"سبتمبر الحاسم".. من سيحكم الجزائر؟
يُعدّ دخول 3 مترشّحين فقط للتنافس على قصر المرادية هو العدد الأقل في تاريخ الرئاسيات الجزائرية المفتوحة منذ 1995، حيث تنافس 5 مرشّحين في آخر انتخابات أجريت في البلاد عام 2019.
موعد مصيري وحاسم ينتظره الجزائريون في السابع من أيلول/سبتمبر المقبل للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، واختيار رئيسهم الجديد للسنوات الخمس المقبلة من بين ثلاثة مرشحين من تيارات سياسية مختلفة تمّ قبول ملفاتهم من قبل المجلس الدستوري، لمنصب الرئيس.
المرشّحون هم، يوسف أوشيش عن جبهة القوى الاشتراكية، وهو أقدم حزب معارض في الجزائر أسسه أحد زعماء الثورة الجزائرية حسين آيت أحمد عام 1963. عبد المجيد تبون الرئيس الحالي للجزائر والذي يرشّح نفسه لولاية ثانية بصفة مستقل. وحساني شريف عبد العالي عن حركة مجتمع السلم ذات التوجّه الإسلامي والذي يعدّ أيضاً من بين أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر ذات التوجّه الديني الإخواني.
وفي تعهّداتهم خلال التجمّعات الانتخابية، وعد تبون بفتح المعابر مع النيجر وليبيا، مشيراً إلى أنّ الجزائر اليوم إنتاجها قوي في عدّة مجالات تسمح لها بالتسويق في دول الجوار. في حين أعرب المرشّح، عبد العالي حساني، أنه سيجعل من بعض الولايات مدناً اقتصادية كبرى. أما المرشّح، يوسف أوشيش، فأكد بدوره أنّ برنامجه الانتخابي يقدّم مشروعاً تنموياً بديلاً للنهوض بالبلاد.
ويُعدّ دخول 3 مترشّحين فقط للتنافس على قصر المرادية هو العدد الأقل في تاريخ الرئاسيات الجزائرية المفتوحة منذ 1995، حيث تنافس 5 مرشّحين في آخر انتخابات أجريت في البلاد عام 2019.
ماذا حقّق تبون في 5 سنوات؟
تولّى عبد المجيد تبون منصب رئيس الجزائر في 19 كانون الأول/ديسمبر عام 2019 في ولاية استمرّت لخمس سنوات متتالية، عقب استقالة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة في أعقاب انتفاضة شعبية اندلعت في العام نفسه رفضاً لترشّح بوتفليقة لولاية خامسة والذي تولّى العرش الرئاسي لعشرين عاماً.
54 تعهّداً أطلقها تبون خلال حملته الانتخابية السابقة وأقسم على تحقيقها في حفل تنصيبه رئيساً للبلاد عام 2019، حقّق الكثير منها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً بحسب الإعلام الجزائري. وراجع الرئيس تبون بشكل عميق الدستور، وألغى العمل بنظام الولاية الرئاسية المفتوحة، لتحلّ مكانها ولاية مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. كما أنعش في ولايته منظومتي الاقتصاد والدبلوماسية وغيرهما.
وفي خطابه في أيار/مايو الماضي أكد تبون أنّ التطوّر الذي تشهده الجزائر أمر ملموس لا ينكره إلا جاحد، وأنّ وتيرة النمو ستظهر، باستكمال المشروعات الكبرى في آفاق 2027.
تصريح آخر لإبراهيم مراد مدير الحملة الانتخابية الحالية للرئيس تبون، أكد خلاله أن كل الالتزامات التي تعهّد بها تبون في العهدة الأولى تمّ تجسيدها على أرض الواقع.
وبحسب الإعلام الجزائري سدّدت الجزائر خلال ولاية تبون جميع ديونها إذ بلغ الناتج المحلي نحو 267 مليار دولار، ومن المتوقّع أن يرتفع إلى 400 مليار عام 2025.
وأيضاً عادت الجزائر إلى الساحتين الإقليمية والدولية بقوة، وحصلت على مقعدين في مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان، كما استمرت في دعم القضية الفلسطينية مع رفض التطبيع مع "إسرائيل" بشكل قطعي، وجمعت الفصائل الفلسطينية التي وقّعت بيان الجزائر للوحدة الوطنية بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 2022.
تاريخ الجزائر قبل الاستقلال وخلاله وبعده
مرّت الجزائر في العديد من التحوّلات السياسية منذ الاستقلال في الخامس من تموز/يوليو عام 1962 وحتى يومنا هذا، وخلال هذه الفترة الزمنية تولّى 11 رئيساً (بين انتقالي ومؤقت ومنتخب) منصب رئيس الجمهورية، بدأت من فترة حكم أحمد بن بلة وحتى عبد المجيد تبون الرئيس الحالي والمرشّح لولاية ثانية.
ثلاث فترات انتقالية مرّت بها الجزائر بين عامي 1830 و2024 بدأت بحقبة الاستعمار الفرنسي، ثم حرب الاستقلال، وصولاً إلى عصر ما بعد الاستقلال، وهي الفترة التي شهدت تحديات كبيرة سياسية واقتصادية واجتماعية تخلّلتها حرب أهلية وانتفاضات شعبية مطلبية.
بين حزيران/يونيو 1830 لغاية الاستقلال في 5 تموز/يوليو 1962 شهدت الجزائر محطات متنوّعة في حقبة الاستعمار الفرنسي، الذي مارس في تلك الفترة أبشع أنواع التنكيل والقتل بحقّ الجزائريين، وكانت حصيلة الضحايا بحسب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أكثر من 5 ملايين قتيل طيلة قرن وربع القرن، في حين كشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في تقرير لها عام 2017، أن عدد ضحايا الاستعمار الفرنسي فاق 10 ملايين شخص.
وفي ضوء هذا التاريخ الحافل تُعدّ الانتخابات الرئاسية الجزائرية ظاهرة ديمقراطية وممارسة حضارية لتأكيد حرية الفرد في اختيار من يراه مناسباً لتمثيله في السلطة.
كلمة الفصل
يواجه المترشّحون الثلاثة تحديات جمة أبرزها أهمية رفع نسبة المشاركة السياسية والتصويت في الانتخابات، كون هذا الاستحقاق هو ثاني تجربة سياسية بعد حراك 22 شباط/فبراير 2019، وإقناع الشعب بخوارزميات سياسة المرشحين في برامجهم الانتخابية واستكمالهم للإصلاح في البلاد.
وتبقى كلمة الفصل للشعب الذي سيقرّر من سيرأسه في ولاية جديدة قوامها الشراكة السياسية الوطنية وتثبيت منهج الإصلاح القائم على الواقعية والموضوعية والمرحلية، والاستمرار في مسار ومعالجة الاختلالات ومكافحة الفساد ومناهضة الاستبداد.
وفي هذه المرحلة المهمة يجب على الناخبين الاطلاع بدقة على البرامج الانتخابية لكلّ مترشّح، وإجراء المقارنات اللازمة لاختيار الرئيس الأنسب للوطن.
وبحسب الأرقام الرسمية يبلغ العدد الإجمالي للناخبين 24 مليوناً و351 ألفاً و551 ناخباً، يتوزّعون بين: 865 ألفاً و490 ناخباً خارج الجزائر، و23 مليوناً و486 ألفاً و61 ناخباً في الداخل.