إيران تنتقم: هل اقتربت نهاية العدو الصهيوني؟
بعد الهجوم الإيراني الواسع، اختبأ بايدن ومساعدوه تحت الأرض، وقرّروا أن الردّ الأميركي على إيران سيكون دبلوماسياً، وسيتمّ تنسيقه مع قادة مجموعة السبع!
ليلة 14 نيسان/أبريل لم تكن ليلة عادية أبداً بل هي ليلة تاريخية سوف تعيد كتابة مستقبل منطقة الشرق الأوسط والعالم. ليلة قامت فيها القوة الجو فضائية الإيرانية باستهداف "إسرائيل" بشكل مباشر من الأراضي الإيرانية عبر إطلاق 300 صاروخ وطائرة مسيّرة باتجاه أهداف عسكرية محدّدة في "إسرائيل".
استطاعت إيران أن تدمّر هذه الأهداف بشكل كامل، وبين أبرز هذه الأهداف كانت القاعدة العسكرية التي شنّت الهجوم الإسرائيلي الجبان على القنصلية الإيرانية في دمشق.
لم يكن الشعب الإيراني وحده من نزل إلى الشوارع في وقت متأخر من الليل للاحتفال بهذا النصر الكبير على الكيان المحتل، بل إنّ أغلب المدن العربية والإسلامية بقيت مستيقظة تطلق التكبيرات وكأنها تكبيرات العيد.
منذ أكثر من ستة أشهر على الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة كانت ليلة الأمس ليلة هادئة على الشعب في غزة حيث شعر الغزاويون بالطمأنينة والعنفوان، إن العملية الإيرانية "الوعد الصادق" أعادت للمقهورين من الشعوب العربية والإسلامية روح المقاومة واقتراب النصر الكبير على "إسرائيل". إن عملية "الوعد الصادق" تأخذ أهميتها كونها العملية العسكرية الأولى واسعة النطاق التي تحدث في أعقاب حرب تشرين في 1973.
قرّرت إيران خلال هذه العملية تأديب كلّ من "إسرائيل" والولايات المتحدة عبر قطع مسافة أكثر من 1500 كيلومتر بين إيران والأراضي المحتلة. الهجوم الإيراني جعل المستوطنين والعسكريين في "إسرائيل" يعيشون بعض ما عاشه الشعب الغزاوي الأعزل على مدار أكثر من ستة أشهر من القتل والتدمير. ولذلك وليكون استثنائياً فقد اتخذ هذا الهجوم الطابع المركّب.
فمن الناحية العسكرية والهجومية فقد تعمّدت طهران الاستخدام الاستراتيجي للطائرات من دون طيار، على وجه الخصوص. حيث عملت هذه الطائرات على إشغال أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية والأميركية، لتصل بعدها الطائرات الإيرانية المسيّرة الانتحارية والصواريخ الباليستية والمجنّحة، والتي اخترقت أنظمة الدفاع الجوي والطائرات الحربية لعدد كبير من الدول، مثل بريطانيا والأردن وأميركا و"إسرائيل".
لقد دمّرت هذه الصواريخ والطائرات المسيّرة جميع الأهداف التي كانت على قائمتها. وبالطبع علينا ألّا ننسى أن نشير إلى أن هذا النجاح العسكري وتدمير الأهداف الإسرائيلية تمّ من دون لجوء إيران إلى صواريخها "الفرط صوتية"، والتي لا تستغرق إلا دقائق معدودة للوصول إلى الأراضي المحتلة والتي يدّخرها الإيرانيون لأيّ تصعيد مستقبلي.
وتزامناً مع الهجوم العسكري، شنّت القوات الإيرانية المتخصصة في مجال الهجمات السيبرانية هجوماً واسع النطاق أخرج بعض الإدارات والمؤسسات الإسرائيلية عن العمل. وقد أوردت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن هذه الهجمات السيبرانية حيّدت بعض أنظمة الدفاع الجوي بشكل مباشر، وساهمت كذلك بقطع الكهرباء والإنترنت عن مناطق واسعة من "إسرائيل". أما من ناحية الهجوم المركّب الجغرافي، فقد قام حلفاء إيران بشنّ هجمات كبيرة من جنوب سوريا وجنوب لبنان واليمن، وذلك في محاكاة للمعركة النهائية مع "إسرائيل" حيث جرى تفعيل مفهوم وحدة الساحات بشكل عملي.
