الآزوف: نازيون بغطاء أميركي
بعد انضمام آزوف إلى الحرس الوطني الأوكراني، حملت المجموعة سمعة سيئة بعد توجيه عدة اتهامات بالتعذيب وجرائم الحرب ضدها.
نهاية عام 2013، وبداية عام 2014، حصل خلاف سياسي حاد في أوكرانيا بشأن خيارات سياساتها الخارجية، وإلى أي اتجاه تميل بين الاتجاه الأوروبي أو الاتجاه الروسي. في ذلك الوقت، تظاهر مؤيّدو الخيار الأوروبي في ميدان كييف، وفي المقابل، قرّر سكان مدن دنيبرو وخاركوف وأوديسا وبعض المدن الشرقية والجنوبية، التوجه إلى كييف، في الحافلات؛ لمساندة الرئيس الأسبق ذي الميول الروسية ڤيكتور يانوكوڤيتش، وتأكيد خيارهم الروسي في علاقات أوكرانيا الخارجية.
لم تتمكن هذه الحافلات من الوصول إلى كييف بعدما قطعت الجماعات القومية المتطرفة الطرق المؤدية إلى العاصمة، ولو وصلت لربما تغير المشهد تماماً في أوكرانيا. وظهر أن المؤيدين للخيار الأوروبي ليسوا هم الأغلبية. هذه المجموعات التي قمعت الرأي الآخر في أوكرانيا منذ العام 2014 ، والتي استخدمها الغرب لتثبيت نجاح تغيير السلطة في كييف كانت نواة ما سمّي لاحقاً ب "كتيبة آزوف".
عند الحديث عن إنشاء كتيبة آزوف، 6 أفراد أساسيين لا بد من الحديث عنهم:
آندري بيليتسكي: أسّس بيليتسكي الآزوف في آذار/مارس 2014. تم تشكيل المجموعة كميليشيا متطوعة في عام 2014 لمحاربة القوات الانفصالية الروسية في حرب دونباس. ترأّس بيليتسكي الحزب الوطني الأوكراني (Patriot Ukraine 2005-2008) والجمعية الاجتماعية الوطنية (Social-National Assembly) 2008-2014، وهما حزبان يمينيان متطرّفان في أوكرانيا.
في عام 2011، أي بعد عودة الخيار الروسي إلى السلطة في أوكرانيا عبر فوز فيكور يانكوفيتش في الانتخابات في العام 2010، اعتقل بيليتسكي في حملة اعتقال لأعضاء الحزب الوطني الأوكراني بتهمة محاولة قتل القوميات الروسية في أوكرانيا. وفي شباط/فبراير 2014، أطلق سراحه بعد صدور قانون يُبرئ جميع السجناء السياسيين. وفي تشرين الأول/اكتوبر 2014، ترك الآزوف ليصبح عضواً في البرلمان الأوكراني حتى عام 2019. بحسب المعلومات، فإن بيليتسكي موجود اليوم في مدينة كييف.
أرسين أفاكوف: شغل أفاكوف منصب وزير الداخلية في أوكرانيا منذ العام 2014 وحتى 2021، وهو على علاقة قوية بآندري بيليتسكي، وكان راعياً وحامياً حكومياً لمجموعة آزوف. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2014، بينما كان أفاكوف وزيراً للداخلية، تم دمج مجموعة آزوف في الحرس الوطني الأوكراني التابع للدولة. يجب عدم الخلط بين الحرس الوطني الأوكراني والقوات المسلحة لأوكرانيا، فالحرس الوطني هو قوة الدرك الوطنية الأوكرانية، وهي قوة عسكرية موكلة بإنفاذ القانون بين السكان المدنيين.
بعد انضمام آزوف إلى الحرس الوطني الأوكراني، حملت المجموعة سمعة سيئة بعد توجيه عدة اتهامات بالتعذيب وجرائم الحرب ضدها. قبل ذلك، كان أفاكوف حاكماً لمدينة خاركوف 2005-2010، حيث سمح للحزب الوطني الأوكراني برئاسة بيليتسكي أن ينسّق عن كثب مع الشرطة والسلطات المحلية، لا سيما في مراقبة المهاجرين ومداهمة المحلات التي لم يكن أصحابها موالين للسلطة المعادية لروسيا، والتي أتت نتيجة التظاهرات في عام 2004.
