الاستيطان الإسرائيلي يعيد رسم خريطة الضفة الغربية

التقديرات الرسمية الفلسطينية والدولية تشير إلى أن عدد المستوطنات في الضفة الغربية بلغ مع بداية العام 2023 نحو 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية، تحظى بدعم حكومي كامل.

  • خلال النصف الأول من 2023، وافقت
    خلال النصف الأول من 2023، وافقت "إسرائيل" على بناء 12855 وحدة استيطانية في الضفة.

في الوقت الذي تشنّ فيه حكومة الاحتلال حرب إبادة على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر، وتعلو الأصوات الحكومية والرسمية بضرورة تهجير سكان القطاع إلى خارجه، وإعادة المستوطنات الإسرائيلية من جديد داخل قطاع غزة، تجري في الضفة الغربية والقدس حرب استيطان متسارعة بعيداً عن أعين الإعلام، إذ نفّذ المستوطنون منذ 7 أكتوبر حتى نهاية العام الماضي نحو 750 اعتداء ضد الفلسطينيين في مختلف مناطق الضفة المحتلة.

وتشير التقديرات الرسمية الفلسطينية والدولية إلى أن عدد المستوطنات في الضفة الغربية بلغ مع بداية العام 2023 نحو 176 مستوطنة و186 بؤرة استيطانية، تحظى بدعم حكومي كامل.

ففي الوقت الذي ينصبّ فيه التركيز العالمي على ما يحدث في قطاع غزة، يستغل المستوطنون هذا الانشغال، لإعادة رسم الخريطة في الضفة الغربية، حيث يكثّفون هجماتهم العنيفة، في محاولة لتهجير التجمّعات الفلسطينية صغيرة العدد، بحماية ودعم الجنود، حيث قتل 23 مواطناً فلسطينياً برصاص المستوطنين منذ السابع من أكتوبر فقط.

وفي هذا الصدد، يقول رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، مؤيد شعبان: "تهدف فكرة الاستيطان إلى إعدام إمكانية قيام دولة فلسطينية من خلال تفتيت الجغرافيا الفلسطينية، وعزل الوجود الفلسطيني وحصره وخنقه وطرد سكانه، ونحن نتحدث عن سلوكيات ترتقي لمستويات جرائم الحرب".

ويضيف شعبان: "خلال العام 2023، بنت حكومة الاحتلال 18625 وحدة استعمارية جديدة، وجرت دراسة 173 مخططاً هيكلياً، تمّ إيداع 10486، والمصادقة على 8137 وحدة استعمارية، ويوجد على أراضي الضفة الغربية 194 بؤرة استيطانية، 6 تمّت شرعنتها خلال العام 2023، وتم تعديل حدود مستوطنتين، وإقرار 4 مخططات استيطانية، وإنشاء 18 بؤرة استعمارية جديدة".

وفي شهر شباط/فبراير الماضي، كشف تقرير صادر عن مجموعة "ويستبانك جويش بوبليويشن ستاتس" أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية زاد بأكثر من 3% في عام 2023، حيث قفز عدد المستوطنين إلى 517407 حتى 31 كانون الأول/ديسمبر 2023، من 502991 في العام السابق، من دون احتساب سكان مستوطنات القدس الشرقية وسكان المستوطنات غير القانونية وفقاً للقانون الإسرائيلي.

ويقول رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، مؤيد شعبان: "شهد العام 2024 أكبر عملية استيلاء تحت مسمّى أراضي الدولة منذ ثلاثة عقود، حيث بلغت المساحات التي استولى عليها الاحتلال تحت هذا المسمى ما مجموعه 10640 دونماً في إعلانين منفصلين، باستهداف أراضٍ في بلدتي العيزرية وأبو ديس واستولى من خلالها على 2640 دونماً، والثاني في أراضي الأغوار وتبلغ مساحتها 8000 دونم لصالح إجراء توسعة لمستعمرة في قرية فصائل في محافظة أريحا".

ويشير شعبان إلى أن "المستعمرين نفّذوا خلال شهر شباط/فبراير الماضي 129 اعتداء". ويتابع: "تستغل دولة الاحتلال انشغال العالم بحرب الإبادة التي تخوضها ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، بتنفيذ مخططات لا تقل خطورة ودموية في الضفة الغربية، من خلال تهجير السكان وإعدام المدنيين في وضح النهار والتدمير الممنهج للبنية التحتية، ناهيك عن فرض منظومة الأبارتهايد والإغلاق المكثّف في واحدة من أشكال العقوبات الجماعية التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب".

ومنذ معركة طوفان الأقصى، اتخذ وزراء في الحكومة الإسرائيلية عدداً من القرارات، دفعت المستوطنين لزيادة اعتداءاتهم ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، أبرزها خطة توزيع السلاح التي يمضي بها وزير الأمن القومي المستوطن المتطرف إيتمار بن غفير، وخطة المناطق العازلة في محيط المستوطنات التي يسعى خلفها وزير المالية المستوطن المتطرف بتسلئيل سموتريتش.

ويؤكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، د. مصطفى البرغوثي أنّ "الضفة الغربية هي الميدان الرئيسي للمواجهة مع "إسرائيل"، لأنها تسعى عبر الاستيطان إلى إلغاء الوجود الفلسطيني، وتعتمد الحكومة الإسرائيلية على المستوطنين الذين يشكّلون قوة خطيرة جداً تنفّذ الجرائم نفسها التي وقعت في العام 1948، عبر استخدام الإرهاب والهجوم المسلح بعد توفير بن غفير السلاح المجاني لهم، وتوفير الحكومة الغطاء القانوني لجرائمهم، وجزء كبير منهم جنود في جيش الاحتلال".

ويشدّد البرغوثي على أن الهجمات التي يشنّها المستوطنون هدفها هو التطهير العرقي للفلسطينيين، ونجحوا في تهجير 35 تجمّعاً فلسطينياً بفعل إرهاب منظّم، رغم تصدّي المواطنين الفلسطينيين البطولي.

ويكشف البرغوثي النقاب عن وجود 750 ألف مستوطن في الضفة الغربية والقدس، بينهم أكثر من 400 ألف يحملون السلاح، ويسعى بن غفير إلى تسليح المزيد منهم، ويهدف من ذلك إلى التطهير العرقي وطرد السكان وتهجيرهم من الضفة الغربية، وهم يمتلكون رخصاً لقتل الفلسطينيين وإرهابهم.

وبحسب منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فخلال الأشهر الثمانية الأولى من 2023، وصلت حوادث عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، بمعدل ثلاث حوادث يومياً مقارنة باثنتين يومياً عام 2022 وواحدة في 2021. وارتفع هذا المعدل إلى أكثر من خمس حوادث يومياً بعد 7 أكتوبر.

ومنذ تولّي الحكومة اليمينية الإسرائيلية الجديدة السلطة قبل نحو عام من الآن حتى أيلول/سبتمبر الماضي، وافقت على شرعنة 15 بؤرة استيطانية، وحوّلتها إلى مستوطنات رسمية.

وتقول منظمة "السلام الآن" إنه خلال النصف الأول من 2023، وافقت الحكومة الإسرائيلية على بناء 12855 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، وهو أعلى رقم سجّلته المنظمة منذ أن بدأت في تتبّع مثل هذا النشاط في عام 2012.

تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني كشف فيه أن حكومة الاحتلال استولت بقرارات حكومية رسمية وعسكرية على 50526 دونماً خلال العام 2023 فقط، مقارنةً بنحو 26 ألف دونم خلال عام 2022.