إن الهجوم الإيراني التاريخي في 14 نيسان/أبريل فرض معادلة ردع إيرانية إقليمية ودولية. فهو أشار إلى القدرات العسكرية الإيرانية واستعداد إيران إلى الذهاب بعيداً جداً في ردّها العسكري إذا ما تعرّضت مصالحها وكرامتها للخطر. ومن الأدلة على وسع معادلة الردع الإيراني علينا أن نشير إلى البيانات الأميركية المتكررة، سواء من الرئيس بايدن أو من وزير دفاعه "لويد أوستن"، أو وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون، هذه الأجهزة الأميركية تكرّر جملة واحدة هي أن الولايات المتحدة لا ترغب في صراع عسكري مع إيران، وبأنها لن تتدخّل في أيّ هجوم عسكري إسرائيلي مضاد.
على مدار السنوات الماضية جرى الحديث عن ظهور عالم متعدّد الأقطاب وخارج عن أحادية القطب الأميركية التي فرضها انهيار الاتحاد السوفياتي في التسعينيات. ولكن هذه التحليلات والتوقّعات كانت من دون أدلة تجريبية وملموسة على الأرض. ولكن بعد 14 نيسان/أبريل ظهر الدليل واضحاً على التحوّل في مراكز صنع القرار العالمي، وإعادة توزيع مراكز القوى على مستوى العالم.
إيران هدّدت ونفّذت تهديدها ضد "إسرائيل" متجاهلة جميع تهديدات البريطانيين والأميركيين الذين كانوا قد أشاروا إلى أنهم سيتدخّلون إلى جانب "إسرائيل" عسكرياً، ولكن وبعد الهجوم الإيراني الواسع، اختبأ بايدن ومساعدوه تحت الأرض، وقرّروا أن الردّ الأميركي على إيران سيكون دبلوماسياً، وسيتمّ تنسيقه مع قادة مجموعة السبع!!!
الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ بداية تأسيسها كانت وستبقى لاعباً دولياً يفرض معادلاته على القوى الإقليمية والدولية. حيث تحدّت الثورة الإسلامية الهيمنة الأميركية على المنطقة، ووضعت القضية الفلسطينية كمحرّك أساس ومبدئي لكلّ تحرّك لها بالنسبة للسياسات الخارجية أو التحالفات الإقليمية. وإن الرد بهذه الطريقة يعني أنّ جميع الطرق في الشرق الأوسط تؤدي إلى طهران. إن معادلة الردع الجديدة تؤكد أنّ المستقبل الجديد للشرق الأوسط لا يمكن اتخاذ أي خطوة فيه من دون النظر إلى المصالح الإيرانية ومصالح محور المقاومة والشعب الفلسطيني.
وأما على مستوى الأمن الجماعي فقد أظهر هجوم "الوعد الصادق" أنّ دول الجوار ستعوّل على تحالفها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بدلاً من التعويل على القوات الأميركية والإسرائيلية، حيث أظهر هذا الهجوم مدى العجز الأميركي عن تقديم أي مساعدة لـ "إسرائيل"، وأظهر أيضاً بأنّ التحالف مع الولايات المتحدة هو كمن يبني بيته بالقرب من البحر. ومن خلال نشر القيادات الإسرائيلية لصور اجتماعاتهم تحت الأرض وسط ذعر وخوف، أصبح واضحاً للشعوب والقيادات بأن نهاية الكيان المغتصب قد اقتربت لا محالة.
ختاماً، لا يمكن تجاهل حقيقة واضحة للغاية وهي أن هناك تلاحماً وثقة متبادلة وكبيرة في إيران بين القيادات العليا والشعب. فبمجرد الإعلان عن العقاب الإيراني لـ "إسرائيل" نزلت حشود غفيرة إلى الشوارع احتفالاً بالنصر الإيراني، وابتهاجاً بنصرة إيران للشعب الفلسطيني في غزة. هذا الشعب الإسلامي العريق لا يفوّت فرصة إلا وأظهر الولاء الكامل لهذه القضية الإنسانية العادلة، سواء في أيام الجمعة أو في يوم القدس العالمي أو الاحتفاء بيوم طوفان الأقصى.
إن الثقة المتبادلة هي من جعلت المرشد الإيراني يقود هذا الهجوم الواسع والمنقطع النظير من جهة، وهذه العلاقة المتلاحمة هي التي جعلت الشعب الإيراني يمارس أعماله اليومية من دون الشعور بأدنى خطر أو تهديد، فلم يهجم الإيرانيون ليقوموا بتخزين المواد الغذائية، ولم ينزلوا إلى الأقبية، ولم يشعروا بالفزع والرعب، فهم على ثقة تامة بأن أكبر جيش وأكبر ترسانة عسكرية في المنطقة ستسهر على فرض الأمن وتأديب المتمرّدين.