إيهور موسيشوك: كان عضواً مؤسّساً ونائباً لزعيم الآزوف. تم اعتقاله في آب/أغسطس 2011 في "قضية إرهابيي فاسيلكيف" بتهمة محاولة تفجير تمثال لفلاديمير لينين في مدينة بوريسبيل في أوكرانيا. وفي كانون الثاني/يناير 2014 ، حكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات. وفي شباط/فبراير 2014 ،تم إطلاق سراحه بعد صدور قانون في أوكرانيا يبرئ جميع السجناء السياسيين. وفي خريف عام 2014، ترك كتيبة آزوف للترشّح للبرلمان مع الحزب القومي الراديكالي وظلّ نائباً حتى العام 2019 حيث خسر حزبه جميع مقاعده.
إيهور ميخايلينكو: كان عضواً في الحزب الوطني الأوكراني قبل عام 2014. انضم إلى الآزوف منذ تأسيسها وتولّى منصب القائد الرئيسي بعد وصول بيليتسكي إلى البرلمان، وأصبح رئيساً للميليشيا الوطنية في 2018. والميليشيا الوطنية مجموعة شبه عسكرية يمينية متطرّفة تأسست في العام 2017، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحركة آزوف. هدفها المعلن هو مساعدة مجموعات إنفاذ القانون التابعة للحكومة، وهذا مسموح به بموجب القانون في أوكرانيا.
أولينا سيمينياكا: من المؤسّسين، وتشغل حالياً منصب رئيسة الجناح السياسي للفيلق الوطني، ورئيسة التواصل الدولي لمجموعة آزوف. والفيلق الوطني هو حزب سياسي يميني متطرّف انبثق عن الحزب الوطني الأوكراني في 2016 ، ويتزعّمه مؤسّس الآزوف آندري بيليتسكي، ويضم قدامى المحاربين الأوكرانيين. سيمينياكا على علاقة بأعضاء من منظمات يمينية متطرفة أخرى، بما في ذلك المجموعات الفرنسية، وحزب كازا باوند الإيطالي، والحزب الوطني الألماني، وحركة صعود الولايات المتحدة.
دينيس بروكوبينكو: انضم إلى المجموعة في عام 2014 ، وكان أحد أعضائها الأوائل. هو القائد الحالي لكتيبة الآزوف ويقود المعارك في مدينة ماريوبول على بحر آزوف. تمثل مدينة ماريوبول المركز الرئيسي للآزوف، ولهذا هي تشهد حالياً معارك شرسة، ويعدّ كسرها انكساراً للآزوف.
ازدادت أعداد الآزوف مع مرور الزمن، إذ كانت تضم عند التأسيس في آذار/مارس من العام 2014، 50 فرداً. استمرت هذه الأعداد بالازدياد تدريجياً حتى أصبحت تضم ما يقارب ال1000 فرد في العام 2015، و10000 فرد في العام 2019. أما اليوم، فتضم ما يقارب ال22500 فرد ،جزء منهم منظّم في الكتيبة وجزء آخر تابع للفيلق الوطني والميليشيا الوطنية.
التمويل
تتلقّى الآزوف دعماً من الأوليغارش القوميين في أوكرانيا، بالإضافة إلى الدعم الخارجي الذي يصل من الجماعات الأوروبية والأميركية اليمينية المتطرفة. على رأس هؤلاء الأوليغارش إيغور كولومويسكي الأوكراني الذي يحمل الجنسية "الإسرائيلية"، الملياردير في مجال الطاقة الذي أصبح محافظ مقاطعة دنيبروبتروفسك في العام 2014.
التجنيد
استخدمت المجموعة Facebook وصفحات وسائط اجتماعية أخرى ذات مظهر احترافي لتجنيد أفراد من اليمين المتطرف من أميركا والدول الأوروبية، بما في ذلك بريطانيا وإيطاليا وفرنسا واليونان والدول الاسكندنافية وإسبانيا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك وألمانيا والسويد وإسبانيا وإيطاليا وكندا وفرنسا. وقد شمل المتطوعون الأوروبيون اليمينيون المتطرفون قدامى المحاربين في الجيوش الأوروبية. في عام 2016، سافر أعضاء من كتيبة آزوف والفيلق الوطني إلى بولندا حيث تلقوا تدريباً على العمليات الخاصة من أكاديمية الأمن الأوروبية.
الآزوف والولايات المتحدة[1][2]:
· تدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية برنامجاً تدريبياً سرّياً مكثفاً للقوات شبه العسكرية الأوكرانية، ضمنها مجموعات الآزوف، في قاعدة غير معروفة في جنوب الولايات المتحدة منذ عام 2015. وفقاً لضابط مخابرات سابق، بدأ البرنامج من قبل إدارة أوباما، وتم تطويره من قبل إدارة ترامب، واستكملته إدارة بايدن.
· بدأت وكالة المخابرات المركزية أيضاً السفر إلى الجبهة في شرق أوكرانيا لتقديم المشورة للمجموعات التي تقاتل هناك بحلول عام 2015.
