العسكري بإزهاق أرواح الأبرياء والمدنيين النازحين إلى المخيمات ومراكز الإيواء.
وهذا ما يزيد ويُسرّع السقوط المُدوّي لمِصداقية الإدارة الأميركية أمام العالم فيما يخصّ ادعاءاتها المتكررة بالرغبة في وقف الحرب، ما انعكس مزيداً من الغضب والاستنكار في الداخل الأميركي والعالم، وما الاعتصامات الطالبية في الجامعات الأميركية، وخروج المنظمات الحقوقية والمدنية والأحزاب وغيرها إلى الشوارع الأميركية والعواصم العالمية إلا ترجمة لذلك وفقدان الثقة بالمسؤولين الأميركيين وتصريحاتهم التي لا تتطابق وأفعالهم.
تحديات السياسة الخارجية على أبواب الانتخابات الرئاسية
إضافة إلى ذلك، تقف أميركا اليوم أمام جملة من التحديّات والملفات الإقليمية والدَّولية، وفي مقدمتها ملف الحرب الروسية-الأوكرانية وبحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ و"بريكس" وغيرها.
تواجه أميركا هذه التحديّات على بُعد أشهر قليلة من استحقاق الانتخابات الرئاسية، وبالتالي تجد الإدارة الأميركية الحالية أن نجاحها في إنجاز صفقة تبادل معطوفة على إنجاز مشروع التطبيع بين الكيان والسعودية يُمكن أن يُقدّم كنجاح استثنائي للسياسة الخارجية وورقة انتخابية رابحة تستخدمها الإدارة الحالية والحزب الحاكم في الانتخابات القادمة للحصول على أصوات اللوبي الصهيوني في الداخل الأميركي.
لا إجبار ولا إكراه، وهل توجد خطة "ب"؟
في المقابل، ثمة اعتقاد أقرب إلى الواقع، أن رئيس حكومة الكيان -المنفصل عن الواقع-هو اليوم أكثر تشدُّداً من أي وقت مضى لناحية رفض أي صفقة لا تُفضي الى إعلان هزيمة حماس –حسب زعمه-وهذا ما لا يُمكن أن تقبل به المقاومة الفلسطينية وحلفاؤها، وعليه ستبقى المبادرة الأميركية رهن الأخذ والرد والتسويف والتعطيل المُقنّع وتفريغها من محتواها من الجانب الإسرائيلي حتى يتم نسفها. فهل تملك الإدارة الأميركية الخطة "ب" لإنزال العاق (نتنياهو) عن الشجرة من دون أن تُجبره على ذلك؟