· في عام 2015 أيضاً، ألغى الكونغرس الأميركي حظراً على تمويل الجماعات النازية الجديدة مثل كتيبة آزوف من مشروع قانون الإنفاق لنهاية العام.
· في تموز من العام 2015، أعدّ اثنان من أعضاء الكونغرس تعديلاً على مشروع قانون مخصّصات الدفاع في مجلس النواب الأميركي يحد من "الأسلحة والتدريب والمساعدات الأخرى لميليشيا النازيين الجدد الأوكرانيين المتمثّلة بشكل رئيسي بكتيبة آزوف"، ولكن تم إلغاء التعديل في تشرين الثاني/نوفمبر بعد "ضغط من البنتاغون" على لجنة مخصصات الدفاع في مجلس النواب لإزالة التعديل من ميزانية الدفاع لعام 2016.
· تمويل ودعم الولايات المتحدة الأميركية للقوات المسلحة الأوكرانية وقوات الحرس الوطني الأوكراني يعني أن الآزوف، كجزء من الحرس الوطني، يحصل على الدعم العسكري والتمويل من واشنطن.
· في مقابلة مع The Daily Beast، يتحدث الرقيب إيفان خاركيف من كتيبة آزوف عن تجربة كتيبته مع المدربين والمتطوعين الأميركيين باعتزاز شديد، منوّهاً بدور المتطوعين الأميركيين من المهندسين والمسعفين في مساعدة الآزوف[3].
· في أواخر عام 2021، كانت الولايات المتحدة وأوكرانيا الدولتين الوحيدتين اللتين صوّتتا ضد مشروع قرار بشأن "مكافحة تمجيد النازية والنازية الجديدة والممارسات الأخرى التي تساهم في تأجيج الأشكال المعاصرة للعنصرية"، في الجمعية العامة للأمم المتحدة. قام البلدان بالتصويت ضد هذا القرار سنوياً منذ عام 2014.
· في عام 2017، اعتمد الكونغرس الأميركي مشروع قانون مخصصات البنتاغون، والذي حظر تمويل كتيبة آزوف ووصفها بأنها منظمة نازية جديدة. إلا أن الولايات المتحدة ، ولاسيما في عهد بايدن، استمرت بإرسال السلاح بملايين الدولارات إلى أوكرانيا وإلى الحرس الوطني الأوكراني الذي يضم كتيبة الآزوف.
· في عام 2019، أرسل العضو السابق في الكونغرس الأميركي ماكس روز رسالة إلى وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو يطالب فيها بتصنيف كتيبة آزوف منظمة إرهابية أجنبية، إلا أن الرسالة لم تلقَ أي رد فعل إيجابي.
· في أوائل نيسان/أبريل من العام 2021، بعثت إليسا سلوتكين، وهي عضو في الكونغرس الأميركي، برسالة إلى وزير الخارجية أنطوني بلينكين تطلب فيها تصنيف 13 جماعة وحركة متطرفة يمينية منظمات إرهابية أجنبية، إلا أن هذه الرسالة لم تلقَ أي جواب إيجابي أيضاً.
الخلاصة:
منذ العام 2014 ، تعمل كتيبة آزوف على تدمير كل ما يتعلّق بروسيا في أوكرانيا. ولكي تنجح في مهمّتها، هيّأ لها الغرب جميع الإمكانات المادية والعسكرية التي تحتاجها. وعلى الرغم من صدور تقرير عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان في العام [4]2016 حول انتهاكات جنود الآزوف لحقوق المدنيين في أوكرانيا، من اغتصاب وتعذيب المدنيين، إلا أن هذا التقرير، كما غيره من التقارير التي تدين أي أداة للغرب، لم يغيّر من توجّهات الدول التي تصنّف نفسها "راعية وحامية لحقوق الإنسان". هذه الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة، كان لها الدور الأساسي في تأسيس كتيبة آزوف في أوكرانيا وتدريبها ودعمها. من هنا، يمكن القول إن الولايات المتحدة، كما عملت على تعزيز الكراهية بين الشعوب في الشرق الأوسط من أجل تحقيق أهدافها، هي تعمل أيضاً منذ العام 2014 على دعم كل أوكراني مستعد للذهاب بعيداً في مواجهة كل ما يتعلّق بروسيا في أوكرانيا.
مصادر:
[1] https://www.congress.gov/bill/114th-congress/house-bill/2029/text
[2] https://www.globaltimes.cn/page/202203/1254217.shtml
[3] https://www.thedailybeast.com/is-america-training-neonazis-in-ukraine?ref=scroll
[4] https://www.ohchr.org/sites/default/files/Documents/Countries/UA/Ukraine_14th_HRMMU_Report.pdf